انتعش الدولار أمس بعد أن عانى خسائر وجيزة الليلة الماضية مع تركيز المتعاملين على التصريحات الواثقة نسبيا من جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي "البنك المركزي الأمريكي" بشأن التوقعات الاقتصادية. وتلقت العملة الأمريكية ضربات بعد تراجع حاد مفاجئ في مؤشر معهد مديري المشتريات للقطاع الصناعي إلى 52.8 في حين حدا خفض توقعات التضخم الأمريكي بالمستثمرين إلى بيع العملة الأمريكية ودفع عوائد أدوات الخزانة للانخفاض. لكن ذلك تغير، عندما قال باول إن العوامل الضاغطة على التضخم قد تكون "عابرة" وإنه لا يرى مبررا لتحريك أسعار الفائدة في أي اتجاه. ونتيجة لذلك، علا الدولار نصفا في المائة فوق أدنى مستويات الليلة الماضية أمام سلة عملات منافسة في حين زادت عوائد سندات الخزانة لأجل عشر سنوات سبع نقاط أساس فوق أقل مستويات الليلة الماضية أيضا. ويعتقد كونستانتينوس أنثيس مدير الأبحاث لدى "إيه.دي.إس.إس" في دبي أن "باول يرى الكوب نصف ملآن. لكن الأهم أنه أوضح بجلاء أنه لا يرى مبررا لرفع أسعار الفائدة، وهو بالطبع ما لن يسعد الرئيس ترمب على الإطلاق". وتراجع اليورو إلى 1.1198 دولار بعد أن بلغ ذروة 1.1265 دولار خلال الليل، في حين استقرت العملة الأمريكية عند 111.55 ين، ارتفاعا من 111.03. واستقر الجنيه الاسترليني على نطاق واسع بعد أن سجل ذروة أسبوعين يوم الأربعاء بفعل تكهنات بأن محادثات الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي بين الحكومة البريطانية وحزب المعارضة الرئيس تحرز بعض التقدم. وبلغ الاسترليني 1.3054 دولار في أحدث سعر له، بعد أن صعد خلال الليل إلى 1.3101 دولار قبيل قرار بنك إنجلترا المركزي. ورفع بنك إنجلترا المركزي توقعاته للنمو أمس لكنه حذر من أن انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي ما زال يلقي بظلاله على توقعات السياسة النقدية، وأن هناك تأثيرا سلبيا فوريا طفيفا لحالة الانتظار لحين وضوح الرؤية. وصوت صناع القرار بالإجماع على إبقاء سعر الفائدة دون تغيير عند 0.75 في المائة، كما كان متوقعا، لكنهم تمسكوا برؤيتهم بشأن الحاجة إلى تشديد السياسة النقدية مستقبلا وهو موقف أكثر تشددا من مجلس الاحتياطي الاتحادي "البنك المركزي الأمريكي" والبنك المركزي الأوروبي. ورفع بنك إنجلترا توقعاته لنمو خامس أكبر اقتصاد في العالم إلى 1.5 في المائة، من توقع كان يبلغ 1.2 في المائة هو الأدنى في عشرة أعوام صدر في شباط (فبراير)، ما يرجع بدرجة كبيرة إلى تحسن التوقعات العالمية ولا يختلف كثيرا عن معدل النمو في 2018. ويرى بنك إنجلترا أن "المسار الأساسي لنمو الناتج المحلي الإجمالي يبدو أقوى قليلا عن المتوقع من قبل لكنه أدنى بقليل من الإمكانيات". وخفض البنك المركزي أيضا توقعاته للبطالة بشدة إلى 3.7 في المائة في غضون عامين مقارنة بـ4.1 في المائة في توقعات شباط (فبراير)، وهو ما يرجع إلى تفضيل الشركات للتوظيف بدلا من الاستثمار في وقت تسوده الضبابية الاقتصادية. من جهة أخرى، تراجع الذهب أمس إلى أدنى مستوياته فيما يزيد قليلا على أسبوع، بعد تصريحات جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي التي حطمت الآمال في خفض سعر الفائدة قريبا، الأمر الذي عزز الدولار وعوائد أدوات الخزانة. وهبط السعر الفوري للذهب 0.3 في المائة إلى 1272.01 دولار للأوقية (الأونصة)، بعد أن تراجع إلى 1270.76 دولار، وهو أدنى مستوياته منذ 24 نيسان (أبريل)، في وقت سابق من الجلسة. وانخفضت عقود الذهب الأمريكية الآجلة 0.9 في المائة إلى 1273.20 دولار للأوقية، وقال ستيفن إينس مدير التداول واستراتيجية السوق لدى "إس.بي.آي" لإدارة الأصول: "نعرف أن مجلس الاحتياطي سيتوقف لبعض الوقت، لكن السوق كانت تأخذ في حساب الأسعار ميلا أكبر صوب التيسير النقدي قرب نهاية 2019". وعلى صعيد المعادن النفيسة الأخرى، نزلت الفضة 0.2 في المائة إلى 14.64 دولار للأوقية لتظل قرب أقل سعر في أكثر من أربعة أشهر 14.57 دولار المسجل يوم الأربعاء، في حين انخفضت أسعار البلاتين 0.2 في المائة إلى 862.15 دولار، بعد ملامسة 853 دولارا، وهو أدنى مستوى في نحو شهر. ونزل البلاديوم 0.8 في المائة إلى 1344.15 دولار، بعد أن لامس أدنى مستوى له منذ 25 كانون الثاني (يناير) عند 1309.67 دولار في الجلسة السابقة. إلى ذلك، أوضح مجلس الذهب العالمي أمس أن المشتريات الاستراتيجية للبنوك المركزية أسهمت في زيادة الطلب العالمي على الذهب 7 في المائة في الربع الأول من العام الحالي. وأضاف البنك في أحدث تقاريره الفصلية بشأن اتجاهات الطلب أن البنوك المركزية التي تسعى لتنويع احتياطياتها اشترت ما إجماليه 145.5 طن من الذهب في الفترة بين كانون الثاني (يناير) وآذار (مارس). ويمثل ذلك ارتفاعا بنسبة 68 في المائة على أساس سنوي ويأتي في أعقاب مشتريات قدرها 651.5 طن في عام 2018 هي الأكبر منذ عام 1967. ويقول أليستر هيويت رئيس قسم معلومات السوق في مجلس الذهب العالمي: "بالنظر إلى الطبيعة الاستراتيجية لمشتريات البنوك المركزية نتوقع استمرار قوة الدفع"، متوقعا أن تشتري البنوك المركزية بين 500 و600 طن في العام الحالي. وذكر مجلس الذهب العالمي أن الاستخدام العالمي للمعدن النفيس في الربع الأول من العام سجل 1053.3 طن مقارنة بـ984.2 طن في الفترة نفسها من عام 2018. وبحسب المجلس فإن المستثمرين أقبلوا على صناديق متداولة يدعمها الذهب وأضافوا 40.3 طن إلى حيازاتهم بزيادة 49 في المائة على أساس سنوي وذلك بفعل الضبابية السياسية والاقتصادية واحتمال تباطؤ وتيرة رفع أسعار الفائدة. وأعلن المجلس أن إمدادات الذهب في الربع الأول ظلت دون تغيير على أساس سنوي عند 1150 طنا.
مشاركة :