لا أعتقد أن الساسة والمفكرين في الغَرب يجهلون الأُسس الدينية والاجتماعية التي تنطلق منها وتقوم عليها حياة الشعوب الإسلامية ونُظُمها التشريعية والقضائية والقيميّة، والتي بالتأكيد تختلف عنها في المجتمعات الغربية!! ولكن بعضهم يستغل (ربما) جهل عموم مجتمعاتهم بتلك المنطلقات، وما تؤدي إليه من فُرُوقَات في التطبيق بين المجتمعين الغربي والإسلامي؛ وذلك بالحملات السياسية والإعلامية على الإسلام والمسلمين بإثارة قضايا بعينها، ومنها: (العدالة ونزاهة القضاء، وحرية التعبير وحقوق المرأة)!! ولعل آخر تلكم الحملات الغربية وأقرب شواهدها تصريحات وزيرة الخارجية السويدية (مارغو فالستروم) واتهاماتها التي مَسّت الإسلام عمومًا، والمملكة العربية السعودية خصوصًا في تشريعاتها وقضائها وحقوق مواطنيها! (اتهامات باطلة) بالتأكيد؛ لأن (السعودية) مصدر تشريعاتها وأنظمتها ونُظمها الاجتماعية (القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة) وهي مصادر ربانية مقدسة محصنة؛ إنما جاءت لحفظ وحماية الإنسان!! (الاتهامات السويدية) تلك تصدم بالواقع الذي يبصم أن (السعودية) عملت خلال السنوات الماضية على تطوير القضاء، وإنشاء المحاكم المتخصصة، والوصول لمحطة العدالة السريعة الناجزة حتى باستخدام التقاضي الإلكتروني عن بُعْد، وهو ما لم تفعله العديد من الدول المتقدمة!! وتلك الاتهامات التي حملتها تصريحات وزيرة الخارجية السويدية فيما يتعلق بانتهاك حقوق المرأة في الإسلام بعامة، وفي السعودية بخاصة تُزَيّف الحقائق؛ فالإسلام كفل حقوق حواء ومكانتها وإنسانيتها وحفظ لها دورها في مجتمعها بما لا يتعارض مع الشّرع (الذي ربما رآه طائفة من الغَرب تجاوزًا)!! والمرأة السعودية نالت الكثير من الرعاية والاهتمام من الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني، وكان لها رسالتها في تنمية وطنها، وفي صناعة القرار فيه من خلال عضوية 30 امرأة في مجلس الشورى، وهو عدد أو نسبة لم تصل إليها المرأة في برلمانات الدول الكبرى المتقدمة! واتهامات الخارجية السويدية للمملكة تعتبر في (عُرْف القانون الدولي) تدخلًا سافرًا في الشؤون الداخلية لدولة لها مكانها ومكانتها بين دول العالَم، تحرص على زراعة العدل والمساواة والتسامح والتّعايش بين شعوب الأرض كافة، فيكفي أنها المؤسس والراعي والداعم لحوار أتباع الأديان والثقافات والحضارات! وهنا ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين ليست جديدة على بعض الأصوات والحملات الغربية، ففي الوقت الذي يتباكون فيه على (الحرية وحقوق الإنسان) في البلاد الإسلامية نجد منهم مَن يحظرُ على المسلمين في بلادهم أبسط حقوقهم وممارساتهم الدينية، ونراهم صامتين عن الممارسات الوحشية التي يتعرض لها المسلمون في فلسطين وسوريا وبورما وغيرها! فيما هم يرفضون الحديث (فقط) عن نفي المحرقة النازية لليهود، إذا هم يسمحون لبعض الصحف والقنوات بالتطاول على الإسلام ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم !! أخيرًا تلك الحملات المعادية للإسلام وبعض الدول الإسلامية، ومنها ما قامت به الحكومة السويدية ممثلة بوزيرة الخارجية تجاه قبلة المسلمين (السعودية) لها أهدافها الظاهرة والخفيّة التي ليس مِن بينها الإصلاح، وقد يكون فيها سَعْيٌ وراء مكاسب انتخابية، لكن علينا جميعًا أن ننتبه لها ونعِيها، وحسنًا فعَلَت الحكومة السعودية عندما تصدّت بحزم لتلك التجاوزات، مُهَدّدةً بالتصعيد واتخاذ المزيد من الخطوات لحفظ حقوقها والدفاع عن دينها واستقلالية قَرارها، تصعيد أتمنى استمراره حتى يُتَوّج باعتذار! ولكن بقي دور المواطنين، فنعم قد نختلف داخليًا في وجهات النظر حول بعض القضايا الخدمية، لكننا يجب أن نتحد، وأن نكون قلبًا واحدًا مع حكومتنا لحماية ديننا ووطننا بالتصدي لتلك الحملات المغرضة. aaljamili@yahoo.com
مشاركة :