متاعب اقتصاد إيران تتفاقم مع تشديد العقوبات

  • 5/7/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تزايدت المؤشرات على اتساع مظاهرة معاناة الاقتصاد الإيراني بعد عام على انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي وعودة عقوباتها على طهران، التي تواصل التحذير من أن ثمة “حدودا” لصبرها. ويلخص هنري روم الباحث في الشركة الاستشارية الأميركية “أوراسيا غروب” الوضع الاقتصادي في إيران بأنّه سيء ويتجه نحو “المزيد من السوء” في حين يرجح صندوق النقد الدولي انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6 بالمئة هذا العام بعد انكماشه بنسبة 3.9 بالمئة العام الماضي. لكن الانحدار الاقتصادي قد يكون أكثر قسوة لأن تلك التوقعات صدرت قبل إعلان واشنطن إلغاء الإعفاءات التي كانت لا تزال تسمح لثماني دول بشراء النفط الإيراني.وتبدو الأزمة ضمن مسار أسوأ من الانكماش الاقتصادي لعامي 2012 و2013 الذي لا يزال ماثلاً في أذهان الإيرانيين، حين أدت العقوبات الدولية إلى آثار قاسية على جميع مظاهر الحياة في إيران. وكان الاتفاق النووي الذي جرى التوصل إليه في فيينا في يوليو 2015 بين إيران وكل من الصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا وألمانيا، قد سمح بإعادة دمج إيران بمنظومة السياسة الدولية. وكسبت طهران من خلال الاتفاق الذي أقرّه مجلس الأمن الدولي، رفعاً جزئياً للعقوبات الدولية التي تستهدفها في مقابل الحد من برنامجها النووي بشكل كبير وتعهدت بعدم السعي بتاتاً لحيازة قنبلة نووية. إلا أنّ قناعة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن الاتفاق لا يقدّم ضمانات، جعلته يعلن في 8 مايو 2018 الانسحاب بشكل أحادي وإعادة فرض العقوبات التي كانت معلّقة بموجب نص فيينا. وأعيد العمل بالعقوبات ابتداءً من شهر أغسطس 2018، وتسعى واشنطن لقيادة حملة “ضغوط قصوى” ضدّ طهران بغية دفعها وفق ما تقوله نحو التفاوض على “اتفاق أفضل”. ونسبت وكالة الصحافة الفرنسية إلى دبلوماسي أوروبي فضّل عدم الكشف عن اسمه، قوله إن الإدارة الأميركية تخنق إيران وتدفعها نحو “انتهاك التزاماتها النووية” لكي تتمكن من القول للعالم إن “إيران تشكّل تهديدا”. وانخفضت قيمة الريال الإيراني مقابل الدولار بنحو 70 بالمئة منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي في 8 مايو 2018، ما أدى لارتفاع التضخم إلى 51 بالمئة من نحو 8 بالمئة قبل ذلك. وتشتد وطأة ذلك على الأوضاع المعيشية للإيرانيين لأن مستويات الرواتب لا تسير بوتيرة قريبة من هذا النسق التصاعدي لارتفاع الأسعار وخاصة بالنسبة للمواد الغذائية. ويقول مصدر في الصناعات الغذائية الإيرانية “زدنا أسعارنا بنسبة 70 بالمئة” منذ 21 مارس 2018 (بداية السنة الإيرانية). ويضيف “بلا شك، سيتعيّن علينا زيادتها بنسبة 20 بالمئة حتى شهر يوليو” المقبل.وفي بعض محلات العاصمة، بات من الصعب العثور على اللحوم الحمراء. كما أصبح الفستق الذي يحضر عموماً على كل طاولات الأفراح، بمثابة ترف غير متاح بالنسبة إلى كثيرين. وجاء الإعلان الأميركي بوقف إعفاءات شراء النفط الإيراني ليفاقم حالة التشاؤم في طهران، التي يتساءل أحد سكّانها “ماذا سيحل بهذا البلد إذا لم يعد بمقدوره بيع النفط على الإطلاق؟”. واختارت إيران البقاء ضمن الاتفاق النووي ومواصلة احترام التزاماتها التي تعهدت بها في فيينا في مقابل الانسحاب الأميركي، نتيجة جهود من دول الاتحاد الأوروبي. ويرى دبلوماسي أنّ الحكومة الإيرانية تواجه صعوبات حقيقية مرتبطة بأثر “إعادة فرض العقوبات” وهي منزعجة بسبب ما تراه من عجز أوروبي عن التحرر من واشنطن وإنقاذ الاتفاق النووي عبر السماح لها بالاستفادة من الفوائد الاقتصادية المتوقعة. ويحذّر نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عرقجي باستمرار من أنّ “ثمة حدوداً” لصبر إيران. ولم ينجم عن إنشاء فرنسا وألمانيا وبريطانيا لنظام مقايضة في نهاية يناير يسمح بتبادلات محدودة بين أوروبا وإيران عبر الالتفاف على العقوبات الأميركية، عن أي تعامل ملموس حتى الآن. ويرى كليمان تيرم الباحث المتخصص في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية أنّ “إيران ستحتاج إلى أوروبا ذات سيادة على الصعيد الاقتصادي من أجل المواصلة وفق الوضع الراهن” بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي. لكنه يضيف أن الواقع “يفرض على إيران مواصلة الحوار السياسي مع أوروبا لتجنّب انسجام أميركي أوروبي في جبهة موحدة ضد إيران”.

مشاركة :