تبدو رواية «مشانق من فضة» للروائى الصينى تشو دا شين، وكأنها انعكاس أدبى للجوانب المختلفة لحياة البشر، فكل فعل سيئ لأبطالها له أسبابه التى لا يعرفها سواهم ولا يراها من حولهم. هكذا نحن، قد يتعجب من حولنا إذا ما أصابنا شيء ما مكروه، بينما نظل نحن صامتين، ننبش فى الذاكرة سريعًا لنصل إلى السبب الذى أدى بنا إلى هذا السوء. بينما يتساءل الآخرون كما فعل «دا شين» فى ختام روايته، هل نستحق كأبطال روايته هذه المصائر فى النهاية جزاءً لما اقترفنا؟ أم تعرضنا للظلم نتيجة المصائر المكتوبة والتى تم تحديدها مُسبقًا؟تشو دا شين، الذى يُعد من أشهر أدباء الصين المعاصرين، وحصل على أغلب الجوائز الأدبية فى بلاده -وأهمها جائزة «ماودون» فى الأدب- هو كذلك جنرال سابق فى الجيش الصيني، تحولت حياته من إصدار الأوامر والتعامل مع آلات الحرب، ليصير نائب رئيس اتحاد الكتاب بمقاطعة «خنان»، وتتم ترجمة الرواية إلى العديد من اللغات بعد أن لاقت شعبية واسعة؛ حيث تدور حول السيدة الجميلة بيلان، التى انتقلت من أسرة بسيطة لتصير زوجة ابن الحاكم، لتصطدم بطابع زوجها الغريب الذى لم تجد له تفسيرا، ويمكن لأى شخص أن يدرك حجم الأسى الذى اعتمل فى قلبها وهى تسرد معاناتها معه.الرواية التى نقلها إلى العربية الدكتور أحمد ظريف، الذى يُدرّس اللغة الصينية فى كلية الألسن بجامعة المنيا، تُبرز ذلك الصراع الذى يشتعل كل ليلة فى غرفة نوم بيلان وزوجها، حتى اضطرت للبحث عن الحب بين أدوات صناعة الفضة، واضطرت للسرقة لإشباع رغبات زوجها غريب الأطوار، لتلقى فى النهاية مصيرها الذى يجعل القارئ يتساءل هل هى مذنبة أم ضحية؟ أما البطل شاو هينغ، فهو شاب فقير بسيط حرّكته شهواته وتحكمت فيه عواطفه، وانبهر بحب سيدة من النبيلات وانغمس فيه ليلقى هو الآخر فى النهاية مصيره الذى يثير نفس التساؤل؛ بينما الضلع الثالث لمثلث أبطال العمل، فهو زوج بيلان، عاشق الحلى الفضية النسائية، المعذب بنزواته، تارة تحسبه شيطانا، وتارة تراه مبتلى بما لا ذنب له فيه. ليبدو من وصف الصراع الدائر داخل كل من الأبطال أنهم جميعًا قد تعرضوا للظلم بشكل أو بآخر.
مشاركة :