تستمر الاستعدادات في مملكة تايلاند لتحضير مراسم تتويج ملك البلاد الجديد ماها فاجيرالونجكورن ليعتلي عرش المملكة وسط احتفالات مطولة من المقدر أن تبلغ تكاليفها 31,2 مليون دولار. ستقام سلسلة من الاحتفالات المتنوعة والمعقدة خلال الفترة بين الرابع والسادس من مايو الحالي، وتكون بمثابة أول احتفالات للتتويج خلال ما يقرب من 70 عاماً، كما أنها تعد أول احتفالات من نوعها يشهدها معظم مواطني تايلاند طوال حياتهم وربما كانت الوحيدة. وبلغت مشاعر الإثارة ذروتها في البلاد لتسود بين مختلف شرائح الشعب. ومنذ بداية شهر أبريل الماضي، ارتدى كثير من التايلانديين، خاصة أعضاء العائلة الملكية ومسؤولي الحكومة، قمصاناً صفراء، وهو اللون المرتبط بالنظام الملكي وذلك في خطوة تهدف بوضوح إلى الترحيب بالمناسبة المنتظرة. ويقدر المراقبون أن ما يصل إلى 200 ألف شخص من مختلف أنحاء البلاد، سيتجمعون في العاصمة التايلاندية بانكوك ليصطفوا على طول طريق يبلغ طوله 6,7 كيلومتر لمشاهدة موكب ملكهم الجديد المتوج. وأصبح الملك ماها فاجيرالونجكورن، الذي يبلغ من العمر 66 عاماً، ملكاً على تايلاند، خلفاً لوالده الملك بهوميبول أديوليادي الذي توفى في أكتوبر 2016 بعد أن ظل في سدة الحكم لمدة سبعة عقود. وأرجع فاجيرالونجكورن السبب الأولي لتأخير مراسم تتويجه إلى إعلان فترة حداد على والده الراحل، والذي كان يلقى تبجيلاً بالغاً باعتباره شخصية أبوية للرعية وسلطة معنوية في تايلاند، غير أن الملك الجديد لم يقدم تفسيراً لاستمرار تأجيل عملية التتويج، بل إنه لم يحدد موعد مراسم هذه العملية إلا في بداية العام الحالي. وحيث إن غالبية مواطني تايلاند تعتنق الديانة البوذية الممتزجة ببعض التأثيرات الهندوسية، فإن مراسم التتويج التي سيجري بعضها في "القصر الكبير" الكائن بالعاصمة بانكوك وسيتم بثها عبر التليفزيون على الهواء مباشرة، ستكون خليطاً من الطقوس البوذية والهندوسية، وفقاً للمعتقد الذي يقول إن ملوك تايلاند هم تجسيد للإله الهندوسي "فيشنو". وسيقوم الملك في الرابع من مايو بتتويج نفسه بتاج متدرج متعدد المستويات يبلغ وزنه 7,3 كيلوجرام، مصنوع من الذهب ومرصع بالماس يرجع تاريخه إلى أكثر من قرنين من الزمان، وذلك في يوم يسبق حلول ذكرى تتويج أبيه الملك بهوميبول الذي تم في الخامس من مايو 1950. غير أن طقوس تتويج الملك في تايلاند تختلف عن تلك السائدة في الغرب، حيث إن أهم جزء في عملية التتويج لا يتمثل في منح الملك التاج في حد ذاته، وإنما الذي يمنح الملك هذه الصفة في التراث التايلاندي هو طقوس الاغتسال والرش بماء مقدس. وكجزء من أول طقوس التتويج وأكثرها أهمية، سيتم إدخال فاجيرالونجكورن في حمام للتطهير، يتم خلاله صب ماء مقدس يتم تجميعه من خمسة أنهار وأربع بحيرات في تايلاند فوق رأس العاهل الجديد، من خلال غلالة كبادرة لمنحه السلطة الملكية، وذلك وسط قرع الطبول ونفير الأبواق بينما تعزف في الخلفية الموسيقى التايلاندية التقليدية. وتتمثل الخطوة التالية في جلوس الملك على عرش ثماني الأضلاع، ثم يتم رشه بماء تم جمعه من أكثر من 100 مصدر من مختلف أنحاء تايلاند، ويرش من كل اتجاه من اتجاهات العرش الثمانية، قبل أن تقدم إليه المظلة البيضاء ذات المستويات التسع وهي أهم قطعة في مجموعة الشعارات والرموز الملكية وتعد رمزاً للملك الذي تم تكريسه. وبعد أن يتم تتويج فاجيرالونجكورن على عرش مختلف، يقوم الملك بأداء قسم، قبل أن يتوجه إلى مقره في "القصر الكبير"، وسط طقوس أخرى. وفي الأيام التالية، يقوم الملك المتوج بتحية شعبه في مناسبتين، الأولى أثناء عرض يقوم الملك خلاله بالجلوس على محفة يحملها الجنود، والمرة الثانية عندما يقف في شرفة القصر. ومن المتوقع أن يقام موكب ملكي وسط مهرجان احتفالي في وقت لاحق من العام الحالي. ولم تتم دعوة أية أعضاء من الخارج لحضور هذه المراسم والطقوس، غير أن الملك قدم الدعوة للدبلوماسيين الأجانب لحضور اليوم الأخير من المراسم. تأتي الاحتفالات بتتويج الملك التايلاندي الجديد وسط حالة من الغموض حيث إن اللجنة الانتخابية لم تعلن بعد النتائج الرسمية للانتخابات التي أجريت في مارس الماضي، والتي تعد الأولى التي تنظم في تايلاند منذ عام 2014.
مشاركة :