أصبت بصدمة غير متوقعة، صدمة أخذتي إلى أعماق النفس البشرية، النفس التي كرّمها الله. في صبيحة يوم الأربعاء 25 ديسمبر 2014 وبصحبة المقربين من أهل المتوفى وقلوبنا حزينة ومشاعرنا جريحة. الجميع في انتظار تابوت المتوفى في جمرك مطار الملك خالد، التابويت عبارة عن صندوق خشبي بغطاء يفتح للأعلى ومقاس التابوت طول 200سم، عرض جهة الرأس 60سم، وعرض جهة الأرجل 45سم، ارتفاع 45سم، ومصفح من الداخل بالزنك 0.30 ملم، ومثبت بأربع زوايا خشب قطعة واحدة للزوايا القائمة،. قال الله تبارك وتعالى: {وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}. أخذت أسأل نفسي: هل من المعقول أن نستلم التابوت في المكان نفسه الذي يستلم به سائقو الشاحنات حاويات وصناديق الفاكهة والخضار. فجاء الرد واستلمنا التابوت من بين الشاحنات. توقعتْ أن تكون هناك صالة لاستلام الموتى وبصورة تليق بالإنسان. كم نحن فخورون بأداء رجال الجمارك وبمنافذ المملكة كافة، وفخرنا يزداد بأهداف الجمارك والتي منها المحافظة على الثوابت الدينية من خلال منع دخول جميع ما يتنافى مع الدين والعقيدة الإسلامية من كتب ومطبوعات وكتب السحر والشعوذة، وحماية الوطن والمجتمع من المخاطر التي تهدد الصحة والأمن من خلال منع دخول الممنوعات (كالمخدرات بكل أنواعها والأسلحة والمتفجرات). كذلك منع دخول البضاعة المواد المغشوشة والمقلّدة والمنتهكة لحقوق الملكية الفكرية أو المخالفة للمواصفات القياسية لضمان حماية المستهلك ودعم الاقتصاد الوطني، وتسهيل إجراءات التصدير وفتح الأسواق أمام المنتجات الوطنية. لستُ أدري هل مطارات العالم الأخرى تتبع الاجراءات نفسها التي تتبعها جمارك مطار الملك خالد في استلام وترحيل توابيت الموتى أم أنها تختلف. كم هي عدد التوابيت التي ترحل من مطارات المملكة، ربما تزيد عن 4000 تابوت، وكم عدد التوابيت التي تستلم؟ يحز في نفسي أن تعامل إدارة الجمارك توابيت الموتى كما تعامل البضائع الأخرى في المكان نفسه. جميل وجميل جداً أن تخصص إدارة الجمارك صالة خاصة لترحيل واستلام التوابيت، هذا سوف يخفف مشاعر المستقبلين والمودعين للتوابيت. كم هو مؤسف أنْ يستغل ضعاف النفوس في تهريب المخدرات هنا وهناك، أين آدميتهم، أين إنسانيتهم؟!. قال الله تعالي {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً}. إن خدمات سفارة المملكة في لندن خدمات مميزة تقدم للمواطنين، وهذا ما لمسناه عن قرب في إنهاء إجراءات المتوفى حتى نقل الجثمان للمملكة، نفتخر ونعتز باللمسة الإنسانية التي لمسناها من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نواف بن عبدالعزيز سفير خادم الحرمين الشريفين لدى المملكة المتحدة بالاتصال الشخصي والتعزية وتوجهاته التي أثلجت صدورنا. وفي الختام أتمني أن يأخذ مقالي محل النظر الجدي في التعامل مع التوابيت وتخصيص صالة خاصة لاستقبال وترحيل الموتى، ونشد على أيادي رجال الجمارك في التعامل الجدي معها حيث يستغل ضعاف النفوس نزعاتهم الشيطانية.
مشاركة :