مبارك حبيب – أبطلت المحكمة الدستورية أمس، برئاسة المستشار يوسف المطاوعة، قانون تعارّض المصالح الذي أقرته الحكومة مؤخرا بموافقة مجلس الأمة، وقضت بعدم دستوريته، كما قضت بسقوط لائحته التنفيذية، ووصفته بأنه قانون غامض ومبهم، ولم يحدد الفعل المعاقب عليه. وأوضحت المحكمة في حيثياتها أن نصوص المواد المطعون عليها التبس معناها على المخاطبين بها والقائمين على تطبيقها، وأثير الجدل حول حقيقة محتواها، بحيث لا يأمن أحد من الوقوع في دائرة التأثيم بموجبها بشكل شبه حتمي ومن دون ضابط دستوري. واستطردت المحكمة بالقول «لا سيما أنها نصوص جزائية لا غنى عن وجوب أن يكون المخاطبون بها على بيّنة من حقيقتها، والوقوف على مقصودها ومجال تطبيقها، لما هو مقرر من أنه إذا كان غموض النصوص التشريعية عامة يعيبها، فإن غموض النصوص الجزائية على نحو يعيب تطبيقها، ويتجاوز الحقوق الدستورية وضوابطها يصمها حتماً بعدم الدستورية، الأمر الذي يتعيّن معه القضاء بعدم دستوريتها». امتناع الفصل وأشارت المحكمة إلى ان الأصل في النصوص القانونية التي ينتظمها موضوع واحد، هو امتناع فصلها عن بعضها، باعتبار أنها تمثل في ما بينها وحدة عضوية، تتكامل أجزاؤها، وكانت نصوص المواد المشار إليها ترتبط مع سائر نصوص القانون ارتباطا لا يقبل الفصل أو التجزئة، فإن القضاء بعدم دستوريتها يستتبع ــــ بحكم اللزوم والارتباط ــــ القضاء بعدم دستورية القانون في جملته. ورأت المحكمة ان نعي الطاعن ـــــ المحامي عادل العبد الهادي ــــ سديد، ذلك أن النص في المادة 32 من الدستور على أنه «لا جريمة إلا بناء على قانون، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة للعمل بالقانون الذي ينص عليها»، يدل على أن مبدأ شرعية الجريمة والعقوبة الذي يخول المشرع بموجب سلطته التقديرية ــــ التي يمارسها وفقاً للدستور ــــ الحق في إنشاء الجرائم وتحديد العقوبات التي تناسبها. وأشارت الى أن الأصل في النصوص الجزائية أن تصاغ في حدود ضيقة تعريفا بالأفعال التي تجرمها، وتحديداً لماهيتها، لضمان ألا يكون التجهيل بها موطناً للإخلال بحقوق كفلها الدستور. حماية الوظيفة وخلصت المحكمة إلى ان المشرّع حرص على حماية الوظيفة العامة من الفساد، فأورد في قانون الجزاء والقوانين المكملة له نصوصاً عاقبت على الجرائم المخلة بواجبات الوظيفة العامة، ومنها الرشوة واستغلال النفوذ واختلاس الأموال الأميرية والاستيلاء عليها. واستدركت المحكمة: «إلا أن الأغراض التي توخّاها القانون لا تكفي وحدها لإضفاء الدستورية عليه، ما لم تكن نصوصه قد التزمت الضوابط ولم تتضمن اعتداء على حق من الحقوق التي كفلها الدستور. ونبّهت المحكمة على أن الأصل في تعارض المصالح أنه محض حالة عارضة لا تُشكّل في حد ذاتها إثما جنائيا، ما لم تقترن بسلوك من الخاضع، من شأنه أن يرتب ضرراً بالوظيفة أو المصلحة العامة. انعدام السند القانوني قالت المحكمة في ختام حيثياتها: إنه لما كان مقتضى القضاء ــــ وفق ما استقرت عليه هذه المحكمة ــــ يستتبع زوال ما يرتبط بذلك القانون من نصوص تشريعية أخرى ارتباط لزوم، وكانت اللائحة التنفيذية صدرت بناء على القانون الذي قضى بعدم دستوريته، وبالتالي فإن نصوص هذه اللائحة تكون قد تجرّدت من سندها القانوني ما يوجب القضاء بسقوطها تبعاً لذلك. تحديد الأفعال المؤثمة أكدت المحكمة وجوب أن يكون لكل جريمة ركن مادي لا قوام لها بغيره، يتمثّل في فعل أو امتناع وقع بالمخالفة لنص جزائي، وأن تكون الأفعال المؤثمة محددة بصورة قاطعة بما يحول دون التباسها بغيرها، وأن تكون واضحة في بيان الحدود الضيقة لنواهيها حتى يكون المخاطبون بها على بيّنة من حقيقة تلك الأفعال. حدود الملكية ونطاقها بيّنت المحكمة أن الحالة الثانية التي اعتبرها النص من جرائم الفساد هي مجرد امتلاك الخاضع أي حصة أو نسبة من عمل في أي نشاط له تعاملات مالية مع جهة عمله، مؤكدة ان النص في هذا النصوص جاء غير محدد في عباراته وفي المدلول الذي يمكن أن يفسّر به، إذ لم يبيّن حدود تلك الملكية ونطاقها، وأثرها في أعمال الوظيفة. «مكافحة الفساد»: إعداد قانون جديد قالت الهيئة العامة لمكافحة الفساد (نزاهة) إنها تابعت باهتمام بالغ حكم المحكمة الدستورية الصادر أمس، بشأن حظر «تعارُض المصالح»، مؤكدةً احترامها وتقديرها الكاملين لما جاء به الحكم. وتابعت في بيان لها: سنقوم بدراسة الحكم، للوقوف على الأسباب التي أدت إلى صدوره، وسنعمل بالتنسيق مع الجهات المختصة في الدولة على سرعة صدور قانون جديد، ينظّم موضوع حظر «تعارض المصالح». وشدّدت على ضرورة أن يراعي القانون الجديد تجنّب المثالب، وأوجه القصور، التي أوردها حكم المحكمة الدستورية، وذلك لاستيفاء متطلبات التطبيق الامثل لأحكام اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد. «الجنايات»: حبس ضابط 4 سنوات وعزله قضت محكمة الجنايات أمس، برئاسة المستشار احمد الياسين، بحبس ضابط مباحث لمدة 4 سنوات وعزله من الوظيفة، بتهمة تزوير محضر ضبطية تهريب خمور والمتهم فيها موظفون بجمارك المطار. كما قضت المحكمة بحبس مذيعة لبنانية بقناة كويتية خاصة لمدة سنة مع الشغل والنفاذ مع تغريمها 5 آلاف دينار بتهمة التعدّي على الذات الإلهية.
مشاركة :