كنا ومازلنا مؤمنين بدور السلطات (التشريعية والتنفيذية والقضائية) في تعزيز الدولة المدنية القائمة على العدالة والتعددية والديمقراطية والحرية، ومن ذلك المنطلق كانت مشاركتنا الفاعلة والإيجابية في الاستحقاقات النيابية المتتالية (2002-2006-2010-2014-2018)، ولم نتوقف يومًا عند مفهوم المقاطعة أو الهروب إلى الأمام أو الغياب والانزواء، فتلك الثقافة أبدًا لا نعرفها ونحن في المشروع الإصلاحي الذي دشنه جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة في العام 2001 من خلال ميثاق العمل الوطني. قد نقبل من البرلمان والسادة النواب عدم تحقيق الإنجازات، وقد نتفهم أسباب الإخفاقات سواء في مشروع الحكومة أو إقرار الميزانية أو التدقيق والتحقيق في تقرير الرقابة المالية، ولكن الذي لا نستوعبه هو التعاطي السياسي الغريب، وأبشع صوره الانبطاح لفعاليات وقوى لا تؤمن بالديمقراطية، ولا تؤمن بالبرلمان، ولا تؤمن بالتصويت في الانتخابات، وهذا ما جرى بالاسبوع الماضي حين شد السادة النواب الرحال لمجلس السيد عبدالله الغريفي في زيارة أبسط ما توصف بالسقوط في الوحل!! كان من الأولى على السادة النواب الذين هرولوا للسيد الغريفي أن يفتحوا مجالسهم للناس، وزيارة الأهالي بمناسبة شهر رمضان المبارك، والاطلاع على أحوالهم وحوائجهم، فأولئك الناس هم من أوصلوا السادة النواب إلى قبة البرلمان، فأصواتهم فقط هي التي أوصلت النواب للسلطة التشريعية وأجلستهم على الكراسي الوثيرة، أما السيد الغريفي فهو لا يؤمن أبدًا بالبرلمان، ولا يشارك في التصويت، ولا يدفع إلى مصلحة الناس إلا من زوايا ضيقة، فلماذا هذه الهرولة في الوقت الذي للناس منه موقف؟! لا نعترض على المكانة الدينية لأي شخص كان، فله كما للآخرين مكانتهم وتقديرهم واحترامهم، ولكن مواقفنا من السيد الغريفي واختلافنا معه حول مفهوم المواطنة، فمثل ما للمواطنة من حقوق فإن عليها واجبات، وهذا هو الاختلاف مع السيد الغريفي، فهو يريد أن يأخذ ولا يريد أن يعطي، فلم نسمع منه يومًا موقفًا وطنيًا من أولئك الذين يتدخلون في شؤون البحرين الداخلية، ولعل من الأهمية تذكير السادة النواب بالمدعو مقتدى الصدر حين أساء للبحرين وتدخل في شؤونها وتطاول على جلالة الملك، كل الناس داخل البحرين وخارجها رفضوا وشجبوا واستنكروا تلك الوثيقة التي صدرها مقتدى، بل خرجت بيانات الرد على مقتدى، ولكن كان موقف السيد الغريفي الصمت والسكوت، لم نسمع منه كلمة واحدة من منطلق المواطنة دفاعًا عن البحرين والشرعية فيها، وهو الذي يملك المنبر والقلم، وبإمكانه أن يرد تلك الشنشنات التي تصدر من المدعو مقتدى. وحتى لا ينسى السادة النواب كذلك أو يتناسون، فإن إيران ونظامها السياسي الإرهابي كثيرًا ما تدخلت في شؤون البحرين، سواء من خلال الخطب المنبرية أو الصحف اليومية أو برلمانها ومجالسها، بل وكان التهديد الصريح من خلال قنواتها الفضائية ومراكز التواصل الاجتماعي، ومع ذلك لم نسمع كلمة من السيد الغريفي يرفض ذلك التدخل الإيراني السافر الذي يهدد أمن واستقرار البحرين وشعبها، كان الصمت والسكوت سيد الموقف. المؤسف أن المجموعة التي شدت الرحال إلى مجلس الغريفي لم تستشر أحدًا، وكأنها بذلك التصرف قد حققت البطولة وهدف السبق، فهل طلبت من السيد الغريفي العودة إلى الدولة المدنية التي تؤمن بكل أطياف وتلاويين المجتمع؟ هل استوضحت منه أسباب عدم المشاركة في الانتخابات؟ هل دعته إلى تحديد موقفه من التدخلات الخارجية وخطابات المدعو مقتدى؟! وقبل هذا وذلك يا سادة يا نواب، لماذا الخروج عن الإجماع البرلماني حتى خرج عليكم بيان زملائكم النواب الرافضين لذلك التصرف المشين مع (من لا يحرك ساكنا في الدفاع عن أمن وأمان ومصلحة الوطن والمواطنين، والشواهد على ذلك كثيرة)؟ فهل هذا ما تنشدونه من توبيخ وتسقيط لدى المجتمع، ولدى ناخبيكم الذين أعطوكم ثقتهم آملين منكم أن تسيروا وفق الثوابت الوطنية؟! يا سادة، والله (فشلتونا) في زيارة شخص أبدًا لا يعترف بمجلسكم المنتخب، ولم يكن داعمًا له، بل ومن المؤمنين بمشروع ولاية الفقيه الذي جاء بالخراب والدمار للمنطقة العربية، لذا أسألكم بالله: هل وجدتم ضالتكم عنده؟! هل استجاب لمطالبكم؟ أفيقوا فأنتم ممثلو الشعب الذين أعطاكم صوته ووثق فيكم بأن تدافعوا عن المكتسبات التي تحققت! وأعلموا بأن ما شاهدتموه إنما هو سراب في أرض قاحلة، فأرجو أن لا ينطبق عليكم المثل القائل: (مع الخيل يا شقرة).
مشاركة :