الهاشل: نجحنا في تحقيق هدفين متعارضين

  • 5/1/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

قال محافظ بنك الكويت المركزي الدكتور محمد الهاشل إن البنك يتبع «سياسة متحوطة وباتزان تنظر إلى الأوضاع بنظرة شمولية وتأخذ في الاعتبار الأوضاع الحالية والمستقبلية، كما يتدرج في تطبيق السياسات التحوطية بشقيها الجزئي والكلي». وأوضح الهاشل في مقابلة مع قناة العربية أنه بسبب هذه السياسات المتحوطة المتوازنة «استطعنا أن نحصن القطاع المصرفي دون أي تدخل أو خطط إنقاذ من الحكومة كما استمر القطاع المصرفي في القيام بدوره في الوساطة المالية بالاقتصاد المحلي مرورا بكل الأزمات». ورأى أن العالم مقبل على تحديات جسيمة مختلفة عن السابق، موضحا أن «الماضي لن يكون مؤشرا جيدا للمستقبل» في ظل ارتفاع مستويات الدين العالمي وتغير السياسات في الدول الكبرى وغموضها، ما سيلقي بظلاله على النمو العالمي واقتصادات المنطقة. وأضاف ان السنوات الـ 10 الماضية كانت ممتلئة بالتحديات، ابتداء بأزمة الرهون العقارية في الولايات المتحدة الأميركية، ثم أزمة الديون السيادية في أوروبا عام 2010 «ثم حين داهمتنا الأزمة في عقر دارنا من خلال انخفاض حاد في أسعار النفط منذ 2014». وأفاد بأن هذه الأزمات، خصوصا الأزمة المالية العالمية كشفت عن ضعف إدارات المخاطر وضعف معايير الحوكمة في المؤسسات المالية في العالم ككل، ما حتم علينا نظرة شمولية مختلفة وإعادة مراجعة منظومة الرقابة بشكل كامل ليس فقط في الشق الجزئي، بل أيضا على المستوى الكلي. وذكر أن البنك المركزي اتخذ إجراءات تحوطية متزنة منذ اندلاع الأزمة العالمية، مكّنت القطاع المصرفي من تعزيز مكانته في الاقتصاد المحلي، ليستمر في القيام بدوره في الوساطة المالية في الاقتصاد «وأدت إلى دخول البنوك في أزمة انخفاض النفط من موقع قوة واستمرارها في ممارسة دورها بشكل سليم في الاقتصاد». وقال إن أبرز التحديات تتضمن ارتفاع حجم الدين العالمي إلى مستويات غير مسبوقة عند مستوى 244 تريليون دولار أميركي، أي ما يعادل 320 في المئة من الناتج العالمي الإجمالي، مبينا أن هذا الرقم يشمل الديون السيادية وديون القطاع الخاص والأفراد. واعتبر الهاشل أن «تحدّي الديون كبير، خاصة للدول والمؤسسات والأفراد المقترضين بعملات أجنبية، في ظل ارتفاع معدلات الفائدة والسياسات النقدية الانكماشية في الاقتصادات الكبرى، وكذلك ارتفاع أسعار الصرف للعملات العالمية، ما سيزيد من عبء سداد الديون بالعملات الأجنبية». وأوضح أن التحديات تتضمن أيضا التغيّر الكبير والجذري في السياسات بالدول الكبرى وغموض هذه السياسات والتركيز على النظرة الداخلية وتعزيز النزعة الحمائية وبروز الحرب التجارية بين الاقتصادات الكبرى. ورأى أن هذه العوامل ستلقي بظلها على نمو الاقتصاد العالمي، خصوصا «اننا نعيش في اقتصادات منفتحة على العالم، وبالتبعية سنتأثر بلا شك عندما يحدث ركود أو تباطؤ في الاقتصاد العالمي، ما سيؤثر في الطلب العالمي، وبالتالي يتأثر الطلب على النفط، وهو المورد الأساس في اقتصاداتنا المحلية، وهذا بدوره سينعكس كأحد الآثار المباشرة على اقتصادنا المحلي». وأشار محمد الهاشل إلى تحدّ آخر يواجه القطاع المصرفي؛ يتمثل في «الثورات التقنية والتغيّرات الجذرية في طلبات العملاء واحتياجاتهم، ما يحتم على المؤسسات المالية أن تنظر نظرة مختلفة تماما إلى احتياجات ومتطلبات العملاء لتلبيتها بالشكل السليم والمطلوب». وأكد أنه «ليس بالأمر اليسير رسم سياسة نقدية موائمة للظروف الاقتصادية المحلية، في ظل نظام سعر الصرف المطبّق في الكويت والمرتبط بسلة من عملات الدول الكبرى التي تربطنا بها علاقات مالية وتجارية، خصوصا في الظروف الاقتصادية الراهنة العالمية والمحلية». وبيّن أن السياسة النقدية الأميركية اتجهت نحو التقييد والانكماش في الفترة الماضية، وإن كان ذلك قد تغيّر مؤخرا في الاجتماعين الأخيرين للمجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي في ديسمبر 2018 ومارس 2019، حيث تغيّر توجّه السياسة النقدية نحو الصبر قليلا، والانتظار لحين بروز بيانات أكثر تبيّن اتجاه الاقتصاد الأميركي». وأوضح أن سياسة التقييد الأميركية استمرت على الأقل في الفترة منذ ديسمبر 2015، عندما بدأ المجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي برفع أسعار الفائدة مرة واحدة، ثم في ديسمبر 2016 مرة أخرى، ثم في 2017 ثلاث مرات، وفي 2018 أربع مرات. وحول السياسة النقدية الكويتية، قال الهاشل «في الكويت رفعنا الفائدة فقط أربع مرات، وخالفنا الاحتياطي الفدرالي خمس مرات أخرى، وذلك لتحقيق هدفين قد يكونان متعارضين في الوقت الراهن، لكنهما من المتطلبات والثوابت الأساسية عند بنك الكويت المركزي». وأوضح أن الهدف الأول هو تكريس جاذبية الدينار الكويتي وبقاؤه كوعاء موثوق مجزٍ للمدخرات المحلية، مبينا أن هذا الهدف يدعو إلى رفع أسعار الفائدة عندما يرفعها الفدرالي الأميركي، حتى نحافظ على هوامش إيجابية لمصلحة الدينار الكويتي. وذكر في السياق ذاته «في المقابل، نحتاج توفير بيئة مواتية للنمو الاقتصادي وتخفيف الأعباء عن المقترضين وتشجيع القطاع الخاص على الاقتراض للمساهمة في النمو الاقتصادي، وهذا يدعوك على الأقل إلى الإبقاء على أسعار الفائدة». وتابع: «لذلك، كانت أمام البنك المركزي معضلة وصعوبة في رسم سياسة نقدية، ولكن بإشادة من مؤسسات دولية؛ أبرزها صندوق النقد الدولي، استطعنا رسم سياسة نقدية مواتية ومواءمة للظروف الاقتصادية، حقّقت الهدفين معا. فمن جهة، عزّزنا جاذبية الدينار كوعاء للمدّخرات، وفي الوقت نفسه، دعمنا النمو الاقتصادي، من خلال مخالفتنا لأسعار الفائدة الأميركية». وقال: «إذا نظرنا إلى مربع السلامة المالية للقطاع المصرفي الكويتي، من حيث الكفاية الرأسمالية والسيولة وجودة الأصول والربحية، نجد أنها جميعا تدل على متانة وكفاءة القطاع المصرفي؛ فالكفاية الرأسمالية الآن مستوياتها عند 18.3 في المئة، كما في 2018، وبما يفوق بكثير الحد الأدنى المطلوب، وفق تعليمات البنك المركزي ومتطلبات (بازل 3)». وأضاف: «لدينا خمسة مؤشرات للسيولة، جميعها مريحة، بما في ذلك المؤشرات الجديدة، وفق متطلبات «بازل3»، وكذلك بالنسبة الى جودة الأصول؛ إذ انخفضت نسبة الديون المتعثّرة إلى مستوى متدنٍّ، لم نصل اليه تاريخيا عند 1.6 في المئة، وهذه النسبة تعبّر عن مدى جودة الأصول في المحفظة الائتمانية لدى البنوك». وذكر أن «البنوك تحقّق ربحية جيدة، بما يدعم دورها، ويعزز الكفاية الرأسمالية لديها، ويجعلها بمنأى عن الاحتياج الى أي دعم من الخارج؛ إذ نمت أرباحها في العامين الماضيين بنسبتَي 14 و18 في المئة على التوالي». (كونا)

مشاركة :