العراق: 100 مليون دولار تهرِّب يومياً

  • 3/19/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

شكلت كميات قليلة من التمور ومادة الدبس والكبريت ومنتجات عرضية مصاحبة لتكرير البترول، إجمالي الصادرات العراقية غير النفطية والتي لا تتجاوز نسبتها من الميزان التجاري واحداً في المئة، في مقابل واردات تستحوذ على 99 في المئة منه، وفقاً لمدير عام «شركة المعارض والخدمات التجارية» في وزارة التجارة العراقية، كامل مخلف ضايع، في حين لفت نائب عراقي إلى وجود عمليات تزوير في إصدار شهادات الاستيراد والتصدير، تساهم في هروب مئة مليون دولار يومياً إلى الخارج. واعتبر رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية، جواد البولاني، الأمر انتكاسة كبيرة مطالباً بإعادة النظر في تركيب الميزان التجاري. وقال ضايع في حديث إلى «الحياة»، على هامش حضوره اجتماعات اللجنة الاقتصادية النيابية: «سبق أن حذّرنا من استمرار اعتماد نظام الاقتصاد الريعي، الذي يؤدي إلى انهيارات اقتصادية لا تُحمد عقباها». وتابع: «في عقود سابقة، كان القطاع الزراعي يساهم بما نسبته 40 في المئة من الدخل القومي بينما كانت مساهمة النفط قليلة جداً، لكن السياسات الخاطئة وعدم استثمار مواردنا أوصلانا إلى هذه المرحلة المتأزمة». وأضاف: «من خلال متابعة حركة الاستيراد والتصدير، نجد أن الكثير من التفاصيل في حاجة إلى إعادة نظر، فهناك مشاكل كبيرة تتعلق باستيراد مواد منتجة محلياً ومواد أخرى مزدوجة الاستعمال مثل الأسمدة، ومنع تصدير مواد كثيرة لا نحتاجها ويمكن تحويلها إلى أموال». وأشار الى أن «صادرات البلد ضعيفة جداً، وهي غير مشجّعة إلى درجة أن عائداتها المالية لا تشكّل شيئاً يُذكر في الميزان التجاري مقارنة بحجم الواردات»، معتبراً أن الدولة تعاني مشكلة لولا إيرادات النفط. وأوضح ضايع أن «هناك مشاكل لا يمكن السيطرة عليها تتمثل في تقاطع صلاحيات المنع والسماح، فهناك بضائع ممنوع دخولها عن طريق موانئ البصرة نجدها تدخل عبر إقليم كردستان، وبعضها خطر جداً كالمواد الكيماوية التي تستخدم زراعياً وكمواد متفجرة، وعلى رغم مخاطباتنا الكثيرة للتنسيق مع الإقليم، لكن من دون جدوى». وفي ما يخص ضعف المشاركة العربية والدولية في المعارض التي تُقام في بغداد، قال ضايع إن «هذا الإخفاق يقع على عاتق سفاراتنا في الخارج والملحقين التجاريين. فالشركات متخوّفة من دخول العراق لاعتقادها بأن الوضع الأمني متدهور جداً، بينما الأوضاع في بغداد ومحافظات أخرى عكس ذلك، (ما يؤكد ضرورة) إيصال رسالة التطمين عبر الجهد الدبلوماسي»(...) «هناك أسباب أخرى تتعلق بآليات منح سمات الدخول وتسهيلات السفر وتُبذل مساعٍ لتذليل هذه العقبة قريباً». وعن أسباب تراجع معدلات صادرات العراق، قالت مديرة قسم التصدير في الشركة العامة للمعارض، أيمان فهد عبود، «إن السبب الرئيسي هو أننا محكومون بقوانين وتعليمات تسببت في تكبيل التجار الراغبين في تصدير بضائعهم، فيما يكمن السبب الثاني في قرار وقف العمل بصندوق دعم المصدّرين الذي كان عاملاً مهماً في زيادة الصادرات». وأضافت: «بعض هذه التعليمات المانعة أُقرّ في عهد الحاكم المدني للعراق بول برايمر، على رغم أن الهدف من التصدير هو رفد البلد بالعملة الصعبة إضافة الى النفط، وحالياً الوضع الاقتصادي في البلد متأزم جداً ونحتاج إلى تصدير بضائع أخرى». وأوضحت أن وزارة التجارة فاتحت الجهات المعنية بإعطاء قرارات السماح بالتصدير، وخصوصاً اللجنة الاقتصادية في مجلس الوزراء والمكوّنة من وزارات عدة، لكن الردود كانت تأتي بالمنع دائماً». واعتبرت أن قلة الصادرات لا تعني عدم وجود منتجات عراقية، وقالت: «على العكس، البلد لديه موارد لو سُمح للقطاع الخاص بتصديرها فستكون عائداتها رقماً لا يستهان به، ومن هذه المواد بودرة نبتة السوس ومواد الحديد الخردة والكبريت النقي والفوسفات والتمور والصناعات التحويلية، وأعلاف الحيوانات التي توقّف إنتاجها حالياً بسبب منع المصنّعين من تصديرها، وهنا أصبحنا نعتمد على المستورد». وعن آليات التصدير والاستيراد، قالت عبود: «نحن جهة فنية معنية فقط بمنح إجازات الراغبين في الاستيراد والتصدير وهويات مُصدر أو مستورد، وهناك شروط يجب توافرها مثل خطابات ضمان مصرفية ورسوم وأوراق ثبوتية، أما التعامل المالي فهو من اختصاص المصرف المركزي والمصارف الرسمية». وأكدت أن الجهات المعنية درست إمكان تسهيل عمل المصدّرين وتسريع إنجاز المعاملات، وخفّضت مبالغ خطابات الضمان إلى 25 في المئة. وأوضح رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية جواد البولاني في حديث إلى «الحياة» أن شلل حركة التصدير من العراق والتي يقابلها إنفتاح شبه تام لحركة الإستيراد، من الأمور المخيبة للآمال، وهذا الأمر يدل على وجود أيدٍ خفية تريد الإبقاء على البلد كجهة مستهلكة لبضائع مستوردة». ولفت إلى أن بعض القوانين في حاجة إلى تعديل وقوانين أخرى يجب أن تلغى، منها قرارات وتعليمات منع تصدير الكثير من المواد، مشيراً إلى «أن بعض هذه القوانين حديث مثل قانون الاستثمار الذي يمنع تصدير مادة مُنتجة محلياً عن طريق المستثمر، على رغم أن هدفنا هو تشجيع الإنتاج وصولاً الى الاكتفاء ومن ثم التصدير، فلماذا لا نصدّر الفائض عن الحاجة؟». وشكّك عضو لجنة الاستثمار أحمد سليم، في توجهات فتح الأبواب أمام المصدّرين، مشيراً إلى أن «إصدار أذون بالسماح سيُستغلّ من ضعاف النفوس بإخراج مواد أولية تحتاج إليها الصناعة، مثل الحديد والنفايات الزجاجية والورقية والألومنيوم والنحاس وغيرها». وقال: «المشكلة الأخرى تتعلق بإجازات التصدير والاستيراد التي تُعطى لأشخاص وهميين يقدمون هويات مزورة، وهذا ما يتسبّب في هروب 100 مليون دولار يومياً من العراق».

مشاركة :