تحدثت دراسة رسمية سويسرية لأول مرة عن مزايا تتمتع بها شركات طيران دول الخليج، وهو تصريح يأتي في وقت دقيق وحسَّاس تواجه فيه شركات الطيران في الإمارات وقطر اتهامات من شركات طيران أمريكية بحصولها على دعم حكومي يُحظره القانون التجاري الدولي الذي تشرف منظمة التجارة العالمية على تنفيذه. ولم تذهب الدراسة التي أعلنتها هيئة الطيران المدني السويسرية أمس، إلى حد اتهام شركات طيران دول الخليج العربي بالحصول على "دعم حكومي"، واكتفت بالقول إن هذه الشركات تتمتع بمزايا، وإلى جانب شركات طيران دول الخليج، ذكرت الدراسة أيضاً شركة الطيران التركية "تيركش أير" بتمتعها هي الأخرى بـ «مزايا». ويقوم المكتب الاتحادي للطيران المدني، بإصدار الدراسة كل سنتين بالتعاون مع خدمة الملاحة الجوية السويسرية والرابطة السويسرية للمطار الدولي وهذه هي الدراسة الثانية بعد الأولى التي صدرت عام 2012. والهدف الأساس للدراسة هو رصد تطور القدرة التنافسية للطيران المدني السويسري في كل ما يتعلق بعالم الطيران، من طائرات، ومطارات، وخدمات جوية، وأرضية … إلخ، ولتحقيق هذا الهدف، تتناول الدراسة عدة جوانب مثل العرض والطلب على النقل، والبنية التحتية، وإطار السياسة العامة للطيران المدني، والضرائب، مع استعراض حماية البيئة، وسلامة الطيران. وأشارت الدراسة إلى أن نوعية وفعالية الخدمات المقدمة من هيئة الطيران المدني السويسري قد حافظت خلال العامين الماضيين على مستوى عال من التنافسية في المقارنة مع شركات الطيران المدني الدولية. لكن الدراسة قالت أيضاً لأول مرة إن المنافسة مع بلدان الخليج التي تتلقى شركات طيرانها مزايا لم تتلق مثلها شركات الطيران السويسرية، تزداد صعوبة أكثر وأكثر. وبحسب الدراسة، فإن الطيران السويسري يتمتع بقدرة تنافسية في عديد من المجالات، وإن الشركات والمطارات وخدمات الملاحة الجوية تقوم بمهمتها بطريقة فعالة جداً حتى مع الأخذ بنظر الاعتبار الإطار العام الذي تتطور فيه شركة الطيران السويسرية. وتعني العبارة الأخيرة الخسائر الفادحة التي تعرضت لها الخطوط الجوية السويسرية في بداية الألفية الثالثة، وإعلان إفلاسها نهاية عام ٢٠٠١، وتأسيس شركة طيران جديدة تحت مسمى آخر تم وضعها تحت إدارة شركة الطيران الألمانية "لوفتهانزا"، وهي لا تزال تحت إدارة الشركة الألمانية حتى الآن. واعتبرت الدراسة أن مستوى جودة الطيران السويسري مرتفع، سواء كان ذلك من حيث تنوع العرض أو درجة السلامة والأمن. لكن مع ذلك، توقعت الدراسة أن تتجه المشكلات الناجمة عن قدرة استيعاب مطاريْ زيورخ (العاصمة المالية للبلاد) وجنيف (العاصمة الدولية) نحو التفاقم، ما سيؤدي إلى تعاظم التكاليف. وركزت الدراسة للمرة الأولى على ازدياد حدة المنافسة من شركة طيران دول الخليج، قائلة: إنها تعمل في ظروف أفضل كثيرا من الشركات السويسرية أو الأوروبية، مضيفة أن شركات طيران الخليج وشركة الخطوط الجوية التركية تقدر أن تعتمد في بلدانها على مطارات تتمتع بشكل خاص على هياكل من التكلفة المُخفَّضة، وهي أكثر انخفاضا منها في المطارات السويسرية والأوروبية، كما أنها تخضع لقيود أقل في تشغيل الرحلات الجوية، كعمليات الطيران الليلي، على سبيل المثال. وتعني العبارة الأخيرة أن شركات طيران دول الخليج والتركية تقوم بتنفيذ رحلات جوية ليلية، في حين أن الشركات السويسرية والأوروبية ومطاراتها تقوم بإيقاف الرحلات الجوية تماماً ابتداءً من منتصف الليل. وقالت الدراسة إنه يُمكن أن نضيف إلى ذلك الدرجة الكبيرة من تطور البنية التحتية في المطارات وأساطيل الطائرات الكبيرة في هذه المناطق، أي دول الخليج وتركيا، وعلاوة على ذلك فإن شركات الطيران الخليجية استحوذت على نقل المزيد من الركاب نحو المطارات السويسرية. وفيما يتعلق بالاحتمالات الكامنة للقدرة التنافسية لصناعة الطيران السويسرية، كانت إجابة الدراسة "مختلطة"» بهذا الشأن، لكنها أقرب إلى التشاؤم، حسب قراءة "الاقتصادية". وفي رؤيتها للاحتمالات الكامنة، أشارت إلى التكاليف عالية المستوى، ونبَّهت إلى أنه مع الأخذ بنظر الاعتبار البنية التحتية المتوافرة حالياً، والتقييد الراهن على قواعد تشغيل الرحلات الجوية ليلاً، فالقدرة ستصل تدريجيا إلى درجة التشبُّع، وبعدها تتوقف أي إمكانية للنمو، وعلاوة على ذلك، فإن الطفرة الأخيرة في قيمة الفرنك، كان مثل عقبة إضافية. وخلصت الدراسة إلى أنه في سوق الرحلات العابرة للقارات، ينبغي لشركة الخطوط الجوية السويسرية أن تتوقع أن ترى يوما موقفها يتجه نحو مزيد من الضعف نتيجة لمنافسة شركات طيران دول الخليج وتركيا.
مشاركة :