'تشرنوبيل' يفضح التعتيم حول أسوأ حادثة نووية

  • 5/4/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

مسلسل قصير من إنتاج محطة أميركية يعرّي محاولات طمس حقائق علمية في كارثة تشرنوبيل النووية. واشنطن – يستعيد مسلسل قصير من إنتاج محطة "إتش بي أو" الأميركية المحطات المأسوية لكارثة تشرنوبيل النووية في 1986 والتي فاقم خطورتها إنكار حقائق علمية عن فداحة الكارثة والدعاية السياسية الممارسة في القضية، في موضوع يثير اهتماما مستمرا حتى اليوم. وقد شكلت أسوأ حادثة نووية في تاريخ البشرية مصدر وحي لإنتاج الكثير من الأفلام الطويلة والأعمال الوثائقية أو الخيالية، لكن لم يُنتج أي مسلسل عنها. وقد جندت محطة "إتش بي أو" التي تعرض الحلقة الأولى من مسلسل "تشرنوبيل" الاثنين، طاقات كبيرة لإحياء هذه اللحظات القاتمة في نيسان/أبريل 1986 تفوق كل تلك التي استُخدمت في إنتاج الأعمال السابقة عن هذه الكارثة. فقد عمد فريق إنتاج المسلسل إلى هدم مبنى ضخم في ليتوانيا لإعادة تجسيد الركام العائد للمفاعل الرابع الذي انفجر ليلا خلال اختبار سلامة. كذلك صوّر فريق العمل جزءا من المسلسل في محطة إينغالينا النووية الليتوانية التي توقف العمل بها سنة 2009 وهي تضم النوع عينه من المفاعلات كما في تشرنوبيل. وأوضح كاتب المسلسل ومنتجه المنفذ كريغ مازن خلال ندوة في مهرجان ترايبيكا السينمائي أن "هذه القصة تتطلب الاحترام"، مضيفا "وكل هذا الاهتمام بالتفاصيل (…) كان من هذه الروحية" لأن المسلسل المؤلف من خمس حلقات يروي "قصة ثقافة أخرى ويسلط الضوء في جوانب منه على رفض العالم للنووي". وقد أولى فريق العمل عناية كبيرة بالتفاصيل المتعلقة بأنواع السيارات والملابس والنظارات وصولا إلى أصغر الأكسسوارات، لإعادة المشاهدين إلى حقبة الاتحاد السوفياتي قبل 33 عاما. الفارق الوحيد هي اللغة إذ إن ممثلي المسلسل يتحدثون جميعهم بالإنكليزية رغم أنهم يؤدون أدوار شخصيات سوفياتية. وفي السنوات الأخيرة، ذهبت المسلسلات بعيدا في الاهتمام بالتفاصيل اللازمة لتجسيد الأحداث بأصالتها، والأمثلة كثيرة بينها "ذي أميريكنز" أو "لاميكا جينياله" الذي أنتجته "إتش بي أو" باللهجة المحلية لسكان مدينة نابولي الإيطالية. وباتت توقعات المشاهدين مرتفعة من هذا النوع من الأعمال. إلا أن إنجاز مسلسل "تشرنوبيل" باللغة المحلية أي الأوكرانية كان ليشكل عائقا كبيرا أمام إثارة اهتمام الجمهور العريض. وبرر المخرج يوهان رينك خلال الندوة في مهرجان ترايبيكا "حاولنا الذهاب إلى أبعد حد ممكن. الأمر صعب". وأضاف "كل ما استطعنا فعله كان إيجاد هذه المساحات الصغيرة التي يمكن لنا أن نأمل من خلالها أن يكون الجانب المختلف والغريب في القصة مرئيا بصورة كافية". وبعيدا من عائق اللغة، القصص السردي حاضر بقوة في هذا المسلسل وهو يتجاوز تفاصيل الحادثة إذ إن الهدف من المسلسل يتخطى سرد ما حصل خلال الكارثة ليخوض في مسألة إدارة السلطات لها. ورفض المسؤولون عن المحطة النووية الحقائق العلمية، شأنهم في ذلك شأن الساسة. حتى أن البعض كانوا مستعدين لتعريض حياة الآلاف من مواطنيهم للخطر حفاظا على النهج السوفياتي الرافض للاعتراف بأي هزيمة أو نكسة. ولم يعلن الاتحاد السوفياتي عن الحادثة إلا بعد 48 ساعة من الانفجار بعدما بدأت سحابة من المواد المشعة تنتشر في سماء أوروبا برمّتها، ولم يدل الرئيس السوفياتي حينها ميخائيل غورباتشوف بأي مداخلة علنية في هذا الموضوع إلا في 14 أيار/مايو أي بعد حوالى ثلاثة أسابيع من الحادثة. ورأى كريغ مازن أن هذا "الإنكار شبيه بما يشهده العالم حاليا من انتشار للأخبار الكاذبة وتشكيك في فداحة المخاطر المترتبة عن التغير المناخي". وهو قال "هذا من الأسباب الرئيسية التي دفعتنا لإنجاز هذا المسلسل. ثمة حرب دائرة ضد الحقيقة". وأشار مازن إلى أن الإنسان يتمتع "بقدرة مذهلة على إصلاح أخطائه" ولكن أيضا على "التوهّم إلى حين لا يعود إدراك الحقيقة مجديا". ولفت إلى أن مسلسل "تشرنوبيل" لا يتطرق إلى مخاطر النووي بل إلى الأكاذيب ومخاطر التعتيم".

مشاركة :