تطبيقات الذكاء الاصطناعي تعطي زخما لأعمال الإغاثة

  • 5/6/2019
  • 00:00
  • 18
  • 0
  • 0
news-picture

وصلت فرق الإغاثة إلى موقع الدمار الذي خلفه الإعصار “مايكل” بالولايات المتحدة في أكتوبر الماضي للبحث عن ناجين، ولكن بعد انقضاء أسبوع، كان لا يزال هناك أكثر من ألف شخص في عداد المفقودين رغم الجهود المضنية التي بذلها رجال الإنقاذ. ولا شك أن الاستعانة بالطائرات المسيرة في جهود الإغاثة في حالات الكوارث الطبيعية قد ساهمت في التغلب على العديد من العقبات والعراقيل. يعكف فريق بحثي من جامعة بوردو بالولايات المتحدة حاليا على محاولة تطوير سبل الإغاثة عن طريق استخدام منظومات الذكاء الاصطناعي والمعادلات الخوارزمية الخاصة بتقنيات التعلم الاصطناعي من أجل ابتكار نظام يسمح للطائرات المسيرة بالتواصل في ما بينها أثناء عمليات الإنقاذ، والتعاطي بأفضل شكل ممكن مع المتغيرات المختلفة في مسرح عمليات الإغاثة. ويرأس فريق الدراسة الباحثان شاوشواي مو ودان دولارنتس المتخصصان في مجال علوم الطيران والفضاء، وتجري الدراسة بتمويل من مؤسسة “نورثروب جرومان” في إطار جهود تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجالات المختلفة. وقال مو “في ما يتعلق بهذه المنظومة، ينصب تركيزنا على وجود شبكة ذات وحدات متعددة ومتنوعة بحيث يمكن تنسيق جهودها أثناء عملية الإغاثة”، مضيفا أن “مثل هذا التنسيق سيسمح للشبكة بالعمل كفريق متكامل من أجل تنفيذ مهام معقدة في مجال البحث والإنقاذ”. وأضاف مو في تصريحات أوردها الموقع الإلكتروني “فيز دوت أورج” المتخصص في التكنولوجيا، أن “هناك أيضا تحديات تتعلق بمسرح عمليات الإنقاذ حيث أن البيئة المحيطة قد تتسم بالديناميكية في ظل التغيرات الجوية”، موضحا أن “الطائرات المسيرة لا بد أن تكون قادرة على إبداء رد الفعل واتخاذ قرارات مستقلة تتناسب مع بيئات العمل المختلفة”. وفي إطار الدراسة، يتم تطويع تقنيات الذكاء الاصطناعي لمساعدة أنظمة الإنقاذ بشتى السبل الممكنة عن طريق التعرف على الأجسام والتواصل بين الإنسان والآلة وتحسين أداء المنظومة بمرور الوقت. ويؤكد مو أن “المواقف المعقدة تتطلب وجود العنصر البشري بغرض الدمج وإحداث التناغم في ما يتعلق باستقلالية اتخاذ القرار لدى البشر والآلة”.وفي سيناريوهات عمليات الإغاثة وفق المنظومة الجديدة، يتم استخدام عربة معالجة إلكترونية قوية، لتفعيل التواصل بين وسائل الإنقاذ البرية والجوية والبحرية المختلفة، من أجل تغطية مساحة أكبر في عمليات البحث. وفي نفس السياق، يستخدم تطبيق جديد صمم للهواتف الذكية تقنية نظام التموضع العالمي لمساعدة المستجيبين لحالات الطوارئ والمسعفين في تحديد موقع ضحايا الكوارث الطبيعية لمساعدتهم. ويمكّن التطبيق، الذي يعتبر اسمه اختصارا لمصطلح “السلامة العامة”، ضحايا الكوارث من نشر مواقعهم وسبب حاجتهم لمنقذين مباشرة من هواتفهم. وتبث بياناتهم إثر ذلك في خارطة شاملة يراقبها عمال الإغاثة بصورة مستمرة. وقال منشئ التطبيق، إيرون إيلر، “يتمثل هدف التطبيق الأساسي في ربط الأشخاص المحتاجين للمساعدة بأشخاص يمكنهم منحها. إنها منصة واضحة”. وبدأ إيلر برمجة التطبيق قبل عامين. جاءه الإلهام أثناء مشاهدته تغطية حية صورت عمال الإغاثة المتوجهين لمساعدة ضحايا إعصار “ماثيو”، الذي صنف من الدرجة الخامسة وتسبب في دمار واسع النطاق في جنوب شرق الولايات المتحدة ومصرع ما يقرب من 850 شخصا. ضرب هذا الإعصار مناطق من الولايات المتحدة في عام 2016، مما دفع الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى إعلان حالة الطوارئ في فلوريدا وجورجيا وجنوب كارولينا. وأصبحت الكارثة مصنفة ضمن الأعاصير الأكثر دموية في التاريخ الحديث. وقال إيلر “أدركت أنهم لم يمتلكوا طريقة فعالة لتنسيق أنشطتهم. أتمتع بتجربة بسبب خلفيتي العسكرية في مجال الخدمات اللوجستية، إذ كنت أنتمي إلى قوات مشاة بحرية الولايات المتحدة. لذلك بدأت في التفكير في حل لهذه المشكلة. ورأيت من برمجة تطبيق يمكن تفعيله على الهواتف الذكية أفضل طريقة للتنسيق”. وأشار المبرمج إلى أن تطبيقه، الذي اكتمل مؤخرا، لا يستخدم على نطاق واسع بعد. إذ لا تعتمده مؤسسة الصليب الأحمر الأميركي المختصة في الاستجابة عند الحروب والكوارث البيئية، ولم تتطرق إليه الوكالات الحكومية، لكن ذلك قد يتغير قريبا، وخاصة مع اقتراب موسم أعاصير المحيط الأطلسي. وقال كريستوفر رينولدز، وهو رئيس سابق في قسم إطفاء وإدارة الطوارئ، يشغل منصب عميد في مجال التغطية الأكاديمية وتطوير البرامج بالجامعة الأميركية، “إذا كنت تشغل منصب مدير للطوارئ في منطقة تامبا، مثلما كنت، فأنا أشجعك على تنزيل التطبيق. إنه يمثّل طريقة أخرى للتواصل. تعد أي آلية يمكن أن تساهم في مساعدة الناس ميزة يجب استغلالها”. ولم يشارك رينولدز في إنشاء التطبيق، لكنه أكد أن التقنية المبنية على إرسال موقع الضحية إلى المسعفين ليست بالأمر الجديد. وحمل المتنزهون والمتسلقون لسنوات أجهزة لتحديد مواقعهم. كما تحتوي قوارب الصيد والسفن على أجهزة مماثلة من شأنها أن ترسل نداءات استغاثة مرفقة بإحداثيات المركب إلى خفر السواحل في حالة حدوث أمر طارئ. وقال رينولدز “إنه نفس الشيء. يمكّن هذا التطبيق مستخدميه من الشعور بمزيد من الأمان لمعرفتهم أن الفرق المختصة ستقدر على تحديد مواقعهم عند الاقتضاء”. ولكي يصبح التطبيق فعالا، يجب أن تتوفر عدة عوامل. يجب أن تشمل التغطية الخلوية منطقة الكارثة، ويجب أن يمتلك كل شخص في تلك المنطقة هاتفا ذكيا، ويجب أن ينزّل الجميع هذا التطبيق على هواتفهم. وإذا غاب أحد هذه العوامل، فستضطر فرق الإنقاذ إلى التراجع عن التقنيات للعودة إلى الآليات الحالية لإدارة الطوارئ.وقبل حدوث الكوارث، يتوجّب على مديري الطوارئ تقييم المناطق لتحديد أكثرها تعرضا للخطر. على سبيل المثال، عليهم معرفة المناطق التي عادة ما تغمرها المياه خلال الأعاصير. يتم إجلاء هذه المواقع أولا، ويركز طاقم البحث والإنقاذ اهتمامه عليها فور وقوع الكارثة لتحديد مكان الأشخاص المحاصرين مع مراقبة جوية وبحرية واستعمال سيارات مجهزة ومشاة لتمشيط الأراضي المتضررة. ويمكن أن يمنح التطبيق لعمال الإنقاذ مكان تواجد الضحايا. وقال إيلر إن هذا سيمكن الأشخاص العاديين من العثور على جيرانهم الذين قد يحتاجون إلى مساعدة فورية. وأضاف في إشارة إلى تصريح قسم الطوارئ في فلوريدا بعد إعصار مايكل الذي اعترف بأنه لم يتمكن من الاستجابة إلى 2500 طلب مساعدة، قائلا “عندما لا يتمكن العديد من الأشخاص من الحصول على المساعدة، نصبح بحاجة إلى إنشاء منصة تشمل الأشخاص الذين يريدون التطوع. لا يجب رفض تطوّع الأشخاص الذين يبدون استعدادهم لتقديم يد المساعدة في وقت تشهد فيه البلاد كارثة تهدد حياة المئات”. ويمتد التطبيق إلى مرحلة تتجاوز عمليات البحث والإنقاذ، إذ يمكن أن تساعد المتطوعين على إيصال الإمدادات عند الحاجة. وبعد الكوارث الطبيعية، من الشائع أن ترسل المؤسسات الخيرية كميات هائلة من الإمدادات إلى مناطق الكوارث. ومع ذلك، غالبا ما تفشل هذه الإمدادات في الوصول إلى أماكن أين تكون الحاجة إليها في أمسها.

مشاركة :