يعد قول الله تعالى: «قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء» آل عمران/26، من الآيات الدالة على عظمة الله سبحانه، وقدرته التي لا يحد منها شيء، وعلى أن الأمر كله بيده، لا رادَّ لما قضى، ولا مانع لما أعطى، ولا معقب لحكمه.وسبب نزول الآية أنه لما فتح رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلّم- مكة ووعد أمته فتح فارس والروم، قال المنافقون واليهود هيهات من أين لمحمد -صلى الله عليه وآله وسلّم- ملك فارس والروم ألم يكفه المدينة ومكة حتى طمع في الروم وفارس. وحَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا أَبُو إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَنْعَمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْخَنْدَقِ عَلَى الْمَدِينَةِ، فَأَتَاهُ قَوْمٌ فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ وَجَدُوا صَفَاةً لَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يُنَقِّبُوهَا، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقُمْنَا مَعَهُ , فَأَخَذَ الْمِعْوَلَ فَضَرَبَ، فَلَمْ أَسْمَعْ ضَرْبَةً مِنْ رَجُلٍ كَانَتْ أَكْبَرَ صَوْتًا مِنْهَا، فَقَالَ: "اللَّهُ أَكْبَرُ، فُتِحَتْ فَارِسُ"، ثُمَّ ضَرَبَ أُخْرَى مِثْلَهَا فَقَالَ: "اللَّهُ أَكْبَرُ، فُتِحَتِ الرُّومُ"، ثُمَّ ضَرَبَ أُخْرَى مِثْلَهَا فَقَالَ: "اللَّهُ أَكْبَرُ، وَجَاءَ اللَّهُ بِحِمْيَرَ أَعْوَانًا وَأَنْصَارًا". وتوجد رواية أخرى لسبب نزول الآية وردت عن ابن عباس وأنس بن مالك وقيل أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلّم- خط الخندق عام الأحزاب وقطع لكل عشرة أربعين ذراعا فاحتج المهاجرون والأنصار في سلمان الفارسي وكان رجلا قويا فقال المهاجرون سلمان منا وقال الأنصار سلمان منا فقال النبي -صلى الله عليه وآله وسلّم- سلمان منا أهل البيت قال عمرو بن عوف كنت أنا وسلمان وحذيفة ونعمان بن مقرن المزني وستة من الأنصار في أربعين ذراعا فحفرنا حتى إذا كنا بجب ذي ناب أخرج الله من بطن الخندق صخرة مروة كسرت حديدنا وشقت علينا فقلنا يا سلمان أرق إلى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلّم- وأخبره خبر هذه الصخرة فأما أن نعدل عنها فإن المعدل قريب وأما أن يأمرنا فيه بأمره فإنا لا نحب أن نجاوز خطه قال فرقي سلمان إلى رسول الله وهو ضارب عليه قبة تركية فقال يا رسول الله خرجت صخرة بيضاء مروة من بطن الخندق فكسرت حديدنا وشقت علينا حتى ما يحتك فيها قليل ولا كثير فمرنا فيها بأمرك فإنا لا نحب أن نجاوز خطك قالفهبط رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) مع سلمان الخندق والتسعة على شفة الخندق فأخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) المعول من يد سلمان فضربها به ضربة صدعها وبرق منها برق أضاء ما بين لابتيها حتى كان لكان مصباحا في جوف بيت مظلم فكبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) تكبيرة فتح وكبر المسلمون ثم ضربها رسول الله الثانية فكسرها وبرق منها برق أضاء ما بين لابتيها حتى لكان مصباحا في جوف بيت مظلم فكبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) تكبيرة فتح وكبر المسلمون ثم ضربها رسول الله الثالثة فكسرها فبرق منها برق أضاء بها ما بين لابتيها حتى لكان مصباحا في جوف بيت مظلم فكبر رسول الله تكبير فتح وكبر المسلمون وأخذ بيد سلمان ورقي فقال سلمان بأبي أنت وأمي يا رسول الله لقد رأيت شيئا ما رأيت منك قط فالتفت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) إلى القوم وقال رأيتم ما يقول سلمان قالوا نعم يا رسول الله قال ضربت ضربتي الأولى فبرق الذي رأيتم أضاءت لي منها قصور الحيرة ومدائن كسرى كأنها أنياب الكلاب فأخبرني جبرائيل أن أمتي ظاهرة عليها ثم ضربت ضربتي الثانية فبرق الذي رأيتم أضاءت لي منها قصور الحمر من أرض الروم كأنها أنياب الكلاب وأخبرني جبرائيل أن أمتي ظاهرة عليها ثم ضربت ضربتي الثالثة فبرق الذي رأيتم أضاءت لي منها قصور صنعاء كأنها أنياب الكلاب وأخبرني جبرائيل أن أمتي ظاهرة عليها فأبشروا فاستبشر المسلمون وقالوا الحمد لله موعد صدق وعدنا النصر بعد الحصر فقال المنافقون أ لا تعجبون يمنيكم وبعدكم الباطل ويخبركم أنه يبصر من يثرب قصور الحيرة ومدائن كسرى وأنها تفتح لكم وأنتم إنما تحفرون الخندق من الفرق ولا تستطيعون أن تبرزوا فنزل القرآن وإذ يقول المنافقون الذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا وأنزل الله في هذه القصة «قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ» الآية رواه الثعلبي بإسناده عن عمرو بن عوف.
مشاركة :