أطلق موقع فيسبوك حملة جديدة على المروجين للخطاب المتطرف أو العنيف أو المعادي للسامية أو العنصري، وبينهم شخصيات أميركية معروفة مثل رئيس جمعية “أمة الإسلام” لويس فرخان، ومؤسس موقع “إينفوورز” ألكس جونز. وقالت شركة فيسبوك، الخميس، إنها ستحذف حسابات ألكس جونز وشخصيات سياسية أميركية أخرى مثيرة للجدل بسبب انتهاك سياسة الشركة الخاصة بـ“الشخصيات والمنظمات الخطيرة”. وجاء في إعلان فيسبوك الخميس، “لقد منعنا الأشخاص أو المنظمات التي تروّج أو تمارس العنف أو الكراهية، مهما كانت العقيدة”، مشيرا إلى أنه تمّ حظر حسابات مرتبطة بست شخصيات، وبموقع “إينفوورز”. واعتبر أن هذه الحسابات تدخل ضمن فئة “الأشخاص والمنظمات الخطرين”. وأكدت الشركة أن القرارات ستطبق أيضا على الحسابات المعنية في تطبيق “إنستغرام”، الشركة المتفرعة منها. وغالبا ما تتعرض مواقع التواصل الاجتماعي لانتقادات لأنها لا تسارع إلى إلغاء محتوى يثير إشكالات أو صدمة. وحذف حساب لويس فرخان (85 عاما) الذي يرأس جمعية “أمة الإسلام” التي تأسست في 1930، وأعضاؤها معروفون بمواقفهم المعادية للسامية والعنيفة للمثليين. ومن الأقوال المأثورة لفرخان “هتلر كان رجلا عظيما” في 1984. وكان فرخان يدعو إلى فصل السود عن البيض ووصف اليهود بأنهم مثل “حشرة الأرض”. وينشط فرخان كثيرا في أوساط الجاليات المسلمة من ذوي البشرة السوداء في الولايات المتحدة. بدوره، يرأس ألكس جونز (45 عاما) “إنفوورز” التي تروج لنظريات المؤامرة وتمارس عملية تضليل إعلامي مقصود. ويؤكد جونز أن حادثة إطلاق النار التي حصلت في مدرسة ساندي هوك في الولايات المتحدة في 2012، مسرحية.وذكرت فيسبوك أنها ستحذف أيضا حساب بول نيلين السياسي في الحزب الجمهوري الأميركي، وهو متعصب ينادي بسيادة العرق الأبيض وخاض انتخابات الكونغرس عام 2018. ومعظم الأفراد الذين سيحذف موقع التواصل الاجتماعي الشهير حساباتهم شخصيات تحظى بشعبية في تيار اليمين المتطرف ومن بينهم المعلقون ميلو يانوبولوس ولورا لومر وبول جوزيف واطسون. ويعتبر الصحافي البريطاني ميلو يانوبولوس محافظا متشددا أيضا، يدافع عن تفوق العرق الأبيض في الولايات المتحدة وله مواقف وصفت بـ”العدائية” تجاه مسائل، منها حقوق المثليين والمرأة. والحال نفسه ينطبق على البريطاني بول جوزيف واطسون الذي يهاجم دائما السياسات اليسارية والإسلام والنسوية. أمّا لورا لومر، فهي أيضا شغلت الفضاء الافتراضي الأميركي عبر إطلاق تصريحات نارية لها علاقة بالمؤامرات، ولا تخفي عداءها تجاه المسلمين والمثليين. ولكن اليمين المتطرف ليس السبب الوحيد في عملية الحذف، إذ تنتمي بعض الحسابات الأخرى إلى “افتراضيين” من أتباع نظرية المؤامرة، وآخرين عرف عنهم خطاب الكراهية في مسائل عدة منها حقوق المرأة والمثليين أو معاداة الإسلام أو السامية. وستقوم الشركة بإزالة أي حسابات وصفحات ومجموعات وأحداث مرتبطة بالأفراد المحظورين سواء على شبكتها الاجتماعية الأساسية أو على تطبيق إنستغرام لمشاركة الصور. وتقول فيسبوك إنها تحظر أي مستخدم يروج للعنف أو الكراهية. ومع ذلك لم تصل الشركة إلى حد منع مستخدمين آخرين من الثناء على الأشخاص المحظورين أو تأييدهم على منصاتها كما فعلت في السابق مع جماعات متشددة مثل تنظيمي الدولة الإسلامية والقاعدة. وذكرت قناة “سي.أن.بي.سي” أن الصحافي والمذيع الأميركي ألكس جونز قام بسرعة بفتح حساب جديد وبث تسجيلا مصورا على الهواء يتحدث فيه عن الحظر. وجونز يعتبر من المحافظين المتشددين، ومن أحد أتباع نظرية المؤامرة. ولو نظرنا إلى عدد زوّار الموقع الذي يشرف عليه جونز، “إنفوورز″، لوجدنا أنه يلاقي نجاحا واسعا في الولايات المتحدة الأميركية. والقرار الأخير الصادر عن فيسبوك يعتبر قرارا إضافيا في سلسلة من المواجهات الدائرة بين وسائل التواصل الاجتماعي وحسابات شخصيات تنتمي إلى اليمين المتطرف أو حسابات منظمات متطرفة. وأعلن موقع فيسبوك في مارس الماضي، أنه سيحظر منشورات تؤيد تفوق العرق الأبيض والإشادة به وكذلك مظاهر العنصرية كجزء من حملة ضد خطاب الكراهية، بعد أسبوعين على مهاجمة متطرف يؤمن بتفوق العرق الأبيض على مسجدين في نيوزيلندا. وأشار إلى أنه “للأسف سوف يكون هناك دائما أشخاص يحاولون التلاعب بأنظمتنا لنشر الكراهية”. وأوضح أن “التحدي الماثل أمامنا هو أن نبقى في المقدمة عبر الاستمرار في تحسين تقنياتنا وتطوير سياساتنا”. وأكد الموقع أن الحظر الجديد لن يطبق على مواضيع مثل الافتخار الأميركي والانفصاليين الباسك كونها “جزءا مهما من هوية الشعوب”. واتفق فيسبوك وتويتر خلال الأعوام الماضية على حذف كل الصفحات المتطرفة. لكن الموقعان يواجهان تهما بالانحياز السياسي، الأمر الذي دفع فيسبوك إلى تعزيز آليات الذكاء الاصطناعي للعثور على المحتوى الذي يدعم الكراهية وإزالته مع الابقاء على الانفتاح على حرية التعبير. من جهته، أعرب مارك بوتوك من “مركز تحليل اليمين المتطرف” عن اعتقاده بأن الحظر يمكن أن يحد من انتشار خطاب القوميين البيض، لكنه يشكك في أنه سيخلّص العالم من هذه الأيديولوجية. وأضاف متسائلا “سنرى إن كانوا قادرين على فرض الحظر”. وقال “هناك الآلاف من المنشورات للقوميين البيض يوميا على فيسبوك. لم يتمكنوا من إيقاف فيديو كرايست تشيرش، لذا سيكون تنفيذ الحظر نوعا من التحدي”، في إشارة إلى الهجمات على المسجدين في نيوزيلندا. وأظهرت مجزرة نيوزيلندا النطاق العالمي الواسع لحركة القومية البيضاء التي تبشر بمثل متخيلة “أوروبية” ترفض الهجرة وتتشارك في أحيان كثيرة نشر تهديدات عبر الإنترنت. ويعتبر بعض المحللين أن هذه الحركة متماسكة ومترابطة عبر الإنترنت وتمتد عبر أوروبا إلى روسيا، وتتمتع كذلك بعمق كبير في الولايات المتحدة وكندا. ويقولون إنها تشكل تهديدا دوليا يوازي التطرف الإسلامي، وربما أكثر من ذلك في الولايات المتحدة حيث تفوقت هجمات القوميين البيض على تلك التي ارتكبها جهاديون لسنوات. وما يشجع القوميين البيض، وفق بعض الباحثين، هو ظهور سياسيين وأحزاب يتبنون الآراء التقليدية ويتبعون خطا متشددا تجاه الهجرة، من مارين لوبان في فرنسا إلى فيكتور أوربان في المجر والرئيس الروسي فلاديمير بوتين وحزب استقلال بريطانيا. وينطبق الشيء نفسه في الولايات المتحدة حيث ارتكزت حملة الرئيس دونالد ترامب للوصول إلى البيت الأبيض على خطاب مناهض للهجرة وقاعدة ناخبين غالبيتهم الساحقة من البيض.
مشاركة :