اختتم الجمعة في كابول اجتماع تاريخي للمجلس الكبير (اللويا جيرغا) بالمطالبة بوقف "فوري ودائم" لإطلاق النار في أفغانستان التي أكد رئيسها أشرف غني استعداده تنفيذ المطالب لكن بشروط. وجمع المجلس الكبير نحو 3200 زعيم ديني وقبلي وسياسيين ونوابا، حاولوا تحقيق اختراق في النزاع الأفغاني المستمر منذ 18 عامًا. وجمع المجلس الكبير هذا الأسبوع، الأول من نوعه منذ العام 2013، بشكل ملحوظ أشخاصًا من مختلف شرائح المجتمع الأفغاني. وتشارك الحاضرون الدموع من جهة، وتبادل الاتهامات من جهة ثانية، ووقع على الأقلّ عراك واحد بالأيدي عندما أعاد المشاركون تذكّر أهوال الماضي القريب للبلاد. وقال المندوبون في بيان في ختام المؤتمر "على حكومة جمهورية أفغانستان الإسلامية وحركة طالبان إعلان وتنفيذ وقف فوري ودائم لإطلاق النار اعتبارا من الأول من رمضان" الذي يبدأ بعد بضعة أيام "استجابة لرغبة ومطالب غالبية الشعب الأفغاني". وتضمّن البيان الختامي 23 نقطة تُحدد معايير اتفاق سلام مع طالبان. ويشير أيضاً إلى "جدول زمني لانسحاب قوات حلف شمال الأطلسي"، كما حماية الدستور "وحقوق كل الأفغانيين وحقوق المرأة ضمناً"، بالإضافة إلى الحديث عن فتح مكتب سياسي لطالبان في كابول. وأكد الرئيس أشرف غني من جهته أنه "مستعد للتنفيذ العادل والشرعي لمطلب" وقف إطلاق النار، لكنه شدد على أن ذلك لا يمكن أن يتم من "طرف واحد" فقط. وقال غني في خطاب "إذا كانت طالبان مستعدة تماماً لوقف إطلاق نار، حينها يمكن الحديث عن التفاصيل التقنية". ولم يتطرق ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم طالبان لعرض غني بشكل مباشر، لكنه قال في بيان إنّ الحركة "ستحاول الا تتسبب بضحايا بين المدنيين" اثناء وبعد رمضان. والعام الماضي، أعلنت طالبان وقفاً لثلاثة أيام لإطلاق النار في أواخر شهر رمضان بعدما أعلن غني من جانب واحد وقف إطلاق نار لثمانية أيام في وقت سابق من الشهر نفسه. ومثل ذلك أول وقف رسمي لإطلاق النار منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في 2001 للبلاد، وتخللته مشاهد غير مسبوقة من المصالحة والفرح في كابول وفي كافة أنحاء البلاد. وانتقد مجاهد الرئيس غني المرشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، لاستخدامه الجيرغا لتعزيز موقفه السياسي المقررة في سبتمبر المقبل. وحتى الآن، ترفض الحركة المتمردة المسلحة التفاوض مع غني الذي تعتبره عميلاً للأميركيين. أما المحادثات من اجل اتفاق سلام مع الولايات المتحدة فهي تعقد في شكل منفصل في العاصمة القطرية الدوحة، حيث يلتقي قادة طالبان مبعوث السلام الأميركي زلماي خليل زاد. وتركز المحادثات هذا الأسبوع بين طالبان ومبعوث السلام الأميركي زلماي خليل زاد على اتفاق محتمل يؤدي إلى انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان، في مقابل تعهد طالبان أنه لا يمكن للجماعات الإرهابية بعد اليوم العمل في البلاد. ويخشى كثر في المجتمع الأفغاني أنه في حال إخفاق الولايات المتحدة في الخروج باتفاق مع طالبان، سيحاول المسلحون الإسلاميون السيطرة على الحكم، وإلغاء التقدم في مجال حقوق المرأة وحرية الصحافة والحماية القانونية. وهذه المخاوف كانت واضحة خلال انعقاد "اللويا جيرغا"، حيث حددت مئات النساء المشاركات فيه "خطوطهنّ الحمراء" بشأن أي مفاوضات مع طالبان. ومن جهته قال فيض الله جلال، أحد المشاركين في المجلس "لا نريد سلاماً لا تحترم فيه حقوق المرأة، ولا تؤمن فيه حرية التعبير، ولا تعقد خلاله انتخابات". أما زلماي خليل زاد فكتب على تويتر "شددت على القول لطالبان إن الشعب الأفغاني، أشقاءهم وشقيقاتهم، يأمل أن تنتهي هذه الحرب. حان وقت إلقاء السلاح ووضع حدّ للعنف وارساء السلام". وسرعان ما ردت طالبان على تويتر قائلة إنّ خليل زاد "عليه أن ينسى فكرة إلقاء سلاحنا". وأعرب غني في ختام المجلس الكبير عن الأمل في إحياء السلام مع دعوته "طالبان إلى التحضر لمحادثات سلام داخل أفغانستان" وإلى "جلب السلام إلى بلدهم". واقترح أيضاً "كبادرة حسن نوايا" إطلاق سراح 175 سجيناً من طالبان. وقال غني متوجهاً للمتمردين "أنتظر جوابكم". وأثار "اللويا جيرغا" جدلا أيضًا في ظلّ مقاطعة بعض الشخصيات السياسية المعارضة له، معتبرةً أن أشرف غني يستغلّه في حملته للانتخابات الرئاسية المقررة في سبتمبر. من بين المقاطعين، رئيس السلطة التنفيذية عبد الله عبد الله وزعيم الحرب المعروف قلب الدين حكمتيار. والرجلان مرشحان للرئاسة في انتخابات سبتمبر. ورحبت بعثة الامم المتحدة في افغانستان بنتائج اللويا جيرغا والدعوة الى هدنة.وقالت البعثة على تويتر إنّ "هذا سيساعد على خلق ظروف للسلام وانقاذ حياة الافغان. إن بعثة الأمم المتحدة مستعدة لمساعدة جميع الأطراف لوضع حد لهذا النزاع". وتحتدم الحرب في أفغانستان مع مقتل آلاف المدنيين والمقاتلين كلّ عام. وتواصل القوات الأمريكية تدريب شركائها الأفغانيين على الأرض، وضرب طالبان من الجو، في مسعى للدفع نحو تسوية سياسية.
مشاركة :