مع تحيـّــة وفـــاء للصحفيــين.. في يومهـــم العالمـــي

  • 5/4/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تحتفل الأمم المتحدة في الثالث من مايو من كل عام باليوم العالمي لحرية الصحافة، حاملة شعارات تتضمن رسائل للعالم، تمثلت هذا العام في «الإعلام من أجل الديمقراطية: الصحافة والانتخابات في زمن التضليل الإعلامي»، إذ يُسلط الضوء على التحديات الحالية التي يواجهها الإعلام فترة الانتخابات، ودور وسائل الإعلام في إرساء السلام والمصالحة من خلال موادها الإعلامية التي تبثها.وفي الواقع، لا يختلف اثنان حول أهمية الإعلام في نقل أو نشر ما يحصل في العالم صوتًا وصورة، غير أن هذا النقل والنشر ليسا بالعملية السهلة، إذ يتجاوز الأمر التجهيزات المادية المختلفة، إلى صحة أو دقة ما يُنقل، وخطورة ذلك على الوضع الأمني في حال تضمن معلومات مغلوطة، وهو الأمر الذي قد يُنذر -أحيانًا- بوقوع أزمات مختلفة؛ اقتصادية كانت أو سياسية أو اجتماعية! تترك تبعات وخيمة على الناس والكوكب! وهو ما يعوق تحقيق أي تنمية أو تقدم، ومن ثم يسهم في التخلف والابتعاد عن ركب الأمم المتحضرة، وهو ما يتعارض تمامًا مع أجندة التنمية المستدامة 2030 وأهدافها السبعة عشر التي تسعى الأمم المتحدة جاهدة إلى تمكين ومساعدة الدول على تحقيقها وإرساء دعائمها.إن الجهاز الصحفي -بكل ما يشتمل عليه من مؤسسات وصحفيين- هو المعني بإيصال المعلومات أو الأخبار إلينا جميعا، وهو مطالب بإمداد المجتمع وخصوصًا الجهات الرسمية بالمعلومات السليمة والدقيقة في آن؛ لأن من شأن أي معلومة مُضللة إحداث أثر سلبي يتجاوز الأفراد إلى الدول، فالتضليل يتسبب في تشويش، وتخريب، وتعطيل، وإعاقة مفاهيم الأمن والسلم، وهو الدور المقلوب أو المعاكس لدور الصحفي الأصيل، الذي -من المفترض- أن ينشد الديمقراطية ومفاهيم العدالة فيما يُعبر أو يكتب، ولذلك فإن على الصحافة أن تكون مرآة واضحة ونظيفة تعكس ما يدور حولنا، وتنتقده، وتحلله، من دون تحيز أو محاباة، وإلا فإنها ستكون أقرب إلى طريق التعمية والتضليل!غير أننا في الوقت الذي نحتفل فيه بحرية الصحافة، علينا ألا ننسى أننا نتعامل مع مسألتين مهمتين، أولاهما مدى حرية الكلمة في الكشف عن الحقائق والوقائع والمعلومات الصحيحة، وثانيهما حماية حقوق المشتغلين فيها من صحفيين وإعلاميين، والذين شاهدناهم -عبر سنوات عديدة- يتعرضون لكثير من المخاطر أو المضايقات وأحيانا التهديد والموت في سبيل توصيل خبر أو حالة إنسانية أو طبيعية إلى مختلف بقاع العالم؛ بهدف لفت الأنظار إليها، وإثارة الرأي العام حولها، أو لإيصالها إلى المسؤولين، لوضع حلول لها، وتذليلها، أو معالجتها، فحسب اليونسكو، لقي 100 صحفي في عام 2018 مصرعهم جراء تأدية مهامهم الوظيفية، وهو ما جعل الأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيرس يُعبر عن قلقه الشديد حول استهداف الصحفيين، في رسالته إلى العالم بمناسبة يوم الصحافة العالمي.إن الأمم المتحدة تدرك جيدا أهمية الدور الإعلامي والمساحة الكبيرة التي يشغلها الإعلام في حياة الشعوب والعالم، ولذلك، فإنها تعدها الأداة الطبيعية، بل اليد المثلى التي تساعدها على بث المفاهيم التنموية، والتوعية بها، وممارستها، لا سيما ما يتعلق بالأهداف الأممية السبعة عشر، ومرتكزاتها الأساسية الناس، والكوكب، والرخاء، والسلام، والشراكة. ولعل مرتكز السلام أبرز ما يمكن للصحافة أو الإعلام العمل عليه وتعزيزه، فبإمكانهما تعبئة المجتمع الدولي للعمل ضد الصراعات والحروب بهدف تحقيق السلام، إذ لا يمكن تحقيق التنمية من دون السلام، والعكس صحيح؛ وهذا ما يؤكد عليه الهدف السادس عشر من أهداف التنمية المستدامة الذي يدعو إلى التشجيع على إقامة مجتمعات مسالمة لا يُهمَّش فيها أحد من أجل تحقيق التنمية المستدامة، وإتاحة إمكانية وصول الجميع إلى العدالة، وبناء مؤسسات فعالة وخاضعة للمساءلة وشاملة للجميع، مع تأكيد الغاية العاشرة منه، على كفالة وصول الجمهور إلى المعلومات الصحيحة؛ لما لذلك من أثر في حماية حرياتهم الأساسية.وهذا يتطلب -دون شك- إرادة سياسية لدى الدول، فدور الصحافة كسلطة رابعة لا يمكن أن يكتمل أو يتم دون إرادة تنفيذية، تتمثل في حكومة مُشجعة لهذا الدور، بما لا يتعارض مع التشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية. وفي هذا السياق، فإننا قد شهدنا بأنفسنا الجهد الإعلامي الكبير للصحافة في مملكة البحرين إبان فترة الانتخابات الماضية 2018، والتسهيلات الحكومية التي قُدمت للعاملين في هذا المجال، وحجم التغطيات الواسعة للحدث؛ محليا وإقليميا ودوليا، وخصوصًا أنها سجلت حدثًا تاريخيا للبحرين تمثل في فوز أول امرأة برئاسة البرلمان، وفوز 6 نساء! وهو الحدث الذي لاقى صدى كبيرا على جميع وسائل الإعلام، والإعلام الاجتماعي بالتحديد، إذ كان (للسوشال ميديا) النصيب الكبير؛ نظرا للاهتمام الشعبي بالحدث، كما كانت صفحات المرشحين أنفسهم مواد ومصادر معلوماتية مباشرة للإعلاميين والناخبين. لقد تجلت الديمقراطية واضحة في التعاطي الإعلامي مع المرشحين الرجال والمرشحات النساء بشكل متساوٍ ومتوازن دون تمييز، بحيث لم تُسجل شكاوى في هذا الصدد، وهو ما ساعد الجماهير الناخبة في التعرف إلى مرشحيهم بشكل شفاف ونزيه، ومنَحهم القدرة على الاختيار. وهنا نستعير كلمة الأمين العام «لا تكون أي ديمقراطية مكتملة دون توافر إمكانية الحصول على معلومات شفافة وموثوقة، وإخضاع القيادات للمساءلة، ومواجهة مَنْ في يدهم السلطة بالحقائق». وهذا هو عمل الصحافة الحقيقي، وهو ليس باليسير أو الهيّن، خصوصًا أن الكلمة الصادقة الحرة لا تُقدم نفسها طواعية، بل تحتاج إلى جهد وعمل وكدّ، وكثير من التضحيات، فألف تحية للصحفيين والإعلاميين في يومهم العالمي.* أمين الشرقاوي المنسق المقيم لأنشطة الأمم المتحدة

مشاركة :