يقول الشاعر عبدالرحمن الحربي في المقطع الأخير من قصيدة «نخلة لا تخون»: يا سيدي البدوي كيف تمخضت صلواتنا عما يشاء العاذلون وتركت محراب القصيدة راكع الخطوات يذوي كلما ذوت الظنون على الظنون وتركتني للوهم أغسل عاره حتى يراه الحالمون وبقيت وحدك خلف ذاك الغيم توغل في الجنون ونسيت أني نخلةٌ يبست ضفائرها وما رضيت تخون. أعترف أني كنت خائنا لهذا النص الشعري الجميل، فقد مررت بجواره كثيرا ولم اضبط إحاسيسي في محرابه، رغم أن علاقة النخيل بالخيانة هي علاقة محرمة. «يا سيدي البدوي».. خطاب يصوب سهمه نحو التطهير من إثم الغياب، (عما يشاء العاذلون).. ارتباط البدوي بالوفاء أوجب التذكير بالقطيعة. (وتركت محراب القصيدة راكع الخطوات يذوي كما ذوت الظنون على الظنون)، وهي مماحكة للغياب تسامت اللغة حتى تجاوزت الحال. (وتركتني للوهم أغسل عاره حتى يراه الحالمون وبقيت وحدك خلف ذاك الغيم توغل في الجنون).. وهذا المقطع حافل بالقلق وهي نتيجة حتمية لعار الوهم الغياب الذي يفجر ثورة إيقاظ الحنين. الحربي عبدالرحمن تجاوز بنا في «نخلة لا تخون» بلغتها الشعرية العميقة الغزو الآلي بقصائد (الواتس آب) التي تزيد من كآبة الحياة وتمتطي جواد أمزجتنا لتثقلها بالوجع.. فنحن نستعذبه بقدر بحثنا عنه وحاجتنا إليه في هذه المرحلة بالذات.
مشاركة :