أسبانيا.. مستقبل مشرق يتجاوز الأزمات - خواكين بيريث بيانوبيا *

  • 10/10/2013
  • 00:00
  • 34
  • 0
  • 0
news-picture

نحتفل من جديد في 12 من شهر أكتوبر باليوم الوطني لأسبانيا.. إن هذا التاريخ يخلد ويحيي في أسبانيا الذكرى السنوية للقائنا مع القارتين الأمريكيتين في نهاية القرن الخامس عشر، الأمر الذي يؤكد النزعة الدائمة لدى بلدنا نحو الانفتاح على العالم الخارجي وإلى أبعد مما وراء البحار. وجنبا إلى جنب مع هذه النزعة، فان أسبانيا حاضرة جدا في المملكة العربية السعودية. إن الأواصر التاريخية تمتد اليوم من خلال العلاقات السياسية المتقاربة الوثيقة جدا، والمقرونة بتناغم فائق بين العائلتين المالكتين وبين العاهلين خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود وصاحب الجلالة الملك خوان كارلوس الأول لأسبانيا. لدى أسبانيا حالياً، وكما هو الحال بالنسبة للسنوات الأخيرة، ميول نحو أوروبا ونحو أمريكا، كما أن إحدى أولى أولوياتها المباشرة الأخرى هي التفاعل مع شمال أفريقيا وكذا مع الشرق الأوسط وعلى وجه الخصوص مع المملكة العربية السعودية. هذه النزعة نحو أمريكا ليس إلا ثمرة للتاريخ واللغة المشتركة، فتواجدت اسبانيا في أمريكا الجنوبية خلال أكثر من 200 عام وكان للأمريكتين تأثير هام على مملكة اسبانيا التي تميزت في حينها بعلاقاتها التجارية الوثيقة مع تلك الدول المتواجدة في الطرف الآخر من المحيط الأطلسي والتي كانت تشكل آنذاك جزءا من التاج الأسباني. إن علاقاتنا مع شمال أفريقيا هي مباشرة ليس فقط لكونها لا تبعد عنا إلا بضعة كيلومترات، بل أيضا نظرا للتقارب الناشئ بيننا نتيجة للمصالح السياسية والاقتصادية والاجتماعية الكثيرة. تسهم أسبانيا منذ سنوات في خلق وإيجاد ثروة في شمال أفريقيا وكذا في تحسين ظروف المعيشة لآلاف الأشخاص الذين يحاولون عبور تلك البلدان الواقعة على الساحل الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط بغية الوصول إلى الأراضي الأوروبية، بحثاً عن حياة أفضل. تعتبر أسبانيا البحر الأبيض المتوسط بحراً داخلياً ضمن مجتمع من المصالح بين كلا الساحلين، حيث يتوجب على هذا المجتمع التطور والتنمية مستقبلاً بشكل حتمي وذلك لفائدة الجميع. إن علاقة أسبانيا بالشرق الأوسط تمتد إلى عمق التاريخ، وهي ذات أهمية بالغة بالنسبة لها. إن المملكة العربية السعودية هي شريك مهم يدعم مبادرتنا ورغبتنا الدائمة في الإسهام في حل الأزمات العالقة في المنطقة، من خلال الحوار وخلق فرص للتعاون. كان الوضع الاقتصادي في أسبانيا صعبا في السنوات الأخيرة وكانت العواقب على السكان وخيمة وذات طعم مر أحيانا.. لدى أسبانيا مشكلة أساسية ألا وهي البطالة الناتجة عن التوقف المفاجئ للاقتصاد بسبب الأزمة المالية العميقة جدا وبسبب بعض التوجهات الخاطئة للاقتصاد الأسباني منذ سنوات. ولكن حاليا قد خرجت أسبانيا من التباطؤ الاقتصادي على الرغم من أنها لم تخرج حتى الآن من الأزمة، حسب ما أشار إليه رئيس حكومتنا. نستطيع أن نقول إنه هناك نور في نهاية النفق، مشيرا إلى أن هذا ليس رأي الحكومة الأسبانية فقط بل هو رأي أغلب المحللين الدوليين. إن التدابير التقشفية على الضرائب والميزانية بالإضافة إلى التدابير المتخذة لتصحيح القطاع المصرفي والتعديلات في سوق العمل ولدت بعض التغيرات الهيكلية في أسبانيا أدت إلى إعادة تنشيط اقتصادنا. إن أسبانيا كانت على الدوام ومنذ ما يزيد عن ثلاثين عاما بلدا يتمتع بهيكلية صناعية وبمستويات تقنية عالية جدا، ويمكن رؤية ذلك خصيصا في الوقت الراهن في مجال النقل والطاقات المتجددة وإنتاج السيارات وحتى في مجال الإلكترونيات وصناعة الطائرات. وانطلاقا من هذه القاعدة فإن علاقاتنا وتبادلاتنا الاقتصادية والتجارية مع المملكة العربية السعودية تظهر أرقاما مرضية وهذا ينعكس في الصادرات إلى المملكة، والتي كانت خلال الستة أشهر الأولى من العام الحالي مماثلة لتلك في عام 2012م، فقد وصلت إلى مستويات نمو تفوق 20 % بالمقارنة مع السنوات السابقة. ولذا، فإن المملكة العربية السعودية بالنسبة لأسبانيا هي شريك مصيري.. كما تنوي الحكومة الأسبانية أيضا زيادة حضور بلدنا في مجالات لازالت حتى الآن غير حاضرة فيها بشكل كاف، وكما هو معلوم، هناك حالياً شراكة مكونة من مؤسسات أسبانية تقوم ببناء مشروع القطار الفائق السرعة بين المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة. كما تقوم شركاتنا ببناء المستشفيات ومحطات لتحلية المياه ومحطات إنتاج الكهرباء والجامعات في المملكة العربية السعودية، ولكن رغبة أسبانيا هي أن تقوم بجهد أكبر لتنمية تعاونها، وتحديدا مع الجامعات السعودية الممتازة وذلك لزيادة حضورها الثقافي في المملكة العربية السعودية، من خلال المعارض والمحاضرات وتعليم اللغة الأسبانية. إن هذه الأمور تشكل الواجب المستقبلي الذي تركز عليه سفارة أسبانيا لدى البلد الشقيق المملكة العربية السعودية، من خلال التعاون الأخوي مع الجهات السعودية في حكومة خادم الحرمين الشريفين. *سفير مملكة أسبانيا لدى المملكة

مشاركة :