في المستقبل القريب لن تكون هناك حاجة إلى المدارس أو الكتب وعوضاً عن ذلك سيتم زراعة شريحة ذكية في دماغ الإنسان، ما سيتيح له أن يكون أكثر ذكاء وأسرع إنجازاً هذا بحسب رأي عالم الحاسوب الأمريكي ريموند كرزويل، مدير الهندسة في شركة جوجل وأحد مستشرفي المستقبل المعروفين، حيث يرى كرزويل أن المستقبل سيشهد تكاملاً غير مسبوق بين الآلة والإنسان وسيكون الذكاء الاصطناعي أداة من شأنها أن تعزز قدرات البشر من خلال نقل تلك القدرات من جيوبهم إلى داخل أجسادهم وعقولهم، مؤكداً أنه ليس في الأمر ما يمكن أن يثير مخاوف الإنسان على الإطلاق. مجلة اليمامة سألت عدداً من المختصين والمعلمين والآباء والأمهات عن رؤيتهم لما يتوقعه العلماء من هذه النقلة التقنية وانعكاسات ذلك على نمط حياتنا خصوصاً في مجالات التعليم والتميز بين الأفراد وما إذا كانت التقنية ستجعل من البشر نسخاً مكررة تفتقر للتميز والتفوق والإبداع. المشاركون في القضية: - د. عصام بن عبد الله القبيسي: مستشار الأمن السيبراني وخبير التعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد. - عبير المحضار: مستشار تعليمي بشركة مايكروسوفت العربية. - د. تهاني الدسيماني: وكيلة عمادة تقنية المعلومات والتعليم عن بعد بجامعة الأمير سلطان بن عبد العزيز. - إيمان اليوسف: قائدة تربوية عضو مجلس التربية والتعليم بمنطقة المدينة المنورة. - محمد الثابت: معلم - وفاء العيد: معلمة - منصور المنصور: معلم - عائشة العقيل: معلمة - ناريمان فيض الله - ميسان خالد - خالد الشدوخي - أحمد أبو غريب -------- قرار وليس خيار يقول د. عصام بن عبدالله القبيسي إنه يجب علينا أن نؤمن أن التقنية بمختلف مجالاتها عامل مساعد مهم على تحقيق جودة الحياة للبشر بما يخدمهم على مزاولة يومهم العادي بشكل أسهل وأكثر مرونة. وإذا ما رجعنا للوراء قليلاً فلن تجد من البشر من قد يصدق أو يستوعب أنه من خلال جهاز لوحي صغير يستطيع أن ينهي كل تعاملاته وأن يجلب كل مصادر المعرفة المختلفة وبلمح البصر. إننا نعيش ثورة تقنية وتحولاً رقمياً هائلاً ونخطو بشكل متميز من خلال تسخير التقنية لخدمة التعليم فأصبحت لدينا مشاريع ومبادرات على أرض الواقع سهلت العملية التعليمية ومنها على سبيل المثال مبادرة بوابة المستقبل (Future Gate) وهو برنامج أطلقته وزارة التعليم للتحوّل نحو التعليم الرقمي، ولقد اتخذت من الطالب والمعلم (وهما نواة العملية التعليمية) محورًا أساسيًا في سعيها إلى خلق بيئة تعليمية جديدة تعتمد التقنية في إيصال المعرفة إلى الطالب وزيادة الحصيلة العلمية له، كما أنها تدعم تطوير قدرات المعلمين العلمية والتربوية. إن هذا البرنامج يهدف إلى التحول إلى بيئة تعليمية إلكترونية والتخلص من أعباء البيئة الورقية التقليدية، مع تغيير النمط التقليدي للتعليم، وتسهم بوابة المستقبل في توسيع عمليات التعليم والتعلم إلى خارج نطاق الفصل الدراسي والبيئة المدرسية وإيجاد بيئة تعليمية ممتعة بالتفاعل الإيجابي بين الطلاب والمعلمين مع تمكين الطالب من المهارات الشخصية التي تجعله أكثر جاهزية للدراسة الجامعية وسوق العمل، مستفيدين من إقبال الطلاب على التقنيات الحديثة وتوجيههم للاستخدام الإيجابي لمنتجات التقنية. ويضيف د. القبيسى قائلاً: لا يجب أن نخشى التقنية، واستخدامها هو قرار وليس خياراً فهي عامل مساعد وداعم لتسهيل الممارسات العادية لكل مستخدم ويجب أن نرحب بها ونستخدم ما يتوافق مع احتياجاتنا. نحن نستقبل التقنية بشكل متميز ونتعامل معها بشكل مبتكر إلا أن هناك قلائل ممن يوظف هذه التقنية في غير محلها، ما ولد عدداً من الجرائم المعلوماتية وأصبح عائقاً أمام الاستخدام المثالي لهذه التطبيقات إلا أن أنظمة الحماية والأمن السيبراني ستقف أمام أي ممارسات سلبية لهذه التطورات التقنية. أما بالنسبة لمسالة أن يمتلك أغلب الطلبة القدرات والمهارات نفسها وأن يتمتعون بذاكرة مشابهة، فإن التقنية هي عامل مساعد وقد نصل إلى هذا المستوى من التشابه لدى الطلاب من خلال المعلومات لكن يجب أن نعلم أن هناك مهارات يجب أن يتدرب عليها الطلاب فمهما تطورت التقنية في تسخير مهارات التفكير العليا في التعليم إلا أن تلك المهارات الفنية والسلوكية الشخصية والاجتماعية تحتاج إلى ممارسة واقعية مهما تطورت التقنية ستظل عاملاً مساعداً على تنمية تلك المهارات. وحول الفجوة التي يمكن أن تحدث بين شرائح في المجتمع بسبب التقنية والتعامل بها، فيرى أنه من الطبيعي أن تكون هناك فجوة لكنها تكون بسبب إرادة البعض ورفضهم للتطوير ومسايرة عجلة التنمية ورغبتهم في البقاء على النهج التقليدي وهذا خيارهم ولا يمكن إجبارهم، أما من يرغبون في مواكبة العصر فهي خيار متاح للجميع ورؤية مملكتنا الحبيبة ٢٠٣٠ من أهم محاورها أن يكون مجتمعنا حيوي من خلال بنيانه المتين في تمكين المجتمع في ظل قيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله- وحضره سيدي قائد الشباب ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - وفقه الله- الذي يؤمن تماماً بالتقنية والذي يجلب لنا في كل جولة مباركة أهم التقنيات الحديثة من خلال عقد شراكات سيكون لها مردود متميز لحياة تقنية متطورة. ليس بديلاً للإنسان وترى عبير المحضار أن الذكاء الاصطناعي أتى ليحمل للبشرية تطورات هائلة في شتى المجالات فهو في محصلته مكمل ومعزز للقدرات البشرية التي هي أساس بناء الحضارات، كأن يصبح الذكاء الاصطناعي مساعداً على الاسترجاع الفعّال ويحمل كل المعلومات النظرية التي يحتاج الإنسان لحفظها وكذلك العمليات العقلية البسيطة عبر خوارزميات الذكاء الاصطناعي وستظل الحاجة إلى العقل البشري للقيام بعمليات التفكير العليا المعقدة من تحليل وتركيب وإبداع موجهة حسب حاجة الموقف، فالشيء الإيجابي الذي قد تحمله هذه النقلة هو تقليص عدد سنوات الدراسة في المدارس ولكن لن تنفي الحاجة إليها، بل على العكس سيكون التركيز على تدريب الطلاب على مهارات التفكير العليا المعقدة ليتم استغلال الوقت المهدر في حفظ العلوم النظرية في التدريب على الإبداع والتطوير، ولكن متى ما تجاوز الأمر حده ليكون الذكاء الاصطناعي بديلًا كاملًا عن دور البشر في هذا الكون فهذا ما يدعو للقلق ويحمل معه تعزيز أُطر حوكمة الذكاء الاصطناعي لحماية هرم النظام الكوني الذي يقع الإنسان في قمته وليس الآلة. وتضيف عبير المحضار: بالتأكيد هناك احتمالية لوجود الطبقية ولكن يمكن أن يتم تقليص تلك الفجوة الطبقية من خلال قيام الحكومات بدورها في تحديد قيمة منطقية لهذه الشريحة باعتبار أنها ستكون من ضرورات الحياة كالماء والطعام وذلك قياساً على التعليم العام. الريبوتات قادمة من جهتها ترى د.تهاني الدسيماني أن عجلة التغيير في دوران مستمر وهي مرتبطة بفطرة الإنسان وغريزته. وقالت: هي سنة كونية تدور مع الإنسان حيث دار وإرادة التغيير والطموح بمنظورها العام تعد عاملاً إنسانياً مشتركاً لإحداث تحولات إيجابية في حياتنا. وتضيف د.الدسيماني: أن التقنية تعتبر من أبرز أشكال التغيير في حياتنا لطبيعتها الديناميكية. حيث وجد الإنسان طرقاً مبتكرة لحل المشاكل على مدار آلاف السنين الماضية وكان الجزء المبكر من القرن الحادي والعشرين بمثابة ازدهار للنهوض بالمعرفة البشرية ويشمل ذلك كل ما شهدنا من اختراعات مدهشة إلى إجراءات طبية سابقة التي غيرت الطريقة التي نعيش فيها وأيضاً التي سنعيش فيها في المستقبل. ووفقاً لاستطلاع أجراه منتدى الاقتصاد العالمي في أواخر 2018 على أكثر من (800) من الخبراء والمديرين التنفيذيين في مجال التقنية لتوقع دور التكنولوجيا الحديثة في حياتنا وحتى عام 2030، سيكون للروبوتات دور كبير في مجالات متعددة في حياتنا وفي 7 مجالات رئيسية مهمة، حيث إنه من المتوقع بحلول عام 2021 أن تستبدل الروبوتات الوظائف الدقيقة كوظائف الصيادلة ولن يقتصر مجالها على وظائف الصناعات الثقيلة وحسب. أيضاً ستغزو إنترنت الأشياء مجالات كثيرة في حياتنا وستنتشر مستشعراتها في كل مكان من الممشى في الطرق العامة إلى ملابسنا وسيكون هناك أكثر من مليار من المستشعرات مرتبطة ببعضها بعضاً بحلول 2022 وفي مجال الطب ستحدث تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد ثورة كبيرة في مجال الصناعات الطبية، وقد تم استخدامها بالفعل لاستبدال أحد عظام القفص الصدري لمريض ويتوقع أن تستخدم في مجال زراعة الأعضاء بحلول 2024. أيضاً ستكون الإنترنت من ضمن الخدمات الأساسية في حياة الإنسان وحقاً أساسياً بحلول عام 2024. أيضاً ستتزايد فاعلية القطع الإلكترونية مقابل تضاؤل حجمها ويتوقع الخبراء بأن أول هاتف مزروع في جسم الإنسان سيوجد في الأسواق في 2024 وسيكون التواصل عبر الهواتف المزروعة التي قد تمكن الإنسان من التواصل عبر موجات الدماغ عوضاً عن التحدث. ومن ملامح المستقبل أيضاً هو التغير الكبير في المواصلات وستنتشر تقنيات مشاركة وسائل النقل بين الناس بفعل التكنولوجيا وتوقع 67 ٪ من المشاركين بأن نسبة استخدام هذه الوسيلة سترتفع بشكل أكبر من استخدام السيارات الخاصة. وبما أن أنظمة الذكاء الاصطناعي يمكنها التعلم من الأخطاء السابقة وتوليد قرارات مبنية على البيانات الضخمة، يتوقع الخبراء بأن آلة ذكاء اصطناعي ستنضم لمجموعة الرؤساء التنفيذيين في الشركات بحلول 2026. أما بالنسبة لمسألة الخوف على مستقبل البشر فتقول د. تهاني: تحدث كثير من العلماء عن مستقبل البشر في ظل هذه التطورات التقنية الثورية والمتسارعة وانقسمت آراؤهم ما بين مشككين ومؤيدين فأبرز مخاوف المشككين أمثال Eric Brynjolfsson تتمثل بالمخاوف من الأبعاد الاقتصادية لاستبدال الروبوت والآلة للإنسان، ما سيؤدي إلى تناقص أعداد الوظائف ويرى العالم التقني Vaibhav Grag بأن قابلية مثل هذه الآلات على جمع كميات ضخمة من البيانات حولنا وتقديمها للخوارزميات لتكوين التنبؤات تفقدنا السيطرة على معرفة مجال تدفق هذه البيانات ومدى صحتها وكيفية وضعها في السياق الصحيح لها. أما المؤيدون فيرون ضرورة مثل هذه الاختراعات لحياتنا ولها فوائد تنافسية اقتصادية وعسكرية وحتى فنية وستقدم حلول أتمتة لا يمكن مقاومتها لكني أرى أنه مهما تقدمنا تكنولوجياً ستبقى المهارات الناعمة ومنظومة القيم التي يملكها البشر هي المحك وهي التي ستصنع الفارق في عصر الثورة الصناعية الرابعة وستظل مهارات التفكير الإبداعي والابتكاري وحل المشكلات واتخاذ القرارات والذكاء الانفعالي والتفاوض التي حددها أيضاً منتدى الاقتصاد العالمي هي التي لايمكن للآلة أو الروبوت اكتسابها؛ لذا وجب إعداد شبابنا الإعداد الجيد بهذه المهارات استعداداً لعصر الثورة الصناعية الرابعة. إن من طبيعة الإنسان تبني التغيير متى ما رأى أثرها الإيجابي في حياته؛ وهذا ما أكده العالم EverttRogers في كتابه نظرية التغيير، حيث ذكر أن التغيير يتم تبنيه من قبل الأفراد بسهولة وفقاً لأثره الإيجابي الذي يلمسه الفرد في حياته ومتى ما وجده ميسراً لحياته. وقد صنف العالم Rogers أنواع البشر بتقبل أي تغيير بأربعة أنواع يتقدمهم المتبنون الأوائل ومن ثم الأغلبية المتقدمة ومن ثم الأغلبية المتاخرة وأخيراً المتاخرون ولكل فريق خصائص؛ فمثلاً أتوقع في أي تقدم تكنولوجي سنشهده سيتبنى فريق المتبنون الأوائل وسيكونون من قادة الفكر التقني وأغلبهم من الشباب ولديهم القدرة المادية والمعرفة العلمية حسب ما وصفهم Rogers بتصنيفه وسيكون المتأخرون من المجموعات التي تميل للتقليدية والمنغلقة على نفسها. إن الشريحة التي يتم زرعها في الدماغ لتعزيز أدائه بدأت فكرتها علمياً لمعالجة أمراض الدماغ مثل الزهايمر ومن بعد ذلك لاحظ العلماء أثرها الإيجابي في الذاكرة ونسبة تعزيزها لإشارات الدماغ والتواصل العصبي بين خلايا الدماغ. أما تطبيقها في مجالات التعلم فتقنية Saffos لتقنيات الذكاء الاصطناعي تسعى لتطوير هذه التقنية لتكون بمثابة المساعد التقني ومتوقع إطلاقها في الربع الثالث من عام 2019 وهي التقنية المتعلقة بزرع الشرائح بالدماغ لتعزيز التعلم لن تكون سوى نوع من الحلول المساعدة لإيجاد المعلومة فقط تماماً كما نستعين بالمساعد الصوتي Siri في الجوال لإيجاد المعلومة أو التذكير بها وتدعي الشركة بأنها ستخدم المتعلم وتكون بمثابة أول معلم بذكاء اصطناعي في العالم يساعد على فهم المتعلم وأسلوب تعلمه لكن هذه التقنية لن تستطيع استبدال عادات العقل مثل حل المشكلات والتفكير الناقد والإبداعي ومهارات التفكير العليا لدى الإنسان والتي صنفها العالم «بووم» Bloom كالفهم والتذكر والاستنتاج والاستنباط والربط والتحليل وعلينا دائماً كمربين الحرص على تنمية هذه المهارات لدى أبنائنا من خلال تشجيعهم المستمر على القراءة والاطلاع والتعلم الذاتي والتعلم من خلال المشاريع وحل المشكلات وغيره من أساليب التعلم الإبداعية لحمايتهم من سيطرة الغزو التكنولوجي على عقولهم والذي أراه انتقل من محاولات تحويل الروبوت إلى إنسان آلي تحويل الإنسان آلي روبوت. إن مما لا شك فيه أن التقنية قسمت المجتمع الواحد زمنياً فمثلاً في الولايات المتحدة قسمت التقنيات الأجيال إلى طبقيات متعددة فمثلًا نرى جيل الأربعينيات وحتى الستينيات أو ما يسمى بجيل Baby Boomers في الولايات المتحدة ولم تؤثر كثيراً في حياتهم وجاء الجيل التابع لهم بمايسمى جيل X وهو جيل الستينيات وحتى الثمانينيات الذي فعل من دور التقنية في حياته وفي بيئة العمل وحتى جيل الألفية الذي أصبح منجذباً بشكل كبير بالتقنية، بل ومهووساً بها وأصبحت تطبيقات التواصل الاجتماعي جزءاً لا يتجزأ من حياته. لكن التقنية قلصت الفوراق اجتماعياً في العالم الرقمي فعلى سبيل المثال أصبح رؤساء دول يملكون معرفات وحسابات من الممكن أن يملكها المواطن العادي وكلاهما يملك حرية الوصول للمعلومة وحرية التعبير والخصائص والامتيازات نفسها. وأصبح الثقل الاجتماعي يقاس أحياناً بالثقل الرقمي للإنسان ومدى تأثيره في البيئات الرقمية وعدد المتابعين والمتفاعلين مع مايطرحه من محتوى. تطور مخيف: إيمان اليوسف قالت: إنه إذا صدق هذا الأمر واستطاع العلماء التأثير في ذكاء البشر فسنشهد تحولاً كبيراً وتطوراً هائلاً. ولا يخلو الأمر من أن يكون مخيفاً حقيقة وأتوقع أن يكون مخيفاً لدرجة كبيرة؛ فسوف تكون هناك مطالب وتحولات كثيرة فهذه البيئة التي نعيش فيها قد لا تتناسب مع هذا التحول البشري المهول، ولا نعلم أيضاً ما هي تأثيراته في منظومة العلاقات الاجتماعية والقيم والعادات، فمن المؤكد أنها ستتأثر بحسب من يعمل على تصميم هذه الشرائح. بطبيعة الحال إذا أصبحت هذه الأفكار والرؤى أمراً فعلياً فمن المؤكد أننا سنتعاطى معها ونتعامل معها ولكن أتمنى أن يكون ذلك بعد تطويع هذا الأمر لثقافتنا ورؤيتنا الخاصة لكنى أتوقع أن وجود هذه الشرائح لن يلغي الفروق الفردية بين الطلبة لأن العقل الأساسي الذي هو هبة الرحمن متفاوت والتعامل مع أي شيء آلي يحتاج إلى توجيه وتفكير وخلافه هنا سوف يستعمل العقل ويتفاوت الطلاب ولكن ستكون نسب التفوق أكبر وهذا هو الشيء الأجمل، والحقيقة أن الأمر أشبه بالأفلام الخيالية ولكن لا نستبعد حصوله فنحن في عصر تحقق المستحيلات. ثورة تقنية غير مسبوقة ومن جانبه يرى محمد الثابت أن عجلة التطور التقني لا حدود لها، فما كنا نقرأه ونشاهده في روايات الخيال العلمي أصبح الآن واقعاً ملموساً، والعلماء الذين يعكفون على هذه الشرائح الذكية يأملون أن تتحقق قفزة نوعية، بل ربما خيالية في قدرة العقل البشري. وإن كان العلماء سابقاً يسعون لتطوير قدرة الأجهزة الإلكترونية لتواكب قدرات الإنسان، فإنهم اليوم يعكسون البوصلة وهدفهم تطوير قدرات البشر ليواكبوا التقنية ويمتلكون قدرات خارقة تضاعف الذكاء البشري. ولا شك أن هذا التطور التكنولوجي سيكون له تبعات ومخاوف لاحتمالية اختراق مثل هذا النوع من الشرائح وبالتالي التحكم بها وبأصحابها وربما تنفيذ عمليات أو مخططات سيئة، ما يتطلب وجود حماية ذات فعالية عالية. وكما جرت العادة في كل جديد، ستكون ردود الأفعال متباينة في قبول مثل هذه التقنيات أو رفضها، وسيتوقف الأمر على توفير الحماية اللازمة للمستخدمين والمحافظة على خصوصياتهم وأجسادهم خشية الوقوع في حبال قراصنة الكمبيوتر والناشطين في الجريمة الإلكترونية رغم الاحتياطات التي يوفرها المصنعون لهذه الشرائح. ويتساءل محمد الثابت: هل فعلًا سنجد أنفسنا أمام مجموعة من البشر متشابهين في كل شيء؟ يبدو أن حدوث مثل هذا الأمر وعلى هذا النحو بعيد الأمد، وإن حدث مستقبلًا فسيحدث ثورة تقنية غير مسبوقة ربما تغير كثيراً من المفاهيم والحقائق الحالية. خطر على البشرية وفاء العيد أكدت أنه ليس هناك شيء أفضل من خلقة الله سبحانه وتعالى للإنسان والله جعل الناس متفاوتين بالذكاء والقدرات ليسخر بعضهم لبعض ولحكم كثيرة منها ما نعلمها ومنها ماهو في علم الغيب لديه سبحانه، وهذه الشريحة قد يكون لها مميزات ولكن أتوقع أن لها خطورة على الجنس البشري فليس كل البشر سيستخدمونها بشكل إيجابي فقد تستخدم بشكل سلبي وتكون سبباً في تدمير البشرية. حقيقة أرى أن مستقبل البشرية بهذه الشريحة سيكون مخيفاً وغامضاً نوعاً ما، كما أتوقع عند البدء في طرح هذه الشريحة في السوق أنها ستكون بسعر باهظ، ما يجعلها متاحة فقط لفئة معينة في كل المجتمعات، لذلك سوف تكون هناك فجوة طبقية واضحة وهذا من السلبيات التي ستظهر أولاً. نقل المعرفة منصور المنصور قال لـ «اليمامة»: نحن كمعلمين ندرك جيداً ويقيناً بأن التغيير قادم لا محالة ومستعدون استباقياً لمثل هذه الأفكار من خلال تمكين الطلاب من المهارات أكثر من تمكينهم من المعرفة، فمثل هذه التقنية ممكن أن تقدم للمتعلم المعرفة بأسرع وقت ممكن من خلال تلك الشريحة، ولكن قد لا تمكن المتعلم من توظيف تلك المعرفة بالطرق المناسبة إذ لا بد من تمكينه من المهارات التي لا تكون إلا عن طريق التدريب المستمر. وفي مثل هذه الظروف علينا كمعلمين أن نرحب بمثل هذه الأفكار ونوظفها في خدمة التعليم وفق القيم والمبادئ التي نسير عليها. ومن وجهة نظري لا داعي للقلق على مستقبل البشر إذ لا بد لنا من مواجهة مثل تلك الأفكار وتوظيفها في خدمة الإنسان وتطويره بدلًا من مقاومتها ونقدها والمهم الاستفادة منها كغيرها من الأفكار التي تم توظيفها بشكل مذهل ومنها التقنيات الحديثة في سرعة نقل المعرفة وتداولها بشكل سريع عبر الدول والقارات التي أحدثت نقلة نوعية في التعليم على وجه الخصوص. ولا شك بأن لكل فكرة سلبياتها وإيجابياتها فمن سلبيات مثل هذه الأفكار وجود التباين بين البشر فليس الجميع له القدرة على زراعة مثل تلك الشرائح، إضافة إلى التشابه الكبير بين الناس وعدم التمايز بينهم خاصة ما يتعلق بالمعرفة. أما الإيجابيات فهي كثيرة ومنها سرعة استحضار المعرفة. وإن كان الأهم من ذلك كيفية توظيفها في خدمة البشر بالطرق الصحيحة. وفي مثل هذه التقنيات لا بد أن ندرك شيء مهم وهو أننا في تعليمنا لا نركز فقط على المعرفة فقط بقدر ما نركز على أربعة محاور مهمة وهي المعرفة والمهارة والسلوك والقيم؛ ولذا لا يمكن الاستغناء عن المعلم كمصدر للمعرفة فقط، إذ لا بد من الأدوار الأخرى التي يقوم بها المعلم ولا يمكن تعويضها من خلال الذكاء الاصطناعي مثل غرس القيم والأخلاق والسلوك المرغوب في المتعلم إضافة إلى تمكينه من تلك المهارات. مخالفة الفطرة عائشة العقيل قالت: إنها كمعلمة كان اطلاعي على هذه الثورة الأسبوع الفائت وأنا في طريقي للمدرسة، والحقيقة أن الفكرة أرعبتني من كل النواحي ولا سيما أن النتيجة المطروحة منذ بداية الثورة هي الاستغناء عن التعليم. وقد ناقشت هذه الفكرة مع طالبات الصف الثالث متوسط، بحكم أن التقنية مادة علمية يدرسونها في الوحدة الأخيرة من مادة الدراسات الاجتماعيه، وقد انقسمت الطالبات خلال النقاش إلى شقين: الشق الأول وهم الطالبات متدنيات المستوى فقد أعجبتهن هذه الثوره التقنية كثيراً ورأين فيها فرجاً ومخرجاً من هم الدراسة والكتب، حيث سيتم الاستغناء عن التعليم التقليدي وسيندثر الكتاب وستكون المعلومة في متناول الجميع بلا أدنى مشقة. أما القسم الثاني وهن الطالبات المتفوقات ولا أعني بذلك المجتهدات دراسياً فقط، بل الطالبات المبدعات المتطورات المطورات لأنفسهن بشكل مستمر، حيث رفضن الفكرة، بل واعتبرنها مرعبة؛ إذ كيف ستتاح الفرص والوظائف للجميع الطالب المجتهد المنجز والطالب المهمل؟! كما افترضن فرضية أضحكتني وأرعبتني في الوقت نفسه لو تعطلت الشريحة كيف سيكون وضع الشخص لحظتها؟ وتضيف عايشة: طبعاً هذه التقنية لن تكون متاحة للجميع في البداية، حيث ستطرح بأسعار مبالغ فيها ولا شك أن الحاصلين عليها في البدايه سوف يستفيدون من مزاياها قبل الجميع، لكنى أعتقد أن فيها مخالفة للفطرة الإنسانية - مع إيماني بأن الإنسان عدو ما جهل لأن المولى خلق البشر على تصنيفات مختلفة وخلق بعضنا لبعض سُخرياً، في الخدمة والتعامل انتظر معكم ما ينبثق عنه رحم هذه الشريحة وآمل ألا تكون لها تبعات صحية أو اجتماعية تدفع بالبشرية نحو الهاوية. إلغاء التميز وتشير ناريمان فيض الله إلى أن الفكرة عجيبة ولا يمكن تصديقها أو بالمعنى الأصح لا يمكن تقبلها فقد خلق الله الأعضاء بوظائفها التي لا يمكن لأي آلة مجاراتها؛ وخذوا مثالاً على القلب الذي لا يتوقف لحظة عن عمله أي آلة تلك أو شريحة بإمكانها أن تعمل مثله؟ كذلك الدماغ الذي يستوعب ملايين ملايين المعلومات. ولا شك أن أي قطعة غريبة داخل جسم الإنسان خاصة أنه لا حاجة له بها تعتبر دخيلة وسيرفضها الجسم عاجلاً أو آجلاً. ثم فلنفرض أن القطعة هذه خرجت من الجسم لأي سبب فهل يرجع الإنسان أمياً لا يعلم شيئاً مما تعلم؟ أما عن كوني ساجعل ابني أحد هؤلاء الذين يتمتعون بهذا النوع من الذكاء الاصطناعي طبعاً لا فهذا الاختراع أشبه بمن يقول سنركب ساقين صناعيتين للإنسان حتى يتمكن من المشي بسرعة وقطع مسافات كسرعة السيارات أما ساقاه الطبيعيتان ستظل مهملة دون عمل! هذا غير أن المعلومات المضافة إلى الرقاقة ماهي مصدرها؟ وأي معلومات تحتويها؟ وتخدم من؟ نحن لم نسلم من دسائس الألعاب الإلكترونية فكيف نأمن لهذه الرقائق؟ لقد خلق الله سبحانه كل إنسان بميزة تختلف عن الآخر وبهذا الاختراع لن يعرف مصطلح التميز عند الأجيال القادمة. نسخة مكررة وتقول ميسان خالد: بالنسبة لي نعم تبدو الفكرة مذهلة ومرعبة معاً؛ إذ كيف للإنسان الوصول لهذه المرحلة؛ والقيام بتسخير ما حوله لتسهيل العلم والمعرفة بهذا الشكل المدهش وفي الوقت نفسه، فالاعتماد الكلي على هذا النوع من المساعِدات قد يثبط الغرائز والقدرات البشرية الطبيعية، من حبٍ لاكتشاف وبحث وتأمل وتدبر وتفكر، والاكتفاء بالوصول السريع للمعلومة. وسيقل التميز بالمعلومات، مع عدم وجود شغف خاص بكل شخص لأنه ببساطة يمكنه إيجاد أي معلومة عن أي موضوع حالًا ودون أدنى جهد، أما عن سؤالنا هل سيكون ابنك أحد هؤلاء الذين يتمتعون بالذكاء الاصطناعي؟ فتجيب ميسان: لا أعتقد ذلك لأن الذكاء الاصطناعي يعني أنه سيكون نسخة من غيره، وكأنهم آلات قادرة على أداء الوظائف نفسها من مختلف المجالات، كما أن ذاكرة الطلبة على سبيل المثال ستكون متشابهة وإذا تقلص حجم المنافسة قلَّ التقدم والتطور والبحث وبقي الإنسان راكداً في مكانه. من يضمن؟ ويتفق خالد الشدوخي مع الآراء السابقة حيث يرى أن هذه الفكرة غير جيدة لأن قطعة تكنولوجية تزرع في جسم تحتاج إلى متابعة وتطوير دوري، وقد تعرض حياة من هي بداخله إلى الخطر، وقد تؤدي ذبذباتها إلى أعراض جانبية متفاوتة الخطورة. وعلى افتراض تطوير التكنولوجيا لا تؤثر سلباً في من تزرع فيه لا بد أن نأخذ بعين الاعتبار ما يميز الجنس البشري والمتمثل في تعدد القدرات والإمكانات، حيث إن مخاوف هذه التقنية تعطل الحس الإبداعي للبشر. لا أظن بأنني سأغامر بتجربة هذه التقنية على أحد أبنائي وإنما سأسعى إلى أن يكون التركيز منصباً على صقل مهاراتهم الإنسانية والإبداعية، ما يكتسبهم من خبراتهم حتى يكونوا أفراداً صالحين ومنتجين يعملون لمصلحة مجتمعهم ورقيه بإذن الله.. فكرة مخيفة ويختتم أحمد أبو غريب هذه المداخلات قائلاً: أرى أنها فكرة مخيفة إلى درجة ما ولكنها قادمة بلا شك كنتيجة حتمية لهذا التقدم التقني الذي يشهد تطوراً كل يوم، لكنني حقيقة سأكون متردداً كثيراً حين يتعلق الأمر بشأن أحد أطفالي، وهل سيكون أحد أولئك الذين سيتمتعون بميزة الذكاء الاصطناعي؛ وذلك خشية أن أكون سبباً في إلحاق الضرر به في حال موافقتي على زرع شريحة ذكية في دماغ ابني أو ابنتي، فالعملية تظل محفوفة بالمخاطر؛ فوجود جسم غريب في دماغ الإنسان ليس بالأمر السهل بكل تأكيد ولا شك أن هذه النقلة التقنية الكبيرة ستحدث فجوة طبقية كبيرة بين فئات المجتمع لتزيد الفروقات الموجودة أصلاً. ومن جهة أخرى سيكون الآخرون الذين اختاروا جانب الذكاء الاصطناعي أكثر شبهاً ببعضهم بعضاً من عدة نواحٍ سيكونون إصداراً واحداً لهذه التقنية الجديدة. أنا شخصياً قد أتقبل هذا الشيء لو استخدم مع مرضى الزهايمر فسيكون أكبر نجاح وعلاج لهذه الفئة الغالية علينا.
مشاركة :