هالة صدقي: انحصار الأدوار معضلة الكوميديا العربية

  • 5/1/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يشكل مأزق النظرة الفنية الدونية إلى فناني الكوميديا، أحد الأسباب التي تدفع العديد منهم إلى الابتعاد عن تلك المنطقة بحيث لا يكون هناك تصنيف بعينه يحصر الممثل في أدوار محددة، ودائما ما يصطدم هؤلاء بتضييق من المخرجين على الاستعانة بهم في أدوار جادة. وقالت الفنانة الكوميدية المصرية هالة صدقي في حوارها مع “العرب”، إن الكوميديا من أعقد الفنون لأنها من الصعب أن تصل إلى أكبر عدد من الجمهور الذي يجيد التفرقة بين الكوميدي الحقيقي ومن يستخف بعقله ويستهزئ به، تحديدا في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الضاغطة التي تتطلب أعمالا كوميدية مختلفة تستطيع أن تؤثر في رغبتهم نحو الانجذاب إليها. وأضافت أن العديد من فناني الكوميديا أخذوا على عاتقهم التحول لتقديم جميع أنواع الفنون خوفا من حصرهم في مناطق معينة، وأنها أحد هؤلاء، واعتبرت أن حصرها طوال السنوات الماضية في الأدوار الكوميدية كان ظالما لها. صعيدية في القاهرة تشير الفنانة المصرية إلى أن العديد من الكوميديين الذين قرروا تطوير قدراتهم الفنية لتتماشى مع ما تتطلبه السوق من أعمال استطاعوا أن يحققوا نجاحات كبيرة، لأن الفنان الكوميدي يمكنه تقديم جميع الأدوار، لأنه تمكن بالفعل من تقديم أصعبهم، وهو أمر تسعى إليه من خلال الأعمال الفنية التي ستعمل على تقديمها خلال الفترة المقبلة. وتشارك هالة صدقي في موسم رمضان الدرامي ببطولة مسلسل “بركة”، وهو مسلسل اجتماعي، وتؤدي خلاله دور والدة بطل المسلسل عمرو سعد، الذي ينحدر من أصول صعيدية قبل أن يقرر السفر إلى القاهرة بحثا عن فرصة عمل، ويقوم بدعم المغتربين من أهل قريته لحين استقرار أوضاعهم في العاصمة، لكنه عن طريق الصدفة يجد نفسه مطاردا ومهددا، ويتورط في مشاكل كثيرة، لا يسانده فيها إلاّ والدته وابنته. ويعد مسلسل “بركة” أحد الأعمال التي كان مقررا عرضها في شهر رمضان من العام الماضي، غير أنه واجه مشكلات إنتاجية تسببت في تأجيله، ويشارك في بطولة المسلسل كل من إسلام جمال، وكمال أبورية، وعمر زهران، وهنادي مهني، ومصطفى درويش، وأحمد جمال سعيد، وفتوح أحمد، وأنعام سالوسة. والعمل من تأليف محمد الشواف وإخراج محمود كريم. وأكدت صدقي لـ”العرب” أنها حاولت من خلال هذا العمل الخروج عن إطار الكوميديا وتجسيد شخصية مختلفة وجديدة، إذ تقوم بدور الأم العصرية والمتمسكة في الوقت ذاته ببعض العادات والتقاليد الصعيدية الموجودة داخلها بالفطرة، لافتة إلى أن الشخصية تمر بالعديد من المراحل المركبة وهو ما دفعها إلى تأدية الدور الذي تبحث من خلاله عن الانخراط في الأعمال الدرامية المختلفة. وسبق أن قدمت صدقي دور والدة الفنان يوسف الشريف في فيلم “هي فوضى”، في العام 2007، وأكدت أن هذا الفيلم من الأعمال القليلة التي حاول مخرجها خالد يوسف أن يخرج فيها موهبتها الفنية بعيدا عن الإطار الكوميدي، وهو أمر تكرر من وجهة نظرها في مسلسل “حارة اليهود” الذي أدت خلاله دور راقصة. بعيدا عن الكوميدياقدمت هالة صدقي على مدار مشوارها الفني، ما يقارب الـ150 عملا تنوع بين السينما والمسلسلات التلفزيونية والإذاعية، غير أن أعمالها طغى عليها الجانب الكوميدي، وشاركت في العديد من الأعمال التي تركت بصمة في تاريخ الدراما المصرية على رأسها “أرابيسك” و”ونوس” وأفلام “الهروب” و”لا تسألني من أنا” و”زوج تحت الطلب” و”ولاد الإيه” و”قلب الليل” و”هي فوضى”. ولدى صدقي قناعة بأن هناك ظلما يقع على فناني الكوميديا الذين لا يلقون التقدير المناسب من النقاد الفنيين ولجان تحكيم المهرجانات، وأنها تعرضت للأمر ذاته، وتسبب ذلك في أن أول تكريم رسمي لها عبر المهرجانات التي تنظمها الحكومة المصرية كان في مارس الماضي من خلال مهرجان شرم الشيخ للأفلام الآسيوية، على مجمل أعمالها الفنية. وترى الفنانة المصرية أن غالبية النجاحات التي حققتها في مشوارها الفني الممتد منذ مطلع ثمانينات القرن الماضي كانت بعيدة عن الكوميديا، ولذلك فإنها ترفض تصنيف مخرجي الأعمال الفنية الذين يضعونها في هذا الإطار، وطالبتهم بوضعها في مناطق تمثيلية أخرى، ومنحها فرصة البطولة التي تستحقها منذ سنوات طويلة. ولا ترتبط الرغبة في اتجاه نجوم الكوميديا لتأدية الأدوار الاجتماعية المختلفة فقط بعدم تقدير المهرجانات الفنية لأعمالهم، لأن الفنان الكوميدي الناجح يحظى بجماهيرية تفوق الكثير من الفنانين لما يحققه من نسب مشاهدة مرتفعة، وبالتالي فإن الوضع له علاقة بانخفاض مستوى الأعمال الكوميدية المقدمة خلال السنوات الماضية، وذلك يرجع إلى تردي نوعية الكتابة من جانب ومهارات الفنانين على الجانب الآخر. وتعود غالبية المشكلات التي تواجه الأعمال الفنية الكوميدية إلى عدم تطور تقنيات هذا النوع من الفن، وكذلك جهل المؤسسة التي تدعم العمل الفني بما يمكن أن يجذب الجمهور، ما خلق نماذج لا تتجاوز الإضحاك السطحي الخالي من العمق النقدي الذي تمتلكه الكوميديا. وعلى مدار سنوات طويلة عانى أغلب فناني الكوميديا من مسألة حصرهم في تلك الأدوار، وحاول البعض أن يصنع له تاريخا فنيا بالدمج بين الكوميديا وباقي الأشكال الدرامية، ولعل أبرزهم الفنان عادل إمام، ولذلك فإنه كان حاضرا أكثر من أي نجم آخر على منصات التكريم في المهرجانات العربية. ويتبادل عناصر المنظومة الفنية اتهامات بشأن من المتسبب في حصر هذا الفنان أو ذاك في أدوار بعينها، إذ أن ممثلي الكوميديا يرون أن المشكلة في المخرجين الذين لا يحاولون استخراج إمكانيات الفنان في مختلف الأدوار بشكل جيد، وعلى الجانب الآخر فإن المخرجين يرون أن الفنان الكوميدي يبقى عالقا في أذهان الجمهور بأعماله ومن الصعب أن تكون هناك قناعة بالأدوار الأخرى التي يقدمها. ويبرهن البعض من المخرجين على وجهة نظرهم بالتأكيد على أن الكثير من فناني الكوميديا الذين قدموا أدوارا اجتماعية أو أدوار الحرب العنيفة لم يستطيعوا أن يحققوا النجاحات التي حققوها في أعمالهم الكوميدية، وأن أبرز مثال على ذلك الفنان أحمد حلمي الذي لم يستطع الحفاظ على جمهوره الذي اكتسبه من أعماله الكوميدية حينما حاول أن يغيّر من طبيعة الأفلام التي يقدمها. ويؤكد العديد من النقاد الفنيين على أن ممثلي الكوميديا الذين يعتمدون في تأدية أدوارهم على “الأفيهات” (النكات)، يجدون صعوبة في التحوّل إلى تأدية باقي أنواع الفنون، وأن ذلك يرجع إلى عدم اعتمادهم على الأداء الحركي الذي يميز بين فنان وآخر، وفي المقابل فإن الفنان الذي يستطيع أن يصل إلى جمهوره عبر كوميديا الموقف والأداء تكون لديه فرصة أكبر للتميز من خلال الأعمال الفنية المختلفة. ولكن صدقي أشارت إلى عامل آخر يرتبط بالأزمات الإنتاجية التي تعانيها الدراما والسينما في مصر، والتي تجعل من المجازفة بنجوم الكوميديا في الأدوار المختلفة أمرا صعبا للغاية، تحديدا مع الخسائر التي تواجهها السينما، وقلة المسلسلات المعروضة في موسم رمضان الدرامي.

مشاركة :