في محاولة لتجاوز مرحلة الرئيس المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة ومواكبة تطورات المشهد السياسي في البلاد، انتخب حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم رجل الأعمال محمد جميعي أمينا عاما للحزب بعد شهر تقريبا تحت ضغط احتجاجات حاشدة. لكن تنحي بوتفليقة لم يسفر عن تهدئة المحتجين الذين يطالبون حاليا بإسقاط النخبة الحاكمة منذ عقود والتحول نحو مزيد من الديمقراطية في البلاد وشن حملة على الفساد والمحسوبية التي استشرت في البلاد. ويعد جميعي (50 عاما)، الذي يعمل في مجالات عدة منها قطاع الهواتف المحمولة، شخصية شابة نسبيا على رأس الحزب الحاكم الذي تخطى معظم كبار قادته 70 عاما ويهيمنون على السلطة في الجزائر منذ استقلالها عن فرنسا عام 1962. ويحل جميعي محل معاذ بو شارب الذي تنحى عن منصبه بعد استقالة بوتفليقة (82 عاما) مثل كثير من مساعدي الرئيس السابق. وسعى الأمين العام الجديد للحزب إلى كسب ثقة السلطات الانتقالية في البلاد وهي من رموز النظام السابق ومرفوضة من قبل الشارع الجزائري. ولم يتابع كثير من الجزائريين تغيير قيادة الحزب الحاكم باهتمام كبير إذ أنهم يضغطون من أجل تغييرات أكبر. وتسعى السلطات الانتقالية بدعم من المؤسسة العسكرية إلى تهدئة الشارع المنتفض بشن حملة اعتقالات واسعة استهدفت رموز النظام السابق من رجال أعمال وسياسيين بتهم فساد.وتمسك الجنرال أحمد قايد صالح بالمقاربة التي تعالج الأزمة السياسية، في إطار التدابير الدستورية، وتجاهل مطالب الحراك الشعبي برحيل السلطة والوجوه التي تتربع على عرش المؤسسات الانتقالية، وأصر على الذهاب لانتخابات رئاسية محل شكوك ومقاطعة واسعة. وأكد رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح، في وقت سابق، أنه سيتم الكشف عن ملفات فساد "ثقيلة" ضمن حملة على الفساد المالي الممنهج. وتواجه مجموعة من الشخصيات القوية بينهم رئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى وزير المالية والعديد من أفراد النخبة تحقيقات قضائية منذ أسابيع. وأكد صالح خلال كلمة من داخل إحدى القواعد العسكرية في مدينة قسنطينة في شرق البلاد "العدالة تحررت من الضغوطات"، مضيفا أن البلد سيتم تطهيره من الفساد والفاسدين. وجاءت تصريحات صالح بعد ساعات من مثول رئيس الوزراء الجزائري السابق أحمد أويحيى، الذي أُقيل من منصبه في تعديل وزاري قبل يومين من تقديم بوتفليقة استقالته، أمام محكمة ضمن تحقيق في قضية فساد. وطالب عشرات المحتجين الذين تجمعوا قرب المحكمة في لافتة مرفوعة بسجن أويحيى. وسبق أن ألقي القبض على خمسة مليارديرات على الأقل بعضهم مقرب من بوتفليقة لاتهامهم بالضلوع في فضائح فساد.
مشاركة :