بدا أمس أن رئيس الحكومة الانتقالية في ليبيا عبد الله الثني في طريقه لاحتواء أزمة خلافه مع وزير الداخلية عمر السنكي الذي أعاده مجلس النواب مجددا إلى العمل بعد وقفه وتحويله للتحقيق على خلفية تصريحات صحافية له مثيرة للجدل اعتبرت مساسا بالفريق خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبي. وقال مصدر مقرب من الثني لـ«الشرق الأوسط» إنه لن يعارض قرار الجهة التشريعية، مشيرا إلى أن المشكلة ليست شخصية بين الطرفين وإنما تتعلق بقواعد العمل لوزراء الحكومة. وأوضح أن الثني اكتفى بتوجيه رسالة إلى مجلس النواب طلب منه إيقاف السنكي عن العمل وفتح تحقيق بشأن تصريحاته. وكان السنكي وزير الداخلية قد أبلغ الثني أمس رسميا بعودته إلى سابق عمله بعد توقيفه لعدة أيام بأمر منه، وذلك تنفيذا لما توصلت إليه لجنة التحقيق المشكلة من قبل لجنة الشؤون الداخلية بمجلس النواب. وأكد السنكي في رسالة موجهة إلى رئيس الحكومة أنه باشر عمله حرصا منه على تغليب المصلحة العامة ومد جسور التعاون من أجل خروج البلاد إلى بر الأمان. إلى ذلك، أعلنت حكومة الثني في بيان رسمي أن وزارة الخارجية الكويتية طلبت من السفير الليبي السابق لديها محمد عميش مغادرة الأراضي الكويتية بعد أن أبلغتها الحكومة الليبية المؤقتة أنه لا يمثلها. وقالت الحكومة في بيان لها عبر موقعها الإلكتروني أن الكويت طالبت عميش بمغادرتها خلال الأيام المقبلة، في تأكيد جديد على الاعتراف العالمي بالحكومة الليبية الشرعية. كما حذرت الحكومة الليبية في بيان منفصل من أية عمليات تعاقد أو بيع لنفط تتم خارج إطار الشرعية القانونية المتمثلة في المؤسسة الوطنية للنفط ومقرها مدينة بنغازي في شرق البلاد، التي وصفتها بأنها الجهة الوحيدة المخولة ببيع النفط والغاز. وأكدت الحكومة أن مثل هذه العمليات تعد مخالفة وسيتحمل المتجاوزون ما يترتب على هذه المخالفة من إجراءات قانونية، معتبرة أنها الحكومة المؤقتة المنبثقة عن البرلمان الليبي الممثل الشرعي والوحيد لليبيين وهي الجهة الشرعية والوحيدة وتمثلها في التعاقدات النفطية المؤسسة الوطنية للنفط التي يتولى رئاسة مجلس إدارتها المبروك أبو سيف. ودعت الحكومة كل الجهات التنفيذية للشركات النفطية المتعاقدة، التعامل مع من يمثل الشرعية في ليبيا، موضحة أن العماري محمد المعين من جانب ما يسمى بحكومة الإنقاذ الوطني التي تسيطر على العاصمة الليبية طرابلس لا يحمل أية صفة لدى هذه الحكومة والمؤسسة الوطنية للنفط. عسكريا، شنت ميليشيات ما يسمى بـ«فجر ليبيا» غارة جوية على مدينة الزنتان الجبلية في غرب لبلاد مستهدفا مرة أخرى المرافق المدنية والبنية التحتية للمدينة وفقا لما أعلنته وكالة الأنباء الوالية لحكومة الثني، التي أشارت إلى أن القصف شمل منطقة ظاهر الغنائمة وأسقطت قنابل طيرانها وسط الأحياء السكنية. وأضافت أن «هذا العدوان الغادر الجديد تسبب كذلك في أضرار بالغة في الطريق الجبلي الرئيسي بالقرب من يفرن، مما أدى إلى إغلاق الطريق وتعطل حركة السير في المنطقة». في المقابل، أعلنت غرفة عمليات الجيش الليبي عن قيام سلاح الجو التابع لها بقصف مواقع في الغرب الليبي شمت بوابه الأمن العام علي طريق العسه ومواقع بمدينة زوارة، مشيرة إلى أنه تم أيضا قصف مواقع وأهداف مباشرة لميلشيات فجر ليبيا في محور العسه مع تصاعد أدخنة من المكان. من جهتها، أحبطت سرية الهندسة العسكرية بالجيش الوطني الليبي عملية تفجير عبوة ناسفة قام من وصفتهم بالإرهابيين المتطرفين بزرعها بجوار مركز شرطة العروبة في مدينة بنغازي بشرق البلاد. بموازاة ذلك، انتهت أمس وبشكل مفاجئ أزمة اختطاف على العربي وزير الإعلام في ما يسمى حكومة الإنقاذ الوطني من دون إعلان الجهة التي كانت تحتجزه في العاصمة طرابلس. واعتبر العربي عقب الإفراج عنه في مؤتمر صحافي عقده بطرابلس أن الاعتداء الذي تعرض له مؤخرا كان نتاج أمر استغل في غير غيرة الثوار على مكتسبات ثورة السابع عشر من فبراير (شباط)، مؤكدا أنه عندما فهموا وتبينوا كل الملابسات قاموا فورا بالإفراج عنه. وقال إنه يدرك ما حدث، وما هو إلا تدبير ومكيدة لقصم الصف، فأعداء الثورة دائما موجودون، مضيفا أنه «يجب أن يعلم الجميع أن حصانتنا مستمدة من غيرة الثوار ومكتسبات الثورة، فالحصانة قد منحت لنا من ثوارنا الأشاوس ولم يمنحها لنا أي مسؤول آخر في الدولة الليبية، وكوزراء لم نكن عائقا أمام الرقابة». وأكد أن هيئة الرقابة الإدارية أصدرت عفوا عنه بعد أن بحثت في كل الإجراءات المتعلقة بإيقافه عن مهامه كوزير للإعلام. من جهة أخرى، أعلنت مصادر أمنية أن العاصمة طرابلس تشهد هذه الأيام انتشارا أمنيا من قبل دوريات الإدارة العامة للأمن المركزي التابعة لوزارة الداخلية بحكومة الحاسي. وقال المكتب الإعلامي للقوة الأمنية المشتركة بطرابلس في بيان نقلته الوكالة الموالية للحكومة إن دوريات ثابتة ومتحركة بدأت تطويق مداخل المدينة، بالإضافة إلى تأمين عدد من المرافق الحيوية داخلها، مشيرا إلى أن التحقيقات لا تزال مستمرة بشأن الحوادث الأمنية التي شهدتها المدينة مؤخرا. وقال رئيس الغرفة المؤقتة لحماية وتأمين طرابلس الكبرى منصف الولدة إن التحقيقات ما زالت متواصلة لمعرفة المسؤولين عن التفجير الذي استهدف بوابة الشرطة بجنزور، مشيرا إلى وجود خطط جديدة، بالتعاون مع الجهات الأمنية في طرابلس الكبرى لمكافحة مثل هذه الجرائم. في غضون ذلك، أعلنت تونس تفكيك شبكات لتسفير شبان للقتال في ليبيا ضمن التنظيمات الجهادية واعتقلت عشرات بينما عززت الحكومة انتشارها العسكري على الحدود مع جارتها ليبيا. وقالت الداخلية التونسية في بيان لها أمس إن «الجيش والأمن أوقفوا 10 إرهابيين كانوا يحاولون التسلل إلى ليبيا للالتحاق بالجماعات المسلحة في ليبيا». وأوضحت في بيان ثانٍ منفصل أن «قوات الأمن فككت 4 خلايا إرهابية تستقطب الشبان والطلبة لتسفيرهم إلى ليبيا للانضمام إلى تنظيمات إرهابية والمشاركة في القتال الدائر هناك... وتم إيقاف 22 إرهابيا». وأضافت أن «الشبكات الإرهابية المذكورة بتنسيق تام مع عناصر إرهابية تونسية خطيرة ناشطة على الساحة الليبية تشرف على معسكرات تدريب بمعية نظراء لها من جنسيات مختلفة». ومع ذلك فقد نقلت «رويترز» عن مسؤول تونسي كبير أن بلاده ستعيد فتح أجوائها بشكل جزئي أمام الرحلات الجوية الليبية للمرة الأولى منذ إغلاقها قبل أشهر في خطوة تلت إعادة فتح القنصلية التونسية في طرابلس الشهر الماضي. وقال حاتم المعتمري المدير العام للطيران بوزارة النقل التونسية: «قررنا إعادة فتح الأجواء التونسية أمام الطائرات الليبية من مطاري معيتيقة ومصراتة». وقال المعتمري إن «أول رحلة ستكون يوم الجمعة المقبل من معيتيقة لصفاقس في تونس»، دون أن يذكر مزيدا من التفاصيل.
مشاركة :