تجدد محاولات فض الاعتصام أمام مقر الجيش السوداني

  • 5/7/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

الخرطوم - أعلنت قوى "إعلان الحرية والتغيير" في السودان، الإثنين، عن محاولة لإزالة المتاريس قبالة جسر كوبر بساحة الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش بالعاصمة الخرطوم. جاء ذلك في بيان صادر عن قوى إعلان الحرية والتغيير وقال البيان إن هذه المتاريس هي أحد أهم الخطوط الأمامية التي تم تثبيتها بدماء شهداء وقفوا عليها وشيدوها وقدموا أرواحهم من أجلها. ودعت القوى "جميع الثوار للحضور للقيادة العامة من أجل حراسة الاعتصام وحماية الثورة وإبطال المحاولات المتكررة لإزالة المتاريس والتي هي مدخل لفض الاعتصام وتقويض الثورة". وكانت عناصر من قوات الدعم السريع عمدت السبت الى فض الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش بالعاصمة الخرطوم، في حين تصدى لها المعتصمون. وأفاد شهود عيان أن جنودا من "الدعم السريع"، وصلوا إلى بوابة رئاسة أركان القوات البحرية، وشرعوا في إزالة الحواجز الأسمنتية والمتاريس، واشتبكوا مع المحتجين، ما أدى إلى إصابة مواطن، أسعف فورا إلى إحدى العيادات الطبية الملحقة بمقر الاعتصام. وتضم قوى "إعلان الحرية والتغيير" التي تقود الحراك الشعبي بالبلاد تحالفات "نداء السودان" و"الإجماع الوطني" و"التجمع الاتحادي، و"القوى المدنية". ويتحدى آلاف السودانيين منذ شهر بالتمام القيظ والغبار ويعتصمون أمام مقر الجيش في الخرطوم للمطالبة ببلد جديد، متمسكين بأحلامهم سواء بالديمقراطية أو بالازدهار الاقتصادي. وتبقى الآمال كثيرة، لكن بعض المطالب تحظى أو تكاد تحظى بالإجماع في موقع الاعتصام. فالكل يطالب بتحسين ظروفهم المعيشية، لكن العديدين يرفعون مطالب أخرى أيضا، من بينها قيام سودان "خال من الإسلاميين". ويقول أحد المتظاهرين بهذا الصدد "لقد دمروا البلد حرفيا". وفي 1989، ساند الإسلاميون الانقلاب الذي حمل عمر البشير إلى السلطة، وقد أطاحه الجيش في 11 نيسان/أبريل تحت ضغط حركة احتجاجية غير مسبوقة استمرت حوالى أربعة أشهر، إثر قرار اتخذته الحكومة في كانون الأول/ديسمبر بزيادة سعر الخبز ثلاثة أضعاف. وتكتظ الجادة المحاذية لمقر الجيش بمئات المعتصمين الذين يعبرون ذهابا وإيابا وسط أجواء طيبة، تمتزج فيها رائحة القهوة برائحة أطباق الفول التقليدية التي تُطهى في قدور ضخمة، ونتانة الحمامات المرتجلة على مقربة. وحين يسألهم صحافي من وكالة فرانس برس كيف يتصورون السودان ما بعد البشير، لا يخفي المتظاهرون من أعمار متفاوتة حماستهم. ويقول محمد عادل حي الطالب البالغ من العمر 22 عاما "نريد بلدا يصل فيه ذوي الكفاءات إلى الوظائف بدون وساطات"، مضيفا "أخيم منذ شهر حتى لا يطعن أحد بحلمي". ويقول الطالب في الهندسة الذي لم يعرف نظاما غير نظام البشير "نريد بلدا يديره المدنيون وليس إسلاميون كما من قبل". وأوضح مركز "تشاتام هاوس" في لندن في دراسة أجراها مؤخرا حول آفاق المستقبل في السودان "هناك اليوم مزيج من البهجة والحذر حيال مستقبل البلاد". ويلزم الجميع الحذر ازاء تعثر المحادثات بين قادة الاحتجاجات والمجلس العسكري الانتقالي الحاكم. ويتوقف نجاح هذه المحادثات برأي الخبراء على قدرة الطرفين على صياغة تسويات مقبولة من الطرف الآخر، إنما كذلك من غالبية السودانيين الذين يتوقون بمعظمهم إلى حياة أفضل. حاجات أوليّة وقال أبو الكامل الذي كان عمره 18 عاما عند تولي البشير السلطة إن "شعب السودان يريد قبل أي شيء تلبية حاجاته الأوليّة على صعيد التربية والصحة والمزيد من العدالة الاجتماعية". ويضيف الموظف في جامعة الخرطوم "الإسلاميون دمروا البلد فعليا بدعوتهم (مؤسس تنظيم القاعدة) أسامة بن لادن، الأمر الذي أدى إلى فرض عقوبات دولية على بلدنا". وقامت الولايات المتحدة في تشرين الأول/أكتوبر 2017 برفع الحظر التجاري الذي فرضته على السودان على مدى عشرين عاما، لكنها أبقت الخرطوم على قائمة الدول الراعية للإرهاب في العالم، بعد إدراجها على هذه القائمة لاتهامها بالارتباط بجماعات إسلامية متطرفة. وينتمي أبو الكامل على غرار العديد من المتظاهرين إلى الطبقة الوسطى التي تدهورت قدرتها الشرائية منذ عقود. ويواجه السودان أزمة اقتصادية ونقصا حادا في العملات الأجنبية، وقد حرم من 75% من احتياطاته النفطية مع استقلال جنوب السودان عام 2011. وقالت عائشة الخمسينية رافضة الإفصاح عن اسمها كاملا وعن وظيفتها "كل ما نريده هو أن نأكل ونكتفي، وأن نرى البلاد تعمّر من جديد". وأعربت متظاهرة أخرى هي انتصار ربيعة محمد من مواليد 1975، عن تطلعات مماثلة، آملة في قيام "سودان مزدهر ومتطور وحيوي". نريد سودانا مزدهرا ومتطورا وحيويا ويردد المحتجون شعارات تعرب عن حجم آمالهم، فيهتفون في كل التظاهرات "حرية سلام عدالة"، وهي مطالب تتخطى التطلعات الاقتصادية. وبعد حرمانهم على مدى سنوات من إبداء اهتمامهم بالشأن السياسي في ظل نظام مستبد الغى النقاش العام وخنق حرية الصحافة مع تصنيف السودان على هذا الصعيد في المرتبة 174 من أصل 180 بلدا في التصنيف العالمي لمنظمة مراسلون بلا حدود، يعود السودانيون ليحتلوا الساحة العامة ويستعيدوا السيطرة على الشارع في الخرطوم وسط أجواء احتفالية. ويتظاهر الأصغر سنا من بينهم بإجراء مقابلات مع متظاهرين، حاملين كاميرات وميكروفونات من الكرتون، فيدعي المتظاهرون الإجابة على اسئلتهم. ويسأل أحد هؤلاء الصحافيين المرتجلين شابا يدّعي بأنه من كبار مسؤولي نظام البشير "هل نهبت البلد وقمعت الناس وكبلت الحريات؟". فيجيب الأخير بكل ثقة "نعم"، فيعلو الضحك من حولهما. ويعتصم الآلاف، منذ 6 أبريل/ نيسان أمام مقر قيادة الجيش، ما أدى إلى إغلاق جسري "النيل الأزرق" و"القوات المسلحة"، اللذين يربطان العاصمة بمدينة بحري، وكذلك إغلاق شوارع رئيسية. وتطالب قوى إعلان الحرية والتغيير بـ"مجلس رئاسي مدني"، يضطلع بالمهام السيادية خلال الفترة الانتقالية، و"مجلس تشريعي مدني"، و"مجلس وزراء مدني مصغر" من الكفاءات الوطنية، لأداء المهام التنفيذية. وعزلت قيادة الجيش، في 11 أبريل/نيسان عمر البشير من الرئاسة؛ تحت وطأة احتجاجات شعبية متواصلة منذ أواخر العام الماضي. وشكل الجيش مجلسا عسكريا انتقاليا لإدارة مرحلة انتقالية تستمر عامين كحد أقصى، وسط خلافات مع قوى "إعلان الحرية والتغيير"، في ظل مخاوف من التفاف الجيش على مطالب المحتجين كما حدث في دول عربية أخرى.

مشاركة :