في تطور لافت ورسالة أميركية حاسمة؛ أمر البيت الأبيض، مساء أول من أمس الأحد، بتوجيه مجموعة مكونة من حاملة طائرات وقاذفات قنابل إلى منطقة الشرق الأوسط بعد ورود أدلة على أن إيران أو حلفاءها قد نقلوا قوات بحرية وبرية، وربما تستعد لمهاجمة القوات الأميركية. وأرسل البنتاغون حاملة الطائرات «يو إس إس أبراهام لنكولن».وأبلغ وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو صحافيين يرافقونه في رحلته لأوروبا صباح أمس، بأن «الولايات المتحدة رصدت تصعيداً من جانب إيران، وفي هذه الحالة فإننا سنحاسب الإيرانيين على هجمات ضد المصالح الأميركية، وإذا فعلوا ذلك من خلال وكلاء؛ سواء كانوا ميليشيات شيعية أو (حزب الله)، فإننا سنحاسب طهران وسنعدّ القيادة الإيرانية مسؤولة مسؤولية مباشرة عن ذلك».ورفض بومبيو إعطاء تفاصيل حول تلك الإجراءات التصعيدية بين طهران وواشنطن، لكنه أشار إلى أن واشنطن لديها «سبب وجيه للتواصل بشكل واضح، حتى يدرك الإيرانيون الكيفية التي سنرد بها على الإجراءات التي قد يتخذونها»، موضحاً أن التحركات الأميركية والتهديدات الإيرانية ليست مرتبطة بأحداث العنف المتصاعد بين غزة وإسرائيل.ونسبت وكالة «رويترز» لمسؤول أميركي، أمس، أن الأوامر صدرت بإرسال هذا العتاد «رادعاً لما ينظر لها على أنها استعدادات محتملة للقوات الإيرانية ووكلائها قد تشير إلى هجمات محتملة على القوات الأميركية في المنطقة»، لكنه قال إن «الولايات المتحدة لا تتوقع أي هجوم إيراني وشيك».أما مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون فقال في بيان، مساء أول من أمس الأحد، إن الولايات المتحدة تنشر مجموعة حاملة الطائرات «يو إس إس أبراهام لنكولن» الهجومية، وقوات هجومية من منطقة القيادة المركزية رداً على عدد من المؤشرات والتحذيرات المقلقة والمتصاعدة. ولم يقدم بولتون تفاصيل عن تلك التحذيرات المقلقة والمتصاعدة، لكنه أوضح أن إرسال العتاد رسالة مفادها بأن تلك القوات الأميركية المتوالية ستواجه أي هجمات على مصالح واشنطن وحلفائها «بقوة لا تلين».وشدد بولتون على أن البيت الأبيض لا تسعى إلى خوض حرب مع إيران، لكنها مستعدة تماماً للرد على أي هجوم سواء بالوكالة أو من خلال «الحرس الثوري» أو قوات الجيش النظامي.وتتمركز حاملة الطائرات «يو إس إس أبراهام لنكولن» ومجموعة من السفن والطائرات المقاتلة التابعة لها في البحر الأبيض المتوسط، وتشير التحركات الأخيرة التي أعلن عنها البيت الأبيض إلى أن القيادة الأميركية المركزية ستوجه حاملة الطائرات «لنكولن» شرقاً إلى البحر الأحمر وربما إلى منطقة الخليج العربي.كما تشير تصريحات بولتون بنشر فرق هجومية أميركية إلى احتمالات نشر طائرات هجومية في شبه الجزيرة العربية. وهذا الإجراء هو الأحدث في سلسلة من التحركات التي قامت بها إدارة الرئيس دونالد ترمب لزيادة الضغط على إيران في الأشهر الأخيرة.وأبدى محللون مخاوف من أن بيان بولتون شديد اللهجة عن تلك التدابير الإضافية ونشر موارد عسكرية إضافية في المنطقة يأتي لحماية الملاحة في مضيق هرمز، بعد تلميحات غير مباشرة وتصريحات أخرى علنية من المسؤولين الإيرانيين لتذكير الدول بموقعها الرئيسي على أحد أهم طرق ناقلات النفط في العالم وهو مضيق هرمز، والتهديد بإغلاقه أمام سفن النفط التي تنقل 18.5 مليون برميل من النفط يومياً بما يجعله من أكثر الممرات البحرية أهمية لإمدادات النفط في كثير من الدول.ويوضح المحللون أنه من الناحية النظرية، فإن إيران قد تحاول نشر سفنها البحرية لاعتراض سفن النفط أو زرع الألغام بما يؤدي لإغلاق المضيق، لكن من الناحية العملية، فإن الجيش الأميركي لديه وجود عسكري قوي في المنطقة بما في ذلك مقر الأسطول الخامس للبحرية الأميركية في البحرين، ولذا يستبعد الخبراء إقدام إيران على تنفيذ تهديداتها بإغلاق المضيق، خصوصاً أنها خرجت بتهديدات مماثلة مرات عدة.وأوضح مسؤول في البنتاغون أن قرار البيت الأبيض بإرسال حاملة الطائرات وموارد عسكرية أخرى يستهدف مواجهة دلائل ومؤشرات واضحة بأن ميليشيات تابعة لإيران تستعد لمهاجمة القوات الأميركية في المنطقة سواء القوات الأميركية البحرية أو القوات الأميركية البرية. ورفض المسؤول تحديد القوات المستهدفة.وتأتي تلك التحركات بعد ازدياد التوترات بفرض واشنطن عقوبات على من يتعامل بشراء اليورانيوم الإيراني المخصب، وعبرت دولة أوروبية حليفة عن الإحباط من تحركات إدارة ترمب لشل الاقتصاد الإيراني والتهديد بفرض عقوبات على الدول التي تتعامل بشراء الصادرات الإيرانية. وأصدر وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبريطانيا وممثل الاتحاد الأوروبي بياناً أشاروا فيه إلى أنهم ما زالوا يعملون بموجب شروط الصفقة النووية مع إيران التي تم توقيعها عام 2015، وأنهم مقتنعون بأن الصفقة النووية مفتاح زيادة الاستقرار والأمن في منطقة الشرق الأوسط.وارتفعت حدة التوتر بين إيران والولايات المتحدة على مدى الأسابيع الثلاثة التي سبقت الذكرى الأولى لانسحاب دونالد ترمب من الاتفاق النووي، وبدأت واشنطن تشديد الضغوط على طهران قبل 3 أسابيع بتصنيف «الحرس الثوري»؛ الجهاز العسكري الموازي للجيش الإيراني، على قائمة الإرهاب، قبل أن تسحب ورقة الإعفاءات من العقوبات النفطية، التي كانت قد منحتها إلى 8 دول عندما بدأت العقوبات قبل 6 أشهر.وذهبت الولايات المتحدة أبعد من ذلك عندما أعلنت بعض التعديلات على إعفاءات منحتها لأطراف الاتفاق النووي للتعاون مع إيران ضمن إطار الاتفاق، وذلك بهدف وقف تخصيب اليورانيوم.وجاء التهديد الذي وجهه «الحرس الثوري» الإيراني في أواخر الشهر الماضي بإغلاق مضيق هرمز بعد إعلان الولايات المتحدة أنها ستلغي الإعفاءات التي منحتها العام الماضي لثمانية مشترين للنفط الإيراني، ومطالبتها لهم بوقف مشترياتهم بحلول 1 مايو (أيار) الحالي، أو مواجهة عقوبات. وعارضت الحكومات الأوروبية إعادة فرض واشنطن العقوبات على إيران.وقال مسؤول كبير في إدارة ترمب في ذلك الوقت إن أي تحرك عدواني من جانب إيران في المضيق سيكون غير مبرر وغير مقبول.وكانت إيران أطلقت تهديدات في الماضي بإغلاق الممر المائي، لكنها لم تقدم على ذلك.
مشاركة :