الأخلاق بين العقل والدّين

  • 5/4/2019
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

يطفح عالمنا بإشكاليات كثيرة خاصة فيما يتعلق بوجوده الذاتي وعلاقته بالآخر، إذ نجد قلة قليلة تحافظ على هدوئها وتوازنها وقت التعامل عندما تحتدم الأمور سواء اجتماعية أو اقتصادية وحتى السياسية منها. والواجب على الإنسان أن يحافظ على مركزيته وثباته في أصعب الظروف وأن يأخذ جميع المصاعب ببساطة. جميع الحروب والصراعات التي حدثت في السابق ومازالت تحدث تتمحور حول بروز الذات الاجتماعية أو الذات الدولية وكذلك تتعلق بالذات الخاصة أو الغيرية والتنافس الشخصي في اعتلاء أعلى المستويات المركزية والفوز بقدر أكبر في كافة المجالات، ودائماً هذه المجالات غالبيتها تعزز صناعة القوة المالية والعسكرية، مع اتخاذ التدابير العقدية من أجل دفع الحشود وتحريكها من أجل بناء الإمبراطوريات والهيمنة أكثر على الدول الصغيرة والضعيفة. مما سبق يتضح أن الأخلاق تبدو غائبة عن الصراع ولكن ليس دائماً، فبعض الصراعات والحروب الصغيرة تكون الأخلاق حاضرة فيها، وذلك بسبب قصرها الزمني وحدود مناطق الصراع التي حدثت فيها، بعكس الحروب الكبيرة التي دائماً تُغيب الجانب الأخلاقي عمداً كي ينسى المجند إنسانيته بالكامل. وخير شاهد على ما أقول الأحداث والجرائم التي ارتكبت بالحرب العالمية الثانية خاصة المجازر النازية بحق اليهود وأسرى الجنود البولنديين وغيرهم الكثير، فهذه الحرب العظمى لم تعرف الرحمة أبداً لا من الجانب المنتصر ولا المنهزم. الأخلاق تعني أنك مواطن صالح، وتعني أنك متدين صادق، وتعني أنك إنسان عاقل، فالمرء بلا أخلاق وبلا ضمير لا يمكن أن يكون إنساناً، فهي سبب وجود الإنسان العاقل بصورته الحالية، والأخلاق بطبيعتها مرتبطة بالظواهر النفسية والاجتماعية إذ علاماتها تبرز من خلالهما، وتنبع من داخل الذات الإنسانية أي جوهره. لكن هل كل إنسان حر من جميع القيود يتقيِّد بالأخلاق الطبيعية؟ وهنا أعني الإنسان الفرد عندما يتعامل مع الآخر، وجوابنا غالباً لا، فالإنسان البسيط لا يرضخ لقانون الأخلاق إلا من خلال الدِّين. الإنسان بطبيعته لديه أخلاق وهي نسبية من فرد إلى فرد ومن مجتمع إلى مجتمع آخر، لكن مع وجود الدِّين يلتزم الإنسان بقانون الأخلاق العام الذي يرتبط بجميع البشرية، فكل دين عزز القيِّم التي تساعد الإنسان على البقاء من غير خلافات وحروب؛ وهنا أعني الجانب الذاتي أو المنبع الخالص المنبثق من كافة الأديان. من أجل الثبات لا بد أن يكون العقل حاضراً، وهو بلا شك أداة لتذكير الإنسان بما سيؤول له من سلبيات أو نتائج وخيمة تفقده طبيعته الإنسانية أو تستنقص من تدينه.

مشاركة :