شباب إيران يدفع باهظا ثمن أجندات حكومته

  • 5/8/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

عمقت العقوبات الأميركية على طهران أزمة الاقتصاد الإيراني التي تتجه إلى الاستفحال يوما بعد يوم مع تضييق الخناق على صادرات النفط والاتجاه نحو تصفيرها، حيث تدفع الطبقة الوسطى، وخاصة فئة الشباب، باهظا ثمن أجندات حكومتها التخريبية في المنطقة. و لطالما حلم علي رضا بمستقبل أفضل في إيران وبشراء منزل وسيارة، غير أنّ تلك الأيام ولّت إثر خسارته لعمله جراء إعادة فرض العقوبات الأميركية على بلده. ويقول علي رضا الموظف السابق في قطاع السيارات، “تدهورت قدرتي الشرائية، وأصبحت حياتي رهينة الضغوط. لم أعد أعتبر نفسي من الطبقة المتوسطة. إنّه شعور مفزع”. ومرّ عام على إعلان الولايات المتحدة انسحابها من الاتفاق النووي الذي كان يفسح المجال أمام تخفيف العقوبات الاقتصادية تدريجيا عن إيران في مقابل تحجيم برنامجها النووي، حيث أحيا الاتفاق المبرم عام 2015 الآمال في إنهاء أعوام من العزلة الاقتصادية. ويقول علي رضا الذي فضل عدم ذكر اسم عائلته إنه بعد الاتفاق “عشنا فترة ازدهار حقيقي، باتت فرص العمل متوفرة وزالت همومنا”. لكنه يضيف أن “الأمور انقلبت رأسا على عقب” في 8 مايو 2018 حين انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق. ومثل نحو مئة من زملائه، خسر عمله في مجموعة “بي.أس.أي” الفرنسية المصنعة لسيارات بيجو وسيتروين خصوصا بعد سنوات من العمل فيها. حصل ذلك مع فرض أول موجة من العقوبات التي استهدفت قطاع السيارات في شهر أغسطس 2018. ويقول “منذ ذلك الوقت أبحث عن عمل في كل مكان، ولكن بدون جدوى”. ووفقا للرئيس حسن روحاني كانت إيران جاهزة للاستفادة من دخول 100 مليار دولار عبر المصارف الخارجية والشركات. وبسبب إعادة فرض العقوبات الأميركية، اضطرت معظم الشركات الأجنبية التي جاءت أو عادت بعد اتفاق 2015 مثل الفرنسية “بي.أس.أي” ورينو وتوتال أو الألمانية سيمنز، إما مغادرة إيران أو تقليص عملياتها إلى الحد الأدنى. وجعل فقدان الوظائف والتراجع الحاد في قيمة الريال وتفشي التضخم، الحياة “قاتمة” و”كئيبة” بالنسبة إلى علي رضا والكثيرين غيره. ويقول علي رضا إنّه بعد 20 عاما من العمل كخبير مبيعات وتسويق في قطاع السيارات، “كنت أعتبر نفسي من الطبقة الوسطى العليا”، موضحا أنّه صاحب سجل طويل في العمل مع الشركات الأجنبية في إيران، حيث عمل مع سيمنز ورينو قبل أن ينتقل للعمل مع بيجو قبل أكثر من عشر سنوات. وحلم بعد تخفيف العقوبات بالانتقال إلى منزل أكبر وتغيير سيارته بفضل بعض المدخرات وإمكانية الحصول على قروض. لكنه يحصل في الوقت الحالي على أقل من نصف مرتبه في وضعه كعاطل عن العمل، وبذلك تبخرت فرص تحسين مستوى معيشته. وتضاعفت أسعار المنازل في العاصمة منذ مارس 2018 بحسب المصرف المركزي الإيراني، كما أصبحت أسعار السيارات المستوردة بعيدة عن متناول الكثيرين. وتراجعت أيضا فرص التوظيف. فصانعو السيارات المحليين مثل خودرو وسايبا يعانون بدورهم جراء العقوبات الأميركية نتيجة للمشكلات المالية الداخلية، في حين تشهد إيران انكماشا اقتصاديا ويتوقع تراجع إجمالي الناتج الداخلي هذه السنة بـ6 بالمئة على الأقل، وفق صندوق النقد الدولي. ويشرح علي رضا أنّه بفضل مرتب زوجته لا يزال قادرا على توفير الحاجيات الأساسية، ولكن بالنسبة إلى العديد من الإيرانيين المنتمين إلى طبقات أدنى، فإنّ سلعا أساسية مثل اللحوم وبعض الفواكه والخضروات، باتت بعيدة عن متناولهم. وتذكّر إعادة فرض العقوبات الأميركية العديد من الإيرانيين بفترة ما قبل الاتفاق النووي حين دفعت العقوبات المتعددة الأطراف بالبلاد نحو الانكماش. ويقول علي رضا إنّ ما يحصل يذكّره بسيناريو أزمة 2012 ، مضيفا “تضررت بسبب العقوبات مرتين. فقد فقدت عملي بالطريقة نفسها عام 2012 حين أوقفت مجموعة بي.أس.أي نشاطها… وكأنّ التاريخ يعيد نفسه”. ويتابع “لن يحصل شيء ما لم تحدث تغيّرات كبيرة، كما في المرة الأخيرة”.

مشاركة :