قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب غير المتوقع منع جميع مشتريات النفط الإيراني بعد الأول من مايو أيار، الذي أنهى إعفاءات كانت ممنوحة لثماني دول، جاء بعدما خفف مستشارون اقتصاديون وأمنيون من صقور الإدارة الأمريكية مخاوف الرئيس من ارتفاع سعر النفط وذلك وفقا لثلاثة مصادر مطلعة على ما دار من نقاش. وتلقي هذه الخطوة الضوء على النفوذ القوي لأصحاب المواقف المتشددة بين المقربين من ترامب الذين دعوا على مدى شهور لتشديد العقوبات في مواجهة معارضة بعض مسؤولي وزارة الخارجية الذين كانوا يفضلون السماح لبعض الشركاء والحلفاء بمواصلة شراء النفط الإيراني. واستقر الرأي على الخطوة غير المسبوقة التي تقطع شريان الحياة المالي لطهران كلية قبل أيام من إعلانها يوم 22 أبريل نيسان. وقال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية لرويترز “لم يحاول أحد فعليا دفع الأمر إلى وقف الصادرات تماما” وأضاف أن التوصل لتوافق بين إدارات الحكومة احتاج إلى “الكثير من العمل”. وظل ترامب متحمسا لوقف صادرات النفط الإيرانية منذ فرض العقوبات على طهران في نوفمبر تشرين الثاني الماضي لأول مرة منذ عام 2015 في خطوة تهدف لمعاقبة إيران على طموحاتها النووية ودعمها لجماعات مسلحة متشددة في الشرق الأوسط. وأيد ترامب في البداية اتباع نهج بطيء ومنح إعفاءات لحلفاء وشركاء تجاريين مثل الصين والهند وتركيا. والآن استبعدت الولايات المتحدة نحو مليوني برميل من النفط يوميا من الإمدادات العالمية بفعل العقوبات على قطاعي النفط في إيران وفنزويلا. لكن واشنطن تأمل أن يحافظ إنتاج النفط الأمريكي المرتفع، وهو الآن في أعلى مستوياته على الإطلاق بعدما تجاوز 12 مليون برميل يوميا، على كفاية الإمدادات في الأسواق العالمية وأن يبقي الأسعار منخفضة. وقالت المصادر التي طلبت عدم ذكر أسمائها إنه بحلول يوم 20 أبريل نيسان ومع قرب انتهاء فترة الإعفاءات الممنوحة في الأول من مايو أيار أقنع كبار المستشارين الاقتصاديين والأمنيين ترامب بأن الوقت قد حان لوقف صادرات النفط الإيرانية كلية. وذكرت المصادر أن وزارة الخارجية الأمريكية أجرت محادثات مع ما لا يقل عن خمسة من الدول الثمانية التي مُنحت إعفاءات هي الصين والهند وكوريا الجنوبية واليابان وتركيا. كما ناقش ترامب الأمر مع مستشار الأمن القومي جون بولتون ووزير الخزانة ستيفن منوتشين ووزير الطاقة ريك بيري ووزير الخارجية مايك بومبيو. وقالت المصادر إنه في حين أيد بولتون وبيري إنهاء الإعفاءات أشار البعض في وزارة الخارجية مجددا إلى مخاوف من ارتفاع محتمل في أسعار النفط لكنهم سحبوا اعتراضاتهم في نهاية الأمر وأيدوا سياسة أكثر تشددا تجاه إيران. * إعلان مفاجئ باغت القرار الأمريكي عددا من حلفاء الولايات المتحدة ومشتري النفط الإيراني. وقدمت وزارة الخارجية الصينية شكوى رسمية للولايات المتحدة. والتقت رويترز مع دبلوماسيين من بلدين على الأقل من كبار مستوردي النفط الإيراني كل على حدة وقالوا إن المناقشات بشأن تجديد الإعفاءات استمرت حتى أيام قليلة قبل الإعلان عن تعليقها مما يشير إلى أن وزارة الخارجية الأمريكية لم يُتح لها سوى وقت قصير لإبلاغ الشركاء بالقرار. وقال مسؤولون في وزارة الخارجية إن إدارة ترامب كانت تعتزم منذ البداية وقف صادرات النفط الإيرانية لكن التوقيت لم يكن ملائما حتى الآن. وقال مصدران إن مجلس الأمن القومي لعب دورا مهما في توجيه دفة النقاش نحو إنهاء الإعفاءات خاصة ريتشارد جولدبرج وهو عضو جديد في الإدارة الأمريكية ويناصر سياسة مواجهة إيران منذ وقت طويل. وقال أحد المصادر إن جولدبرج كان له دور “فعال”. وضم بولتون جولدبرج إلى مجلس الأمن القومي في العام الحالي. وعندما كان جولدبرج مستشارا في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات للأبحاث في عام 2018 قال للكونجرس إن ردع أنشطة إيران النووية يحتاج إلى “أسلوب شديد السرعة لا تكبله أي قيود” يشمل حربا سياسية واقتصادية وأيديولوجية إضافة إلى عمليات معلنة وسرية لطرد القوات الإيرانية من سوريا واليمن. وقال مسؤول ثان كبير في الإدارة الأمريكية إن كيفن هاست ولاري كدلو المستشارين الاقتصاديين للبيت الأبيض دعيا أيضا لإنهاء الإعفاءات. وقال فرانك فانون مساعد وزير الخارجية لشؤون موارد الطاقة “نحن نفعل ذلك…في أوضاع سوق مواتية في ظل التزام كامل من الدول المنتجة. نرى أن هذا هو الوقت الصحيح”.
مشاركة :