يا سيد (غودو) المبَّجل، لا تنتظر شيئاً لا يحدث

  • 5/3/2019
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

1 ... دون أن يحدث شيء، الوقت يمر ويسحقك، ولا شيء يحدث. فماذا تنتظر؟ وإذا حدثت أشياء فهي لا تمسّك في التفاصيل. أعني لماذا تنتظر ما لا يُنتظر؟ هذه هي حياتنا، فليس من الحكمة قضاء الوقت في انتظار شيء لا يحدث. وهو لا يحدث بالضبط عندما تكون في انتظاره، خصوصاً فيما تنتظره جالساً. ففي هذا إهدار للوقت، وتفريط في الحياة. ليس في حياتنا ما يمكن أن يحدث وأنت تنتظره. الانتظار هو عبث في أمرين، إضاعة وقت من العمر القصير النادر، وتعويل على آلية لا تكترث بنا. 2 دون أن يحدث ذلك الشيء، سوف ترى نفسك في مكان غير موجود، وفي زمان غير محسوب في روزنامة العمل. ثمة شيء لا يحدث أبداً، فيما يتوقعه الناس. وأنت ليس من بين الروافع التي يكترث بها ذلك الهوى. الأشياء ليست أنت. فكن على مبعدة من برنامج لا يحسبك، وبمعزل عن فهرس لست في مراياه. فكلما قدرت على النجاة مما يستدرجونك إليه، ويدربونك عليه، فأنت مرشح للتحرر مما يقدّرون. 3 من أين لك كل ذلك العمر النادر القصير كي تهدره في انتظار تفسير حياتك البالغة الغموض. لا ينبغي لك إضاعة الأيام في الظن بأن نجاتك في حدوث ذلك الشيء. قادرٌ على تقدير أقداركَ، إن أنت تريثت قبل الامتثال لوهم انتظاراتهم. ثم، قبل كل شيء، ماذا تريد أنت بالضبط مما هو في غيبٍ غير منظور؟ ما المعنى الذي تسبغه على كلامك كي تكتبه في نصك الوشيك؟ ليس في الانتظار غيرك، فاذهب بعيداً عن محطاتهم ولا تنتظر معهم، أو في معيتهم، ولا تخضع للنفق الذي يكسر عمودك الفقري لفرط شرط الانحناء، فيما تدخل وتتغلغل ولا تجد طريقاً للرجوع. فالانتظار الذي يقترحونه بمثابة مستنقع الوحل، ما أن تضع قدمك الأولى فيه حتى تجد نفسك تتورط في تقدمٍ، يأخذك إلى الوراء، بكل أقدامك دون أن يكون لك خيار التراجع. فلا تدخل ولا تنتظر ولا تمتثل ولا تأمن. 4 إن كنت تشك في العمل، فمن الأجدى أن تسأل الحركة، حيث الانتظار موتٌ ماثل لا يتيح لك الحلم ولا تجد نفسك خطوة على طريق. فلماذا تؤجل حياتك فتفقدها؟ فما يحدث هناك، لا يحدث لك، لكنه يحدث عليك، فلا تنتظره. 5 على هول ما يحدث، وبرغم كارثيته، وعِظمَ ما يعلنون أنه لك، فإنه يحدث ضدك، كل يوم وكل الوقت، يؤسسون لحدوثه من أجل ألا تكون، فهو يحدث ضد كيانك الإنساني، ومن يديره يدرك أنك نقيضه. وحين يسوقونك لانتظاره، فإنما يعملون على تمهيد طريقك للحْدِك، فلا تنتظره، ولا تترك له قيادك. على شمولية ما يحدثونه في الكوكب، فإن جذوة أحلامنا أبعد وأبدع. وهم يحثون السعي من أجل أن نبقى في انتظار النيران تطولنا شلواً شلواً. فماذا تنتظر من انتظاراتهم؟ 6 إن شيئاً لا يحدث، وسعيك لا يبلغ الحلم، وأنت في برد المحطة. فاربأ بنفسك عن أملهم الذي يضاهي الألم. فلديهم لك من الكوارث ما لا تطيق، وما لا يدور لك في الظن. لا تنتظرهم ولا تدعهم.. في انتظارك.

مشاركة :