روايات على الشاشة|| واحة مريم نعوم تعانق غروب بهاء طاهر

  • 5/7/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

بعد أكثر من 10 سنوات عاد الحديث مرة أخرى عن رائعة الكاتب الكبير بهاء طاهر "واحة الغروب" بعد تحويلها إلى عمل درامي في عام 2017، من بطولة خالد النبوي ومنة شلبي. صدرت الرواية لأول مرة عن دار الشروق في عام 2007، وحصلت على الجائزة العالمية للرواية العربية " البوكر" في عام 2008. غالبًا ما تحقق الأعمال الدرامية المأخوذة عن أعمال أدبية نجاح جماهيري للرواية وللعمل الدرامي، وهو أمر يرجعه النقاد إلى افتقار بعض السيناريوهات والأعمال الأخرى المعروضة إلى الحبكة والقصة وفيما يقتبس بعضها من أعمال أجنبية. وفي عام 2017 أعادت الشروق طباعة رواية " واحة الغروب" كما أعادت طباعة أعمال أخرى لنفس المؤلف.يعود طاهر في روايته إلى القرن التاسع عشر حيث نهاية الثورة العرابية وبداية الاحتلال البريطاني، فاتخذ من واحة «سيوة في الصحراء الغربية، مسرحًا للأحداث، حيث رسم صورة للواحة وطبيعتها وأهلها وعاداتهم وتقاليدهم ولغتهم وأسلوب حياتهم وطبيعة الصراعات الداخلية بين سكانها في تلك الفترة الزمنية، كما أعطى لمحة تاريخية عن حياة الإسكندر الأكبر وفتوحاته، حيث أقام الإسكندر الأكبر هناك وتلقى الوحى في معبدها الشهير الذي لا يزال موجودًا حتى اليوم". استمد طاهر قصته من واقعة حقيقية لأحد الضباط ويدعى محمود عبد الظاهر، والذى كان يعيش حياة لاهية بين الحانات وبنات الليل بالقاهرة، ويتتبع انتقاله وزوجته إلى واحة سيوة لشك السلطات في تعاطفه مع الأفكار الثورية لجمال الدين الأفغاني وأحمد عرابي.يصطحب عبد الظاهر زوجته الايرلندية «كاثرين» الشغوفة بالآثار، والتي تبحث عن مقبرة الإسكندر الأكبر، ويبدآن رحلة تجبرهم وأهل الواحة على المواجهة، فيتضح التناقض والاختلاف بين الشرق والغرب على المستويين الإنساني والحضاري بما فيها من صراع وتوافق. يعتمد طاهر في سرده على حقائق تاريخية مزجها بين النص الخيالي والعمل الروائي، ولم يكتف بذلك بل بحث على لسان شخصياته أسئلة حول الخيانة، والانتهازية والرغبة بالحب، والبطولة، طارحًا هذه الأسئلة ليس فقط على المستوى العام فقط بل على المستوى الشخصي أيضًا.فى أحد الحوارات التي يسأل محمود عبد الظاهر -بطل العمل- نفسه عن سبب تنكره للأفكار الثورية وتحديدًا للثورة العرابية فيقول: «من يخن أقرب الناس له- فى إشارة إلى زوجته كاترين- ودون أن يشعر حتى بتأنيب الضمير ليس من الصعب عليه أن يخون مبادئه خصوصا لو ستسبب له الضرر".اعتمد طاهر فى روايته على أسلوب وطريقة جديدين فى السرد، حيث لم يتخذ للرواية راويا واحدا بل جعل أهم شخصيات القصة هم الرواة، بحيث تتخذ كل شخصية دورها في السرد في فصل مختلف مع الحفاظ على تتابع وتسلسل الأحداث، فحمل كل فصل اسم بطل من أبطال الرواية «محمود، وكاثرين، والشيخ يحيى، والإسكندر الأكبر، والشيخ صابر".عكست الرواية الكثير من الأمور حول طبيعة الشعب فى تلك الفترة ومنها إيمانهم بالخرافات والتفكير الذى يتنافى والتفكير العلمي والمنطق، كما كشف أيضًا عن المبادئ العنصرية، وفى المقابل تظهر شخصية كاترين المرأة الأوروبية الشّقراء، التي تختلف عن المصريين، فهي لا تلغى عقلها وترفض إهانة المرأة التي يصرح بها المجتمع، وربما يرى البعض أن شخصية محمود المضطربة وغير السوية تحمل رمزية فى الشخصية المصرية التي فشلت في طرد المستعمر من البلاد تلهث وراء المرأة لتقهرها وتثبت أنها تستطيع أن تقهر هذا المستعمر فى صورة المرأة وإن فشل في هزيمة الرجل في ميدان الحرب، ولكن البعض رأى أن حرص الكاتب على أن تكون الشخصية ايرلندية وليست إنجليزية تحميه من شبهة التماهي مع المستعمر. رغم أن الرواية تخلق عالمًا قادرًا على الإقناع يكون الخيال والتخيل أساسه، إلا أن الكبير بهاء طاهر مزج بين الخيال والحقائق التاريخية، معتمدًا على مراجع تاريخية عدة ومنها كتاب «واحة سيوة» لعالم الآثار الدكتور أحمد فخري، والذى استمد منه أجواء سيوة فى القرن التاسع عشر، ولاسيما فى التعامل مع الحروب الداخلية، كما اعتمد على عدد من المصادر التاريخية فيما يخص الإسكندر الأكبر الفصل الذى يراه البعض الأهم فى الرواية- فمزج التاريخ بالسرد الروائي، من أبرز هذه المصادر كتاب المؤرخ الروماني كور تيوس بعنوان «حياة الإسكندر» والذى أبرز الجوانب الإنسانية أكثر من الفتوحات والحروب التي خاضها الإسكندر الأكبر.وفي هذا الصدد قالت مريم نعوم السيناريست إن نقص المعلومات كان العائق الأكبر أمامها لكتابة العمل حيث يدور أحداثها في القرن التاسع عشر وهذه المرحلة الزمنية في مصر نفتقد للكثير من المعلومات عنها وحياة المصريين في هذا الوقت وعاداتهم وملبسهم وخاصة في سيوة.

مشاركة :