كشف صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب وكبير مستشاريه، جاريد كوشنر بعض التفاصيل عن خطته المنتظرة للسلام في الشرق الأوسط، مؤكدا أنها لن تأتي على ذكر حلّ الدولتين الذي طرح منذ فترة طويلة، وستكرّس القدس عاصمة لإسرائيل. ويتوقّع أن يقدم كوشنر الشهر المقبل خطته المنتظرة منذ فترة طويلة، باسم الإدارة الأميركية. وفي إطار سعيه إلى تقديم إطار جديد، أصدر كوشنر أقوى إشارة من الإدارة الأميركية، إلى أن الخطة لن تقترح إقامة دولتين للإسرائيليين والفلسطينيين، الحل الذي دعمته الولايات المتحدة لعقود في مفاوضات السلام الطويلة. وصرّح كوشنر في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى “إذا قلت ‘دولتين’، فهذا يعني شيئاً للإسرائيليين وشيئاً آخر مختلفاً عنه للفلسطينيين”. وأضاف “لهذا السبب قلنا إنّ علينا ألا نأتي على ذكر ذلك. فلنقل فقط إنّنا سنعمل على تفاصيل ما يعنيه ذلك”. ورفض كوشنر الإعلان عن مزيد من تفاصيل خطته قبل كشفها. لكنه ردا على سؤال عمّا إذا كانت ستشمل الوضع النهائي بين إسرائيل والفلسطينيين، قال “هذا صحيح، سنعمل عل ذلك”. واستفزّت تصريحات كوشنر الجديدة الفلسطينيين واتهم أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات الجمعة، الإدارة الأميركية بفرض سياسة الإملاءات على الفلسطينيين في ما يتعلق بحلّ الصراع مع إسرائيل. وقال عريقات في بيان عقب لقائه وفدا أميركي يضم شخصيات أكاديمية وسياسية وثقافية في رام الله، إن إطلاق صفقة بدلا من المعاهدة يدل بوضوح على نية الإملاءات وليس الاتفاق عبر المفاوضات.وأضاف أن الصفقة قد تعني موافقة طرف على بيع ممتلكاته نتيجة إفلاس، أي أنها تحمل في طياتها طرفا رابحا وآخر خاسرا، وهو اصطلاح يستخدم في عالم العقارات وألعاب الترفيه التلفزيونية، في حين تعنى معاهدة السلام اتفاق بين طرفين أو أكثر، ينتج عنها معادلة ربح لجميع الأطراف، ويطلق على استسلام الأطراف التي تهزم في الحروب (صك). وأكد أن البحث عن حلول خارج إطار القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة وبما يضمن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتجسيد استقلال دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية لتعيش بأمن وسلام، إلى جانب دولة إسرائيل على حدود الرابع من يونيو 1967، وحل قضايا الوضع النهائي كافة وعلى رأسها قضيتا اللاجئين والأسرى، استنادا لقرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة “ليس سوى مطاردة للسراب والعيش في الأوهام”. وكانت السلطة الفلسطينية أعلنت في وقت سابق أنها لن تقبل بوساطة من قبل إدارة ترامب التي تؤيد قاعدتها المسيحية الإنجيلية إسرائيل بلا تحفظ، والتي تشمل مبادراتها حيال الدولة العبرية الاعتراف بالقدس بشطريها عاصمة لها. وتعتبر إسرائيل القدس عاصمتها “الأبدية والموحدة” لكن الفلسطينيين يتطلعون إلى جعل القدس الشرقية المحتلة منذ 1967، عاصمة لدولتهم. وفي تصريحاته كشف كوشنر الذي لا يتمتع بثقة الفلسطينيين بسبب علاقاته العائلية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن ترامب استشاره قبل أن يعلن قراره بشأن القدس. وقال كوشنر إن “الجواب الذي أعطيته له هو أنني أعتقد أنه في الأمد القصير سيكون الأمر أصعب لأن الناس سيكونون على الأرجح أكثر تأثرا وانفعالا”. وأضاف “لكن على الأمد الطويل ما نحتاج إليه هو البدء بالاعتراف بالحقائق، وأعتقد أننا عندما نعترف بالقدس (عاصمة لإسرائيل) فهذه حقيقة. وهذا سيكون جزءا من أي اتفاق نهاية في كل الأحوال”. وخلال حملته للانتخابات التشريعية الأخيرة التي فاز على أثرها بولاية جديدة، أعلن نتنياهو أنه ينوي ضم مستوطنات الضفة الغربية في خطوة يمكن أن تقوّض فكرة دولة فلسطينية. وأثار إعلان نتنياهو هذا غضب الحزب الديمقراطي الأميركي، بما في ذلك المدافعين بشدة عن إسرائيل الذين تساءلوا عمّا إذا كانت إسرائيل يمكن أن تبقى بذلك دولة يهودية وديمقراطية، بينما يعيش الملايين من الفلسطينيين تحت الاحتلال. لكن كوشنر وعد بأن تقدّم إسرائيل تنازلات أيضا. وقال إن فريقه تحدث إلى رجال أعمال فلسطينيين وأشخاص عاديين، ويعتقد أن خطة سلام “ستكون مقبولة جدا من قبلهم”. وقال صهر الرئيس الأميركي “شعرنا بإحباط كبير عندما رأينا القيادة الفلسطينية تهاجم خطة لا تعرف ما هي”. وأضاف “إذا كانوا مهتمين فعلا بجعل حياة الشعب الفلسطيني أفضل، فأعتقد أنهم كانوا سيتخذون قرارات مختلفة تماما خلال العام الماضي، وربما خلال العشرين عاما الأخيرة”. ويبدو أن الامتيازات التي يلوّح بها كوشنر للفلسطينيين هي مادية بحتة.
مشاركة :