أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور علي بن عبدالرحمن الحذيفي، المسلمين بمحاسبة النفس والاجتهاد في الطاعات والازدياد من الحسنات، والمحافظة على ما أعان الله عليه ووفق من العمل الصالح. وأكد أن الحذر من مبطلات الطاعات، هو من السعادة والفلاح في الحياة وبعد الممات؛ لقوله تعالى: {وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى}، قال ابن كثير رحمه الله في تفسير قول الله سبحانه وتعالى {ولتنظر نفس ما قدمت لغد}؛ فحاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا، وانظروا ماذا ادخرتم لأنفسكم من الأعمال الصالحة ليوم ميعادكم وعرضكم على ربكم. وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم: المحاسبة للنفس تكون فيما مضى وفي يومك وفي مستقبلك بالتوبة من جميع الذنوب وبالمحافظة على الصالحات من المبطلات، وبالازدياد من الخيرات، كما أن الشقاوة والخذلان والخسران في اتباع الهوى وارتكاب المحرمات وترك الطاعات أو اقتراف ما يبطل الحسنات. وأضاف: ها أنتم ترون سرعة انقضاء الأيام والليالي، وأن يومًا مضى لن يعود بما فيه، والعمر ما هو إلا ليالٍ وأيام ثم ينزل الأجل وينقطع العمل، ويعلم غرور الأمل وإنكم في أوائل شهركم المبارك قد فتح الله لكم فيه من الخيرات أبوابًا ويسّر لكم أسبابًا فادخلوا في أبواب الخيرات، واحذروا أبواب الموبقات والمهلكات؛ مستشهدًا بقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين}. ودعا المسلمين إلى تعظيم نعمة الإيمان ونعمة القرآن؛ فما أُعطِيَ أحد عطاءً أفضل من الإيمان والقرآن، وما صام مسلم رمضان إيمانًا واحتسابًا إلا نال من الإيمان ونال من بركات القرآن وأهل القرآن هم مَن عملوا به ولو لم يكن حافظًا. وأوضح "الحذيفي" أن أول نعمة على الأمة بالهداية والرحمة العامة والخاصة والحياة الكريمة هي نزول القرآن في رمضان؛ فنزول القرآن في شهر الصيام مبدأ الخيرات والبركات، وإصلاح الحياة، والفوز في الآخرة بأعلى الدرجات، ومبدأ النور وانكشاف الظلمات، ورفع الجهل والضلالات؛ فمن آمن بالقرآن الكريم من أول هذه الأمة أو آمن بالقرآن بعد ذلك إلى آخر الدنيا؛ فقد شكر نعمة القرآن العامة التامة وشكر نعمة الإيمان في خاصة نفسه، ومن لم يؤمن بالقرآن فقد كفر بالنعم كلها وباء بالخلود في النار قال الله تعالى: {ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده}. وأكد أن من رحمة الله بنا وحكمته وإحاطة علمه، أن فرض علينا صيام رمضان المبارك وسَنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قيامه وخصه بفضائل عن غيره؛ فاجتمعت فيه أعظم العبادات وأنواع البر، وضاعف الله فيه أجور الأعمال؛ ليقوم المسلم بشكر الله عز وجل على نعمة القرآن ونعمة الإيمان؛ فالنعم يجب بها شكر المنعم جل وعلا ليحفظها من الزوال وليزيدنا من النعم في الحال والمآل، والشكر لله على نعمه يكون بأنواع العبادات، وأعظمها التوحيد لله، ويكون بالإحسان إلى الخلق. ولفت إلى أن فريضة الصوم لكم فيها أعظم الأجور مع ما فيها من المنافع في هذه الحياة لمن تأمل ذلك بفكر منير؛ ولكن الصوم لا يؤتى ثماره ولا ينتفع به صاحبه إلا زكّاه بصالح الأعمال وحفظه من المبطلات وما ينقص ثوابه من الأوزار والآثام. وقال: إذا صمت أيها المسلم فليصم سمعك وبصرك ولسانك وجوارحك عن المحرمات؛ لتتزكى نفسك بالطاعات، قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم}، وفي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الصوم جُنة ما لم يخرقها)؛ أي ما لم يخرقها بذنوب كالغيبة والنميمة. وطالَبَ "الحذيفي" المسلم بمحاسبة نفسه في رمضان ليخف عليك الحساب في القيامة. وقال: اسأل نفسك هل أقمت الصلاة كما أُمِرْت؟ هل أديت الزكاة مع الصيام؟ هل تُبت إلى الله من الذنوب؟ هل تُبت من المكاسب المحرمة كالربا والبيوع المحرمة؟ هل وصلت الرحم؟ هل بررت بالوالدين؟ هل أُمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر؟ هل اجتهدت في التمسك بالهدي النبوي لتكون مع المهتدين؟
مشاركة :