تحت أنغام وأهازيج وردك يا زارع الورد، التي صدح بها الفنان الراحل طلال مداح، ينهمك هذه الأيام العديد من الفلاحين والمزارعين ومصانع تقطير عطر الورد الطائفي لاستقبال أول أيام قطاف هذا المنتج الزراعي الذي اشتهرت به الطائف منذ آلاف السنين، وبدأ منذ يومين. ويبدأ الفلاحون قبيل بزوغ الشمس مع نسمات الصباح الباكر بقطف الورود من المزارع وتجميعها وتحميلها في سيارات خاصة؛ لبيعها للمصانع المتخصصة في سبيل إخضاعها لمراحل عمليات التبخير والتقطير واستخلاص ماء العروس والعطر منه، وتتراوح أسعار الألف وردة من 50 إلى 70 ريالًا، وعادة ما يتزامن موعد قطافه في منتصف مارس الميلادي الجاري، ويستمر لمدة 45 يومًا. ويستعد المزارعون لعرض منتجاتهم من الورود في مهرجان الورد الذي سينطلق بعد ثلاثة أسابيع تقريبًا، فضلًا عن ما يعرضه الباعة على جوانب الشوارع ومواقع الأسواق وهم يحملون ورودًا داخل صناديق مخصصة للبيع تجبر عشاق هذا المنتج على التوقف والشراء. ويحرص في المقابل جهاز السياحة والآثار في الطائف لتخصيص جداول زيارات للزوار والسياح إلى المزارع والمصانع للتعريف بهذا المنتج. وأوضح المرشد السياحي أحمد الجعيد لـالمواطن أن موسم قطاف الورد بدأ فعليًّا، وعادة ما يتخللّه عدد من الجولات السياحية المنظّمة إلى مزارع الورد والمصانع في منطقتَيِ الهدا والشفاء لتعريف السياح والزوار على طريقة قطاف المنتج وآليّة تقطيره، مبينًا أن موعد مهرجان الورد بات على الأبواب، وسينطلق في ٢٠/ ٦/ ١٤٣٦هـ. من جهته أشار المزارع عايش الطلحي لـالمواطن إلى أن كل المحاولات لاستزراع ورد الطائف خارج المحافظة فشلت؛ حيث سعى مزارعون في مناطق متعددة من المملكة ولم تنجح محاولاتهم، مبينًا أن طبيعة الطائف وأجواءها تختلف عن الكثير من المناطق وهو ما يميّز جودة هذا المنتج منذ آلاف السنين. وكشف أن الطائف تحتضن ما يربو عن 900 مزرعة و36 مصنعًا تستقبل هذه الأيام بدايات قطاف الورد وتقطيره، لافتًا إلى أن هذا العام سيشهد وفرة كبيرة في عملية القطاف بخلاف العام الماضي؛ وذلك لعدة عوامل، منها وفرة مياه الأمطار، وعدم تضرر المنتج بموجات صقيع البرد الماضية. ودعا الطلحي الباحثين عن العطر الأصلي التوجه لأهل الخبرة والصنف، مؤكدًا أن محلاتهم معروفة بعيدًا عن الأنواع المقلدة والمغشوشة. يشار إلى أن طريقة تقطير الورد تبدأ في ساعات الصباح الباكر؛ حيث يهب المزارعون بتجميع الورود يدويًّا قبل طلوع الشمس؛ حتى يكون محتفظًا بقطرات الندى وطراوته، فيتم قطفه وتجميع نحو 12 ألف وردة ووضعها في قدر نحاسي، ويُغلق القدر بشكل محكم، ويتم إشعال النار عليه بدرجة محددة لنحو 14 ساعة، وتمتد الماسورة إلى التكثيف، وتبدأ مرحلة التقطير، حيث ينزل في البداية ماء العروس، ومعه الزيت (دهن الورد) الذي يطفو على أعلى القنينة، ويتم شفطه عن طريق الإبر أو القطارات لتنتج منه تولة الورد الطائفي. وتتراوح في الغالب أسعار التولة من 1200 إلى 1400 ريال للتولة الواحدة، وتباع ألف وردة من 50- 70 ريالًا. ويستطيع المشتري ذو الخبرة الدقيقة معرفة العطر الأصلي من المغشوش؛ حيث يتميّز الأصلي منها بهدوء الرائحة ويميل اللون إلى الاخضرار غير القاتم، ولو وضعته على قماش لا يترك له بقعًا على القماش بخلاف المغشوش.
مشاركة :