كشف النائب والوزير اللبناني السابق باسم السبع، الذي واصل الإدلاء بإفادته أمس أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، أن «الرئيس رفيق الحريري كان تلقى تنبيهاً من مسؤول أمني، بأنه أمام 3 خيارات: إما الموت أو السّجن أو الرحيل». وتحدّث السبع عن أسباب زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم الحريري في 1 شباط (فبراير) عام 2005، معلّقاً على مقالات نُشرت عن لقاء «بريستول»، وعن صور جمعته والحريري وآخرها ظهر فيها معه في الدقائق التي سبقت الانفجار الذي أودى بحياته في 15 شباط عام 2005. ولفت إلى أن «زيارة المعلم لبنان في 1 شباط، تقررت كي تكون لرفيق الحريري، وتم توسيع إطارها لتشمل قيادات وشخصيات أخرى، لإعطاء انطباع بأن وزير خارجية سورية يجتمع مع كل القوى السياسية في لبنان، غير أن الهدف الأساسي كان محاولة القيادة السورية القول إنها على حوار مع الحريري بعد الإشكالات التي تبيَّن أنها كانت تتفاقم يوماً بعد يوم، بين وجهة نظر القيادة السورية ووجهة نظر الحريري». وأشار إلى أن «المعلم نقل رغبة القيادة السورية في أن يتم العمل على تمرير هذه المرحلة من دون أية إشكالات سياسية في لبنان، وردّ الحريري في حينها بأن الموضوع ليس بين يديه، إنما هو عند الطرف الآخر، وقال للمعلم: هذه مسوؤلية موجودة عندكم أيضاً أنتم تتحمَّلون مثل هذه المسؤولية. وانتهى الاجتماع إلى نتيجة يمكن أن يقال عنها باردة، ولم يتم التوصل فيها إلى قناعات مشتركة أو اتّفاق على خطوات للتحرك في المرحلة المقبلة، إنما محاولة لتهدئة الظروف ليس أكثر». وسئل عن مقال صحافي جاء فيه: «في حال طرحت دمشق الحوار مع المعارضة، أكدت هذه المصادر أن «الحكي خلص وقتو، والمطلوب خطوات عملية تنفيذية تبدأ بانسحاب كامل للجيش السوري وعدم التدخل في الشؤون اللبنانية». وعما إذا اعتبر أن الاقتباس هنا اتفق عليه أعضاء مجموعة «بريستول»، قال الشاهد: «هذا الكلام منقول عن مصادر، وليس جزءاً من نصّ رسمي». وسأله عن شريط مسجّل يظهر فيه السبع مع الحريري في زيارة للمطران بولس مطر في الأشرفية في 10 شباط عام 2005، ضمن لائحة بيِّنات الادعاء، ويتضمن تصريحاً قصيراً ألقاه الحريري للصحافيين بعد الاجتماع، وبدا الشاهد جالساً إلى جانب الحريري في السيارة عند وصولهما، وأشار السبع إلى أن «هذا الاجتماع حصل في 10 شباط بعد يوم واحد من عيد ما مارون، وعيد رأس السنة الهجرية، وأراد الحريري إيصال رسالة بأن لبنان هو بلد الحياة المشتركة بين المسلمين والمسيحيين، وأن التضامن الإسلامي - المسيحي في تلك المرحلة بلغ المستوى الذي يتمناه ويريده، وفي شقّ آخر، أراد الحريري توجيه رسائل سياسية واضحة تتعلَّق بتحالفات المرحلة المقبلة للانتخابات النيابية، والرسالة السياسية المهمة قيلت داخل الاجتماع وليس في التصريح الذي تناول قضية مبدئية تتعلّق بموقف الرئيس من قانون الانتخابات، وسبق أن قال إنه سيترشح وسيخوضها في كل الدوئر أيا كان هذا القانون، حتى لو أتوا إليه بالدائرة الأصعب في بيروت». وتحدث عن عمل داود الصايغ مع الحريري، وقال: «المهمة المكلّف بها لم تعجب السوريين، القيادة السورية كانت تريد قطع قنوات الاتصال بين البطريركية المارونية والحريري، ولا تستطيع القول له مباشرة: ممنوع عليك أن ترى (البطريرك نصرالله) صفير، لكنها تستطيع القول له: ضع الصايغ جانباً وهذا ما حصل». وقال: «عام 2005، مرحلة بلغ فيها الحريري الحدود المطلوبة للانتقال إلى المعارضة السياسية». وعرض الإدعاء صورة تظهر الحريري مساء 13 شباط مجتمعاً والسبع وغازي العريضي (كان استقال في أيلول) ومروان حمادة ووليد جنبلاط في قريطم. ولفت الشاهد إلى أن اللقاء «أتى بعد لقاء مهم للحريري في المطرانية ولم يرد في التصريح العلني الذي أدلى به بعد انتهاء الإجتماع مع مطر»، مشيراً إلى «مضمون الكلام الذي قاله في المطرانية، وله صلة بالسقف السياسي الذي حدده الحريري في تلك المرحلة». وأشار إلى أن «الإجتماع في قريطم لم يتجاوز النصف ساعة، وانتهى بتصريح أدلى به جنبلاط هدفه القول إن في عزّ الحملة التي يتعرض لها الحريري تتعلق بما سمي أزمة الزيت، أنا متضامن مع الحريري وحليف له في المسار السياسي الذي اخترناه معاً». وأوضح أن المخاوف الأمنية في شأن سلامة الحريري طرحت من زاوية محاولة اغتيال حمادة، لكن «الحريري كان يبسِّط الأمور وأنا عاتبته أن من المفترض أن يتطرق الإجتماع إلى مخاوف حقيقة من هذا النوع وقلت له في حضور حمادة أن مروان نموذج لما يمكن أن يتعرض له آخرون، قال لي الحريري: ممَ تخاف؟ قلت له خايف عليك وعلى وليد ولست خائفاً على نفسي وعلى وليد أكثر منك لأنه «في بوز المدفع»، وقتها استخدم تعبير شوف هالمجنون شو عم يحكي. وقال له مروان أنني على حق وأخذ الحريري الأمور بضحكة وقال الحذر لا يلغي القدر». وروى السبع كيف توجّه الحريري خلال اللحظات الأخيرة التي قضاها معه قبل اغتياله، نحوه خلال جلسة للجان النيابية المشتركة المخصصة لمناقشة قانون الانتخاب. وقال: «قال لي أريد الجلوس إلى جانبك، ومثلما تعرف كاميرات التَّصوير ستدخل لتصوير الحضور قبل بدئها لأنها سرية، والجماعة عاملين علينا حملة معتبرين أن حالتنا بالويل ورِكَبنا تسِك من الخوف أريد توجيه رسالة لهم، أنا وأنت، أول ما توصل الكاميرات نضحك ليرونا على هذه الحال. نحن مرتاحون ومطمئنون». وعن سؤال القاضي الرديف نيكولا ليتييري عن «شبح النظام السوري»، قال الشاهد: «حزب الله في تلك المرحلة لم يكن في واجهة الاشتباك السياسي مع الحريري، بل كان في دائرة الحوار السياسي معه. والنطاق الذي تعرّض من خلاله الحريري للضغوط السياسية أو الأمنية وغيرها صدرت عن فريق معيَّن على رأسه القيادة السورية وهو ما سميناه النظام الأمني السوري المشترك وهو امر حصل على مدى سنوات». وأضاف: «أعلم أن الحريري وصله في بداية الـ 2000 تنبيه من أحد المسؤولين الأمنيين في لبنان بأن وضعه غير سليم وبأنه أمام خيار من 3 إما الموت أو السجن أو الرحيل، وهذا الأمر كتب في إحدى الصحف اللبنانية». ورداً على سؤال بعيداً من الهرمية الموجودة في الحزب هل هناك أشخاص يستطيعون العمل بمفردهم، أجاب: «لست الجهة المخوَّلة لمعرفة آليات العمل داخل حزب الله». واستجوب الدفاع الشاهد الذي قال إن «الحملة ضد الحريري وفريقه نظمت في غرف قريبة من القصر الجمهوري». وعن التنبيه الذي تلقاه الحريري، قال: «قال لي الحريري إما أن أموت كما حصل مع رشيد كرامي أو مع رينيه معوض أو السجن فمنحمل، أما الرحيل فلن أرحل. التنبيه نقله للحريري شخص لا أعرفه وورد على لسان جميل السيد».
مشاركة :