تواصل أمس التصعيد على الحدود الإسرائيلية مع قطاع غزة لليوم الثاني على التوالي، بالتزامن مع استمرار ردود الفعل الدولية. وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الأحد أنه أمر الجيش بمواصلة "الضربات المكثفة" على غزة، رداً على الصواريخ التي تطلق من القطاع. وقال نتانياهو في بداية اجتماع للمجلس الوزراي المصغر: "أمرت الجيش هذا الصباح بمواصلة ضرباته المكثفة على عناصر إرهابية في قطاع غزة، وأمرت بتعزيز القوات حول القطاع بالدبابات والمدفعية وقوات المشاة". واطلقت صباح اليوم دفعة جديدة من الصواريخ من القطاع، فيما قتل منذ السبت ستة فلسطينيين وإسرائيلي في تبادل إطلاق الصواريخ من جهة والقصف الجوي والمدفعي من جهة أخرى. وقتل الإسرائيلي (58 عاما) ليل السبت - الأحد جرّاء سقوط صاروخ على منزله في مدينة عسقلان في جنوب إسرائيل القريبة من حدود القطاع. وكانت إسرائيلية أخرى تبلغ من العمر ثمانين عاما أصيبت بجروح خطيرة في كيريات غات على بعد عشرين كيلومترا من غزة. في الجانب الفلسطيني، أعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس السبت مقتل أربعة أشخاص، بينهم أم حامل وطفلتها، بقصف إسرائيلي، إلا أن الجيش الإسرائيلي نفى ذلك، مؤكدا أن الطفلة وأمها قتلتا في انفجار صاروخ أطلقته حماس. وأعلنت حركة الجهاد الإسلامي اليوم مقتل اثنين من ناشطيها في قصف إسرائيلي على مخيم البريج في وسط القطاع. وواصل الطيران الإسرائيلي صباح الأحد، غاراته على قطاع غزة واستهداف مواقع لحركتي حماس والجهاد، كما طال القصف العديد من البنايات السكنية والمنشآت المدنية والتجارية. وقصفت مدفعية الاحتلال، نقطة للضبط الميداني شرقي مدينة غزة، فيما أصيب شاب بجروح خطيرة استهدافه بصاروخ من قبل طائرة مسيرة خلال ركوبه على دراجة نارية في منطقة الفالوجا بمخيم جباليا، كما قصفت الطائرات الحربية موقع البحرية بالنصيرات وسط القطاع. وذكر الجيش الإسرائيلي في بيان، أن القصف استهدف أيضا منازل لقيادات بحركتي حماس والجهاد، حيث تم قصف أكثر من 30 منزلا. وقال أن في بعض هذه المخازن تم تخزين الأسلحة. وأحصى المكتب الإعلامي الحكومة في غزة أكثر من 150 غارة للطيران الحربي الإسرائيلي استهدفت نحو 200 معلم مدني في القطاع. وقال المكتب في بيان أن "القصف استهدف بنايات سكنية ومساجد وورش حدادة ومحالًا تجارية ومؤسسات إعلامية وأراضٍ ودفيئات زراعية". وذكر أن الاحتلال قصف ودمر سبع بنايات سكنية، واستهدف أربعة منازل أخرى ومحيطها بالصواريخ، وقصف مسجد المصطفى بمخيم الشاطئ للاجئين غربي مدينة غزة. وتواصلت أمس ردود الفعل الدولية والعربية، وكانت الولايات المتحدة الأميركية، دانت أمس السبت، إطلاق صواريخ من قطاع غزة، مؤكدة وقوفها إلى جانب إسرائيل وتأييدها لحقها في الدفاع عن نفسها. وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن "الولايات المتحدة تدين بشدة استمرار الهجمات الصاروخية التي تشنها حماس والجهاد من غزة على المدنيين الأبرياء" في إسرائيل. ودعت "المسؤولين عن هذا العنف إلى وقف هذا العدوان فورا"، مضيفة: "نحن نقف إلى جانب إسرائيل ونؤيد بالكامل حقها في الدّفاع عن النفس ضدّ هذه الهجمات البغيضة". من جانبه قال موفد الرئيس الأميركي لشؤون الشرق الأوسط جيسون غرينبلات، إن "حماس" و"الجهاد الإسلامي" تقوم "بعمل إرهابي" وتطلق مئات الصواريخ ضد الإسرائيليين، مؤكدا أن الإدارة الأميركية تؤيد بقوة "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، وتدعو المجتمع الدولي إلى اتخاذ ذات الموقف. ودعت الأمم المتحدة، الفلسطينين وإسرائيل إلى "الامتناع عن التصعيد والعودة إلى تفاهمات الأشهر القليلة الماضية". وقال بيان أصدره المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ميلادينوف إن "الذين يسعون إلى تخريب تلك التفاهمات، سيتحملون مسؤولية الصراع، الذي سيكون له عواقب وخيمة على الجميع". وأعرب ميلادينوف، عن قلقه العميق "إزاء هذا التصعيد الخطير في غزة والخسارة المأساوية في الأرواح". وقال: "تعمل الأمم المتحدة مع مصر وجميع الأطراف لتهدئة الوضع. وإنني أدعو جميع الأطراف إلى الأحجام عن التصعيد والعودة إلى تفاهمات الأشهر القليلة الماضية". ولفت الى إن الاستمرار في مسار التصعيد الحالي سيؤدي بسرعة إلى التراجع عما تم تحقيقه، وتدمير فرص الحلول طويلة الأجل للأزمة". ودعا الأردن الأحد إلى "وقف العدوان الإسرائيلي" على قطاع غزة على الفور، مؤكداً أن "العنف لن يؤدي إلا إلى المزيد من التوتر والمعاناة" لهذا القطاع المحاصر الذي "يعاني أهله أزمة إنسانية وحياتية لا يمكن القبول بها". وأكدت وزارة الخارجية الأردنية في بيان "ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة فوريا واحترام القانون الدولي الإنساني"، محذرة من "تبعات التصعيد ضد القطاع المحاصر (...) الذي يعاني أهله أزمة إنسانية وحياتية لا يمكن القبول بها جراء الحصار الجائر والعقوبات الجماعية التي تفرضها إسرائيل في خرق للقانون الدولي". ورأت إن "العنف لن يؤدي إلا إلى المزيد من التوتر والمعاناة"، وطالبت "بوقفه وتحقيق التهدئة"، مؤكدة دعمها "الجهود التي تبذلها جمهورية مصر العربية الشقيقة والأمم المتحدة لتحقيق ذلك". وقالت الوزارة إن "استمرار غياب آفاق السلام واستمرار الاحتلال وتكريس الحصار على غزة يشكلان التهديد الأكبر للأمن والاستقرار في المنطقة". ودعت المجتمع الدولي إلى "التحرك بشكل فوري لوقف دوامة العنف وتحقيق التهدئة وتحقيق الحماية للشعب الفلسطيني الشقيق وإيجاد آفاق حقيقية لحل الصراع على أساس حل الدولتين".
مشاركة :