كتبت قبل أيام عن تطور الجدل في أمريكا حول تصنيف جماعة الاخوان المسلمين منظمة إرهابية منذ عهد إدارة أوباما السابقة. لكن هذا الجدل اتخذ بعدا جديدا بإعلان البيت الأبيض رسميا انه سيشرع في اتخاذ إجراءات تصنيف الجماعة منظمة إرهابية. لكن ماذا يعني هذا بالضبط؟.. ما هي النتائج والتبعات التي يمكن ان تترتب على اتخاذ قرار تصنيف الإخوان منظمة إرهابية؟ بداية، ينبغي ملاحظة ان اتخاذ القرار يمر بعملية طويلة ولن يكون سهلا لأسباب كثيرة. من هذه الأسباب ان قوى كثيرة داخل أمريكا سوف تنشط في الفترة القادمة داخل الكونجرس وخارجه وفي الاعلام الأمريكي في محاولة للحيلولة دون صدور القرار. جماعة الاخوان نفسها لديها منظمات ومصالح اقتصادية متشعبة داخل أمريكا، وهناك دول سوف تدفع بثقلها وراء الحملة الساعية لعرقلة صدور القرار. أيضا، يجب أن نلاحظ ان هناك مؤسسات داخل الإدارة الأمريكية لديها تحفظات معلنة منذ فترة طويلة حول هذا القرار، ولا شك انها سوف تسعى إلى عرقلته. وبعض المحللين الأمريكيين يقولون انه ليس واضحا حتى الآن ما إذا كان الحديث يدور في الإدارة الأمريكية حول تصنيف الاخوان في مصر تحديدا منظمة إرهابية، أم عن الاخوان بشكل عام في كل دولة، وبكل منظماتها ومؤسساتها وأفرادها. لكن الذي يتابع كل المشاريع التي تم تقديمها إلى الكونجرس الأمريكي منذ عهد أوباما حتى اليوم تدعو إلى تصنيف جماعة الاخوان كلها منظمة إرهابية، ولا تذكر اطلاقا الاكتفاء بتصنيف الاخوان في مصر فقط. على أي حال، عودة إلى السؤال، ماذا يعني هذا القرار بالضبط إذا تم اتخاذه؟ بالطبع، سيعني القرار فرض عقوبات أمريكية فورية على الجماعة وكل مؤسساتها وكل من ينتمي اليها. وسيعني القرار تجريم أي تمويل أو دعم للجماعة ماديا أو سياسيا واعلاميا من جانب أي جهة على اعتبار أنه سيكون حينئذ دعما للإرهاب، وسيتم فرض عقوبات على أي بنوك أو مؤسسات مالية تتعامل مع الجماعة.. وهكذا. وبالطبع، سيعني القرار فرض حظر كامل على الجماعة داخل أمريكا وطرد افرادها وغير ذلك من العقوبات المعروفة. أي ان القرار سيكون بمثابة ضربة موجعة للجماعة وسيحاصر كل أنشطتها وكل قدراتها المالية والسياسية والاعلامية. وعلى الرغم من ان القرار الأمريكي بتصنيف الاخوان منظمة إرهابية لن يكون ملزما لدول العالم الأخرى، الا انه سيفرض بالضرورة قيودا شديدة على أنشطة الجماعة في أي دولة. وفي الدول الأوروبية مثلا حيث تنتشر الجماعة فيها كلها ولديها مؤسسات اقتصادية وسياسية شتى، سيجبر القرار الأمريكي أوروبا على ان تحاصر انشطة الجماعة حتى لو لم تتخذ قرارا شبيها. ولعل من أهم واخطر ما سوف يترتب على تصنيف أمريكا الإخوان منظمة إرهابية، ما سوف يترتب على القرار من نتائج بالنسبة للدول التي تحتضن الاخوان وتدعمهم بشكل سافر، ونعني تحديدا دولتين هما قطر وتركيا. نعلم بالطبع ان قطر وتركيا تحتضنان قادة جماعة الاخوان الهاربين وأعدادا كبيرة من اعضائها، وتقدم لهم كل سبل الدعم المادي والسياسي والاعلامي. وقطر وتركيا تفعلان ذلك في اطار اجندة تخريبية تستهدف الدول العربية، يعتبرون الاخوان رأس حربة في تحقيق هذه الأجندة. وإذا تم اتخاذ قرار تصنيف الاخوان منظمة إرهابية سيكون امام قطر وتركيا خيار من اثنين: طرد كل أعضاء الإخوان المقيمين لديها، وقطع أي علاقة بالجماعة والتوقف نهائيا عن تقديم أي دعم لها. واذا لم تفعل قطر وتركيا هذا، فسيكونان حينئذ عرضة لعقوبات أمريكية يتم فرضها، وسيتم اعتبار البلدين رسميا من وجهة النظر الرسمية الأمريكية دولتين داعمتين للإرهاب، بكل ما يمكن ان يترتب على ذلك. في كل الأحوال، لو قامت أمريكا فعلا باتخاذ قرار رسمي بتصنيف الاخوان منظمة إرهابية، فستكون هذه خطوة كبيرة جدا على طريق تحجيم الدور التخريبي الذي تلعبه الجماعة في الدول العربية، وستكون أيضا ضربة موجعة لدول مثل قطر وتركيا اللتين تحتضنان الجماعة وتستخدمها أداة متقدمة للتآمر والتخريب.
مشاركة :