قضت المحكمة الدستورية العليا، اليوم السبت، برئاسة المستشار الدكتور حنفي على جبالي، في الدعوى رقم 185 لسنة 32 قضائية "دستورية" بعدم دستورية عبارة "ويُشرع فورًا في توقيع الحجز" المنصوص عليها في عجز الفقرة الأولى من المادة (4) من القانون رقم 308 لسنة 1955 في شأن الحجز الإدارى، وعبارة "ويقوم هذا الإجراء مقام الإعلان" الواردة بعجز الفقرة الثانية من المادة (7) من القانون ذاته.وأقامت المحكمة حكمها على سند من أن الدولة القانونية - وعلى ما تنص عليه المادة (65) من دستور سنة 1971 المقابلة للمادة (94) من دستور سنة 2014 - هـــــى التي تتقيـــــد في ممارستها لسلطاتها، أيًّا كانـت وظائفها أو غاياتها، بقواعد قانونية تعلو عليها، وتردها على أعقابها إن هي جاوزتها، فلا تتحلل منها، ذلك أن سلطاتها هذه - وأيًّا كان القائمون عليها - لا تعتبر امتيازًا شخصيًّا لمن يتولونها، ولا هي من صنعهم، بل أسستها إرادة الجماهير في تجمعاتها على امتداد الوطــــن، وضبطتها بقواعد آمرة لا يجوز النزول عنها، ومن ثم تكون هذه القواعد قيدًا على كل أعمالها وتصرفاتها، فلا تأتيها إلا في الحدود التي رسمها الدستور، وبما يرعى مصالح مجتمعها.وتابعت أنه حيث إن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن التنفيذ جبرًا على أموال المدين بما له من آثار خطيرة عليه، لا يكون إلا بسند تنفيذي استظل به دائنه قبل التنفيذ ولم يبلغه إلا بطريق تحقق به دينه وصحته وصار حقيقة قانونية أو قضائية يجوز التنفيذ بمقتضاها، وخروجًا على هذا الأصل العام جاءت أحكام قانون الحجز الإدارى رقم 308 لسنة 1955 بأوضاع استثنائية، منها أن جعلت الأمــــر المكتوب الصادر من الوزيـر أو رئيس المصلحة أو المحافظ أو المدير أو ممثل الشخص الاعتبارى العام حسب الأحوال أو من يُنيبه كل من هؤلاء كتابة، معادلًا للسند التنفيذي الذي يجوز التنفيذ به وفقًا لأحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية.وأضافت أن هذا الاستثناء الوارد على حظر التنفيذ على أموال المدين قبل الحصول على سند تنفيذى حقيقى على نحو ما سلف لا تبرره إلا المصلحة العامة في أن تتوافر لدى أشخاص القانون العام وسائل ميسرة تمكنها من تحصيل حقوقها على النحو الذي يحقق سير المرافق العامة وانتظامها، وهو بذلك استثناء بحت لا يجوز نقله إلى غير مجاله، كما لا يجوز إعماله في غير نطاقه الضيق الذي يتحدد باستهدافه حسن سير المرافق العامة وانتظامها.وأوضحت أن قضاء هذه المحكمة استقر على أن قانون الحجز الإدارى لم يتوخ مجرد تقرير حقوق للجهات العامة تحصل بموجبها على مستحقاتها دون ما اعتداد بضرورة موازنتها بالحماية التشريعية التي ينبغى كفالتها للمدين المحجوز عليه باعتباره الأصيل في خصومة التنفيذ لتعلقها بأمواله ومصالحه الرئيسية.وأشارت أنه متى كان ما تقدم، وكان نص الفقرة الأولى من المادة (4) من القانون رقم 308 لسنة 1955 بشأن الحجز الإدارى، وإن أوجب على مندوب الحجز إعلان المدين أو من يجيب عنه تنبيهًا بالأداء وإنذارًا بالحجز، إلا إنه لم يفصل بين مُقدمات الحجز الإدارى التي تجرى بهذا الإعلان، والغاية من تقريرها وهى إمهال المحجوز عليه مدة يقدرها المشرع بنص خاص - أو بإعمال نص المادة (75) من قانون الحجز الإدارى الذي يجرى على أنه "فيما عدا ما نُص عليه في هذا القانون تسرى جميع أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية التي لا تتعارض مع أحكام هذا القانون"، مما مؤداه تطبيق ما ورد بنص الفقرة الرابعة من المادة (281) من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968 الذي لم يجـز إجراء التنفيذ إلا بعد مضى يوم على الأقل من إعلان السند التنفيذى.وذلك كله قبل الشروع في توقيع الحجز فعليًّا، حتى تتحقق من خلال هذه المهلة الغاية من إجراء مُقدمات التنفيذ، ولتدرك وسائل التشريع غاياته، فينضبط بذلك حكم إيقاع الحجز الإدارى على المنقول بالرابطة الدستورية المتعين التزامها بين أهداف التشريع والوسائل التي تحققها.
مشاركة :