منابر لها تاريخ || «ضريح ذي النون ».. أول ضريح صوفي في مصر

  • 5/9/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

للعقيدة الإسلامية أثر بالغ فى نفوس معتنقيها لسماحتها وملاءمتها للنفس البشرية، وهو الذى انعكس بشكل كبير على الفنون فى شتى مجالاتها، كان أبرزها العمارة الإسلامية. فعلى مدار شهر رمضان المبارك تأخذكم «البوابة» فى رحلة بين مساجد مصر وأضرحتها، لنتعرف على تاريخ نشأتها، وتأثيرها الروحانى فى قلوب مُرتاديها. أحبك حبين حب الهوى... وحبًا لأنك أهل لذاكفأما الذى هو حب الهوى... فشغلى بذكرك عمن سواكيعتبر ضريح ذى النون المصرى من الأضرحة الغريبة فى مصر، فـ «ذى النون» هو ثوبان بن إبراهيم أبو الفيض، أحد مشايخ الصوفية، فكان أبوه نوبيًا مولى لقرشى من أهل أخميم، وكان ذو النون أسمر اللون شديد السمرة، وهو أول من عبر عن علوم المنازلات، وكان يحث دائمًا على البر والإحسان بالفقراء. ويقع الضريح فى مكان مهجور بحالة سيئة للغاية، بجوار مسجد سيدى عقبة بن عامر بقلب جبانة الإمام الليث، ويُعد من أول الأضرحة الصوفية فى مصر الإسلامية، بل ومن أبرز متصوفى الرعيل الأول فى العالم الإسلامى كله، وهو ما يجعله من أهم الأضرحة على الإطلاق. فتصميم المبنى عبارة عن مسجد مستطيل الشكل، به ثلاثة أروقة موازية لحائط القبلة، وتتكون الأروقة من صفين من الدعائم، الحجرية المثمنة الشكل، تعلوها عقود مدببة حجرية كذلك والسقف من المحراب قبر ذى النون وعليه شاهد قبر حجري، حفر عليه بالخط الكوفى البسيط بالحفر الغائر اسم ذى النون وتاريخ وفاته والتى تعود لعام ٢٤٥ هجرية. أما المقبرة الثانية بالمسجد فيقال أنها لمحمد بن الحنفية وعليها شاهد من الرخام، وعلى يسار المحراب فى نفس حائط القبلة توجد حجرة مستطيلة صغيرة جدًا، ويمكن اعتبارها حنية مستطيلة يدعى بأنها قبر السيدة رابعة العدوية. ولعل القبرين الموجودين بمصر من قبيل أضرحة الرؤيا، وهى كثيرة جدًا فى مصر، كما يوجد فى الرواق الأول على يسار المحراب قبران آخران الأول للشيخ حميد خادم ضريح ذى النون، والثانى للشيخ محفوظ محمد الريحاوى إمام وخطيب مسجد ذى النون بالجيزة. أما المدخل الرئيسى للضريح فيوجد بالجهة الجنوبية، وهو عبارة عن باب يعلوه عقد ذو ثلاثة فصوص وفوق عتب الباب توجد لوحة تذكارية نقش عليها اسم المنشئ وهو الأمير شعبان، أحد مماليك السلطان الظاهر بيبرس، وقد نقلت هذه اللوحة فى متحف الفن الإسلامي. فكانت حياة ذى النون كلها وعظ وإرشاد فى كل مكان توجه إليه، وكان له العديد من الأقوال المأثورة، ومنها «إنما دخل الفساد، على الناس من ستة أمور، الأول من ضعف النية لعمل الآخرة، والثانى أن أبدانهم صارت رهينة لشهواتهم والثالث غلبهم طول الأمل مع قرب الأجل، والرابع آثروا رضا المخلوق على رضا الخالق، والخامس اتباعهم هواهم ونبذهم سنة نبيهم وراء ظهورهم، والسادس جعلوا زلات السلف حجة لأنفسهم ودفنوا أكثر مناقبهم، وحينما توفى ذو النون فى غرب النيل حمل فى قارب مخافة أن ينقطع الجسر، لكثرة ازدحام الناس، ويُعد قبره من القبور السبعة التى يزورها الناس بالقرافة كل يوم سبت، قبل طلوع الشمس، لقضاء حوائجهم، ويقول السيوطى إنه فى يوم جنازة ذى النون رأى الناس طيورًا خضراء ترفرف على جنازته حتى وصلت إلى قبره، فلما دفن غابت.

مشاركة :