التنافس بين "علي بابا" و"تنسنت" شديد للغاية، لدرجة أنه قسم قطاع التكنولوجيا منذ فترة طويلة في الصين إلى نظامين بيئيين متنافسين، وأجبر الشركات الناشئة على اختيار أحد الجانبين. في الأشهر الأخيرة، بدأ الانقسام يبدو ضبابيا بعض الشيء. أصبحت "علي بابا" ثالث أكبر مساهم في "تشاينا إنترناشونال كابيتال كوربوريشن"، على الرغم من أن "تنسنت" تملك ثاني أكبر حصة في مصرف الاستثمار الرائد. في آذار (مارس) الماضي، استثمرت شركة التكنولوجيا العملاقة التي تقع في مدينة هانغتشو 171 مليون دولار، في تطبيق الأخبار كوتوتياو Qutoutiao المدعوم من "تنسنت"، من خلال قرض سيتحول إلى حصة تبلغ 4 في المائة، في منصة المحتوى. وفي الشهر نفسه، تضافرت جهود الشركتين مع شركات أخرى، في مشروع طلب سيارات أجرة عبر الإنترنت بقيمة 1.5 مليار دولار. يعد التعاون المفاجئ علامة على النضج المتنامي لقطاع التكنولوجيا في الصين - إذ اجتازت "تنسنت" و"علي بابا" احتفالات الذكرى السنوية العشرين لتأسيس كل منهما - وتغيرت الديناميكيات إذ أصبحت رؤوس الأموال محدودة، وتحول التركيز من التطبيقات التي تركز على المستهلك إلى عالم المشاريع. قال مدير تنفيذي لأحد مشاريع التكنولوجيا التجارية: "في قطاع المستهلك كان الفائز يحصل على كل شيء، لذا فإن الشركات المدعومة من قبل شركتي علي بابا وتنسنت، كانت كلها تتقاتل فيما كانت وواحدة فقط هي التي تصمد". في سوق المستهلكين في القطاع التجاري "يمكن لشركات متعددة الصمود ولا يشترط أن يتقاتلوا مع بعضهم البعض. لقد أهدروا بالفعل مليارات الدولارات في الماضي". من السهل رؤية آثار ندوب القتال بين الشركات. في توصيل الطعام، تكبدت شركات مدعومة من "تنسنت" وأخريات مدعومة من "علي بابا" خسائر كبيرة في معركة السيادة؛ وفي التجارة الإلكترونية، تنفق شركة بيندودو Pinduoduo المدعومة من "تنسنت" بشكل كبير لجذب العملاء؛ في مجال المدفوعات. إلا أنه إلى الآن، مع تباطؤ النمو في مستخدمي الإنترنت وتعب المستثمرين من تكاليف واستهلاك كميات كبيرة من النقد لجلب العملاء، بدأ هذا القطاع يتمحور حول المشاريع. تعتمد كل من "علي بابا" الطرف المهيمن و"تنسنت" على قدراتهما السحابية، لتقديم برامج وخدمات أخرى للمستخدمين في مجال الأعمال. ولتنفيذ ذلك فإنهم يعتمدون على النمو العضوي والاستحواذات، في الداخل والخارج: من هنا جاء استثمار "علي بابا" في مجموعة ديتا آرتيزانز الألمانية للبيانات الكبيرة وتيمبشان Teambition المدعومة من "تنسنت"، وهي منصة إنتاج صينية. قال سيمون تشان، مؤسس مشارك وشريك مدير لـ"بالم درايف كابيتال" ومستثمر سابق في "علي بابا"، إن ذلك يعكس نضوج قطاع يشهد الآن جيله الثالث من الشركات الناشئة، إن عمالقة التكنولوجيا تقترب من النضج. في بعض الأحيان يكون من المنطقي توحيد الجهود ضد الداخلين الجدد. بدأت بعضها تصبح كبيرة لذا من المهم صدهم ببناء التحالفات. بالنسبة إلى أولئك الذين في المراحل الأولى من العمل، يوفر دعم "تنسنت" إمكانية الوصول إلى مليار مستخدم من منصة المراسلة ويتشات WeChat، وخبرة العملاق التكنولوجي: تضم محفظتها ما يزيد على 700 شركة، منها 122 من وحيدات القرن وأكثر من 60 شركة مدرجة في البورصة. قال شخص مطلع على الصفقات "في مجال المستهلكين، السبب في الاستثمار هو الوصول إلى عدد المستهلكين، بالتالي فهم يأخذون أموال شركة تنسنت". بمجرد التأسيس، يتعين عليهم إيجاد طريقة لتوليد الإيرادات. نظرًا لأن التجارة الإلكترونية هي الطريقة الأكثر ربحا في الاستفادة من عدد المستهلكين، ويذهبون إلى شركة علي بابا، بعد ذلك. التنافس العنيف يعني أن الشركات عادة ما تضطر إلى الاختيار بين الشركتين عند جمع الأموال - الاستثمار في واحدة غالبا ما يحظر الاستثمار، أو حتى أنواع معينة من التعاون، مع الأخرى. وأضاف قائلا إن هذه الشروط عادة ما تنتهي عندما تدرج الشركة. مع الإدراج الوفير في العام الماضي لأسهم التكنولوجيا، بما في ذلك 16 من محفظة "تنسينت" وحدها، تم قطع عديد من هذه الصلات. الشركات المدرجة حديثا التي ترغب في الاستفادة من المستثمرين للحصول على مزيد من الأموال، والشعبية الأخيرة للسندات القابلة للتحويل، هي منافذ مناسبة لـ"علي بابا" للانتقال إليها - إضافة إلى شركة كوتوتياو، فحصلت على حصة بنسبة 8 في المائة في مجموعة بث الألعاب والأنيمي المدعومة من "تنسنت". تشير هذه الصفقات أيضا إلى العامل الثالث الذي يدفع الاستثمارات المشتركة: الخوف من منافس رئيس يكتسب ميزة تنافسية. ظهر ذلك بشكل كبير في شراء "علي بابا" حصة في "تشاينا إنترناشونال كابيتال كوربوريشن"، وفقا لشخص مطلع على الأمر. نظرا إلى كونه أكبر مصرف استثماري محلي في الصين، وضامن دائم للصفقات التي تنفذها كلتا الشركتين فوق أنه مالك ترخيص مصرفي. ويعتبر "تشاينا إنترناشونال كابيتال كوربوريشن" بمنزلة جائزة بالنسبة إلى الطرفين. وأضاف أن كلتا الشركتين استثمرتا في مشروع طلب سيارة أجرة عبر الإنترنت جزئيا، لأن "كلتاهما لا تريد أن تكون الأخرى المستثمر الوحيد في المشروع". تفتخر الصين بأكبر سوق لحجز السيارات في العالم، تقدر قيمتها بنحو 23 مليار دولار. حتى الآن، تذهب حصة الأسد من ذلك إلى شركة ديدي تشوجينج، التي سيطرت على السوق منذ تأسيسها في عام 2015 من خلال الاندماج بين شركتين، التي تملك أيضا حصص تشغلها "علي بابا" و"تنسنت"، وكذلك "سوفتبنك" اليابانية. اجتمعت الاثنتان أيضا في شركة جونجان إذ تم الترحيب بهما بصفتهما رائدتي قطاع تكنولوجيا التأمين، إلا أن أداءهما اللاحق كان أقل بكثير من الإثارة المحيطة بالاكتتاب العام الأولي في أيلول (سبتمبر) 2017: أصبح سعر السهم الآن معادلا لنصف سعره عند الاكتتاب العام عند 59.70 دولار هونج كونج.
مشاركة :