إذا كنت من محبي القاهرة التاريخية وشوارعها، و قادتك قدماك إلى شارع الداودية الذي يبدأ من شارع سوق العصر وينتهي بشارع المغربلين بطول 380 مترا، ستجد هناك البرديني أحد المساجد الأثرية الجميلة التي تزخر بها قاهرة المعز.ونستعرض حكايته مع د.محمد عبد اللطيف أستاذ الآثار الإسلامية والقبطية بجامعة المنصورة ومساعد وزير الآثار السابق.قال عبد اللطيف هذا المسجد من إنشاء كريم الدين بن أحمد البردينى الشافعى،الذى كان يعمل في وظيفة قاضي المذهب الشافعى وينتمي إلى أسرة مصرية قديمة فيها وظيفة القضاء، ولقد ورد اسمه فى بعض وثائق الوقف المتعلقة ببعض الأماكن القريبة من هذا الجامع مسبوقًا بلقب الخواجا كريم الدين البردينى.مما يشير إلى أنه كان من أكابر التجار وأعيانهم فى مصر العثمانية ولولا ذلك ما استطاع أن يبنى هذا الجامع الذي يعد تحفة فنية فريدة بين جوامع القاهرة فى العصر العثمانى.ومن عجائب هذا المسجد الرائع أنه تم بناؤه فى عام 1025 هـ/ 1616 م بينما المئذنة تم إنشاؤها بعد المسجد بثلاث عشرة سنة أى فى عام 1038 هـ/ 1629م ، وقد يرجع ذلك لأن المآذن عادة ما تكون بين الخطوات الأخيرة التى تضاف فى بناء المساجد.مسجـد البردينى عبارة عن قاعة صغيرة مستطيلة مساحتها حوالى 10 متر طـول و7 متر عرض تقريبًا وقد كسيت جدرانها بوزرة من الرخام الدقيق المتنوع الألوان وبها كتابات بالخط الكوفي يتكون تخطيطه من درقاعة أو إيوان فضلًا عن سدلة صغيرة تقع على يسار الداخل للمسجد.وإيوان القبلة يشغل الضلع الجنوبي الشرقي للدرقاعة وهو عبارة عن مساحة مستطيلة حوالي 8 متر طول و 7 متر عرض وترتفع أرضيتها عن أرضية الدرقاعة ويتوسط صدر الإيوان المحراب وهو من الرخام البالغ حد الإتقان كما أن سقف المسجد محلى بنقوش مذهبة رائعة.ويعد هذا المسجد تحفة معمارية رائعة رغم صغر حجمه،وذلك لما احتواه من زخارف ونقوش بديعة فى داخله غاية فى الدقة والإتقان،بالإضافة إلى المئذنة التى أعادت للأذهان روائع العمارة فى العصر المملوكى، مما يدل على أن مهارة الصناع المصريين استمرت حتى بعد دخول العثمانيين إلى مصر وكذلك استمرار بناء المساجد على الطراز المصرى الأصيل.
مشاركة :