الدراما الشعبية المصرية تستعيد بريقها في رمضان

  • 5/10/2019
  • 00:00
  • 36
  • 0
  • 0
news-picture

يوظف الفنان المصري حمادة هلال، إبداعه في الغناء والدراما والسينما لصالح الوصول إلى الفئات الشعبية التي تضمن له استمرار الحضور، حتى بعدما انحسرت أغانيه التي شهدت رواجا قبل عقدين، واستطاع مؤخرا من خلال الدراما أن يعوّض الغياب مع نفس الجمهور الذي كان يستهدفه من خلال أغانيه. ويقدّم هلال في رمضان الحالي مسلسل “ابن أصول”، ويركز فيه على تأثير البيئة الشعبية في شخصية القاطنين فيها أو الذين ابتعدوا عنها، ومع ذلك ما يزال التأثير حاضرا في تصرفاتهم، في إطار كوميدي اجتماعي. مسار واحد قال حمادة هلال لـ”العرب”، إن الأعمال الشعبية تضمن مناقشة أكبر قدر من القضايا التي تهم فئات واسعة من الجمهور، والأمر لا يرتبط فقط بالقاعدة الجماهيرية التي حققها في تلك المناطق، لكن هي وجبة فنية متكاملة تجذب أكبر نسبة من جمهور الفضائيات. وأضاف أن تطور شخصية المواطن العادي في هذه المناطق ارتكن إلى التغيّرات المجتمعية بشكل عام، وتتطلب الأعمال المعبّرة عنها أن يكون هناك تركيز درامي عليها، بالتالي فالقضايا المطروحة في العمل الدرامي تطغى على قيمة المكان في حد ذاته. ويبرهن هلال على ذلك بتأكيده أن المسلسلات الثلاثة التي قدمها خلال أربع سنوات مضت وشارك فيها بدور البطولة، منحت أولوية لظواهر منتشرة في الأوساط الشعبية والمجتمعية من دون أن يكون ذلك مرتبطا بالإطار المكاني. وضرب مثال بمسلسل “ولي العهد” الذي قدمه عام 2015، وناقش فيه مشكلات الميراث في عائلة تبدو أرستقراطية لكن أصولها شعبية، كذلك الأمر بالنسبة لـ”ابن أصول”. ويعدّ حمادة هلال من الممثّلين الذين قدموا أدوارا حملت لونا دراميا متقاربا لتوصيل رسائل مختلفة، وهو ما وضعه في دائرة النقد دائما، لكنه يشدّد على أن ذلك يرجع إلى رغبته في مناقشة المشكلات التي يعاني منها المجتمع من زاوية لا تغضب الشخص الذي يمر بها، ويناقشها بشكل خفيف لا يخلو من الكوميديا في أحيان ومن البكاء في أحيان أخرى. ولفت إلى أن تصنيف الأعمال التي يقدّمها يجب أن يكون من خلال المضمون والمحتوى النهائي، وليس عبر الإطار العام التي تسير خلاله. وأضاف في حواره مع “العرب”، إلى أنه هدف إلى مناقشة مشكلات الإرث في “ولي العهد”، وعقبات النجاح والصعود التي تواجه العديد من الشباب في مسلسل “طاقة القدر”، والتعرّض للظلم الذي يقع على عاتق الشخصيات التي ترفض الفساد في “قانون عمر”، ونهاية بمناقشة التأثيرات السلبية لحب التملك الذي يكون من جانب الآباء والأمهات تجاه أبنائهم من خلال “ابن أصول”. حاول حمادة هلال من خلال مسلسل “ابن أصول” أن يقدّم مزيجا بين الشخصية البسيطة التي تعيش بالنهار داخل إحدى مناطق وسط القاهرة، حيث يعمل مع والده الذي يمتلك محلا لبيع المجوهرات، فيما نراه في المساء مع والدته في أحد القصور الكبيرة، ويمرّ بين النقيضين بطل العمل “هشام” بالعديد من المواقف والتناقضات التي تؤثر في شخصيته. وأوضح أنه سعى من خلال “ابن أصول” لمناقشة مشكلات حب التملك بين الأم وابنها عبر منظور كوميدي، لكن وسط خطوط درامية أخرى بموجب علاقة بطل المسلسل بوالده وزوجته وأشقائه، والتي تتطور لتدور في إطار تراجيدي نتيجة بعض الخلافات التي تنشب بسبب المال.ويشارك حمادة هلال في بطولة العمل، الفنانة أيتن عامر ومحمد نجاتي والسورية سوزان نجم الدين وأحمد حلاوة وكريم أبوزيد وحمزة العيلي ووفاء سالم وإيناس كامل وعماد رشاد، وهو من إخراج محمد بكير. ويرى البعض من النقاد أن الأعمال الشعبية المقدمة خلال السنوات الأخيرة تحاول أن تحقق غايتين أساسيتين، الأولى ترتبط بالفئات التي ما زالت تتابع الأعمال الدرامية من خلال الفضائيات، وأغلبها يقطنون في مناطق شعبية وريفية تتوافق مع المحتوى المقدم، وبالتالي فإن السعي لمخاطبة تلك الفئات يأتي على رأس اهتمامات المنتجين. أما الأمر الثاني فقد تكون له علاقة بالتوجه العام للدراما الذي يركز من خلال هذه الأعمال على نقاط القوة الهامة، بعد أن استطاعت بعض الأعمال المصرية أن تنفذ إلى المجتمعات العربية من خلال روائع درامية محفورة في أذهان الجميع حتى الآن، على رأسها، “أرابيسك” و”ليالي الحلمية” و”حديث الصباح والمساء” و”الشهد والدموع”. وذهب هؤلاء للتأكيد على أن قيام شركة إنتاج واحدة بتقديم ستة أعمال تدور في فلك المناطق الشعبية، وهي “زلزال” و”أبوجبل” و”ابن أصول” و”البرنسيسة بيسه” و”حكايتي” و”هوجان”، يشي بأن هذا النوع من الدراما ما زال طاغيا. وما زال الرهان على الأعمال الشعبية مستمرا لتحقيق أكبر قدر من نسب المشاهدة، بعد النجاح الكبير الذي حققه مسلسل “الأسطورة” للفنان محمد رمضان، قبل ثلاث سنوات، غير أن النمطية الشديدة لهذه الأعمال أفقدتها جانبا من بريقها. خلطة ناجحة أكد حمادة هلال لـ”العرب” أنه يبحث دائما عن الخلطة التي تضمن حضورا في أوساط العائلات المصرية، بالتالي فالتعاون مع مؤلف العمل محمود أبوزيد للمرة الثالثة على التوالي، جاء لبراعته في سرد القصص الاجتماعية وقدرته على الغوص في الكثير من المشكلات الأسرية. ويحافظ هلال، في أعماله الدرامية، على صورة المطرب الذي اشتهر في أوساط الشباب بالأغاني الشعبية الحزينة، وتسيطر على الكثير من أعماله الكوميديا التي لا تخلو من البكاء أيضا، ويحاول توظيف مواهبه المتعددة لصالح تحقيق حضور جماهيري، حيث يمتلك جملة من الأدوات التي تضمن حرفية الأعمال الدرامية التي يقدمها. وقد ظهر هذا التوظيف بوضوح في الدمج بين قدراته التمثيلية والغنائية، وحققت الأغنية التي طرحها بشكل منفرد قبل ثلاثة أشهر بعنوان “أشرب شاي” نجاحا كبيرا، وتخطت نسبة مشاهدتها حاجز العشرين مليون، وأصبحت ضمن الأكثر رواجا على موقع يوتيوب، وهي أغنية تدور في إطار شعبي تعبر عن حياة المواطن البسيط، ومعاناته اليومية والي يحاول التغلب عليها من خلال تناول كوب شاي. وأشار حمادة هلال إلى أنه يقدّم ثلاث أغنيات في مسلسله “ابن أصول” بالإضافة إلى “تتر” مقدمة المسلسل ونهايته، وأداها جميعا بصورة تتماشى مع مضمون العمل، بحيث تصبح جزءا من سياقه العام.

مشاركة :