وجد الصراع بين أمريكا ورسيا مؤخرا ساحة جديدة، تمثلت في فنزويلا، فلمن تكون الغلبة، لواشنطن التي تدعم المعارض خوان جوايدو، أم لموسكو التي تؤازر الرئيس الاشتراكي نيكولاس مادورو؟ وما زالت المواجهات في فنزويلا على أشدها، حيث أصيب 27 شخصا، على الأقلّ، بجروح، بينهم واحد بالرصاص، في صدامات دارت الأربعاء في كراكاس بين قوات الأمن ومتظاهرين مؤيدين لزعيم المعارضة خوان جوايدو، كما شهدث العاصمة الفنزويلية، الثلاثاء، صدامات مماثلة أوقعت 69 جريحا بينهم اثنان بالرصاص. وإصابات الأربعاء جاءت إثر اندلاع اشتباكات بين أنصار المعارضة والقوات الفنزويلية في شرق كراكاس مع بدء مسيرات مؤيدة وأخرى معارضة للحكومة يوم عيد العمال. وأطلقت قوات الحرس الوطني الغاز المسيل للدموع على المحتجين في أثناء محاولتهم إغلاق طريق سريع قريب من قاعدة عسكرية حاول فيها جوايدو إشعال انتفاضة عسكرية ضد مادورو. وتتهم أمريكا روسيا بزعزعة استقرار الأوضاع في فنزويلا، وقالت وزارة الخارجية الأمريكية، إن الوزير مايك بومبيو قال لنظيره الروسي سيرجي لافروف، خلال اتصال هاتفي الأربعاء، إن موسكو “تزعزع الاستقرار” في فنزويلا، ودعا روسيا مجددا إلى التوقف عن دعم الرئيس الاشتراكي نيكولاس مادورو. ووفقا للمتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، مورجان أورتاجوس، فإن بومبيو شدد على أن “تدخل روسيا وكوبا يزعزع الوضع في فنزويلا، ويزعزع العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة وروسيا”. كما حث بومبيو أيضا روسيا على وقف دعمها لنيكولاس مادورو، وإلى الانضمام إلى الأغلبية الساحقة للدول الغربية التي تريد مستقبلا أفضل للشعب الفنزويلي. بينما ردت روسيا بأن تدخل واشنطن في شؤون فنزويلا يعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي، وقالت وزارة الخارجية الروسية، في بيان الأربعاء، إن لافروف قال لنظيره الأمريكي، إن “هذا التأثير المدمر لا علاقة له بتاتا بالديمقراطية”. كما انتقد بيان الخارجية الروسية كلام الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ووزير خارجيته مايك بومبيو عن عدم استبعاد الخيار العسكري في فنزويلا، حيث قال لافروف “إن تداعيات” هذه التصريحات “قد تكون وخيمة جدا”، مضيفا أن “الشعب الفنزويلي وحده له الحق في تقرير مصيره”، ومطالباً بـ”الحوار بين جميع القوى السياسية في البلاد، وهو ما اعترفت به الحكومة منذ فترة طويلة”. وفي إطار التدخل العسكري الأمريكي -غير المستبعد- في فنزويلا، أعلن البنتاجون، أن وزير الدفاع بالوكالة، باتريك شاناهان، ألغى رحلة إلى أوروبا بسبب الأزمة في فنزويلا، والأحداث على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك. وقال المتحدث باسم الوزارة، جو بوتشينو، “لن يتوجه الوزير شاناهان إلى أوروبا بعد أن قرر أن وجوده الحالي في العاصمة سيسمح له بالتنسيق بشكل أكثر فعالية مع وكالة الأمن القومي ووزارة الخارجية في فنزويلا ومواصلة التنسيق مع وزارة الأمن الوطني للحصول على دعم على طول الحدود الجنوبية الغربية”. وكان من المقرر أن يحضر شاناهان احتفالات في ألمانيا وبلجيكا بمناسبة تغيير قائد القيادة الأمريكية الأوروبية، والقائد الأعلى في حلف شمال الأطلسي، وكان من المتوقع أن يلتقي نظيره البريطاني جافن ويليامسون قبل عودته السبت. ومارست السلطات الأمريكية، الثلاثاء، ضغوطا مكثفة على الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، موجهة تحذيرات لأنصاره مع تحريض المسؤولين في كراكاس على الانشقاق والانضمام إلى المعارض خوان جوايدو. بالإضافة إلى روسيا، تؤازر كوبا الاشتراكي مادورو، وتظاهر آلاف الكوبيين، الأربعاء، في حضور الرئيس ميجيل دياز-كانيل وسلفه راؤول كاسترو، تحت شعار “وحدة، عزم وانتصار”، دعما لمادورو، وضد ترامب، الذي هدد الجزيرة بحصار “شامل”. والثلاثاء طالب ترامب كوبا بوقف دعمها العسكري لنظام مادورو، مهددا بفرض “حظر كامل وشامل” على الجزيرة، هو التهديد الذي رفضه الرئيس الكوبي “بقوة”. وقال دياز-كانيل، في تغريدة على تويتر، “لا عمليات عسكرية، ولا قوات كوبية في فنزويلا”، وأضاف “أوقفوا الأكاذيب”، داعيا المجتمع الدولي إلى “وقف التصعيد الخطير” وإلى “الحفاظ على السلام”. وبعيدا موقف أمريكا ورسيا، تلقي الأحداث في فنزويلا بظلالها على المجتمع الدولي كله، ومن جانبها دعت الأمم المتحدة إلى “الهدوء”، وطالب الأمين العام أنطونيو جوتيريش “جميع الأطراف إلى تجنب اللجوء إلى العنف”. كما دعا الاتحاد الأوروبي إلى ضبط النفس ، وأعلنت وزيرة خارجيته فيديريكا موجيريني، رفض الاتحاد كلّ أشكال العنف، ودعت إلى أقصى درجات ضبط النفس لتفادي خسارة الأرواح وتصعيد التوتّرات، “نؤكّد مجدّداً أنّ المسار السياسي والسلمي والديمقراطي هو السبيل الوحيد للخروج من الأزمات العديدة التي تواجهها البلاد”. كما دعت الحكومة الإسبانية إلى تجنب أي “إراقة للدماء”، مشددة على ضرورة أن يأتي حل الأزمة من “تحرك سلمي”، ومثل دعت الحكومة البريطانية إلى “نفس الحل” -السلمي- للأزمة، وإن قالت إن “نظام مادورو يجب أن يزول”. وفي حين دعت كولومبيا إلى الوقوف “في الجانب الصحيح”، ودعت الجيش الفنزويلي إلى الانضمام إلى زعيم المعارضة خوان جوايدو، ترى بوليفيا أن ما ث “محاولة انقلابية” على مادورو، وكتب الرئيس البوليفي ايفو موراليس، الحليف السياسي لنيكولاس مادورو، على موقعه في تويتر، “ندين بشدة محاولة الانقلاب في فنزويلا، التي قام بها اليمين الخاضع للمصالح الأجنبية”. تباين المواقف من الأزمة في فزويلا شاسع ولا تقتصر على أمريكا وروسيا، ففي حين اعتبر وزير الخارجية البرازيلي، أرنستو أراوجو تأييد العسكريين الفنزويليين للمعارض جوايدو موقفا إيجابيا”، كتب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على تويتر منددا بـ”محاولة الانقلاب في فنزويلا”، وكذلك إيران “سعيدة” لفشل “محاولة الانقلاب”، كما أدانت سوريا “محاولة الانقلاب الفاشلة”، واتهمت الولايات المتحدة بالسعي لزعزعة الاستقرار في فنزويلا.
مشاركة :