شكل إيداع رئيسة حزب العمال اليساري لويزة حنون السجن المؤقت بعد مثولها أمام القضاء العسكري بالبليدة، في إطار تحقيقات جارية مع رموز من نظام الرئيس السابق، أول سقوط للشخصيات السياسية والحزبية، التي ينتظر تهاويها خلال الأيام المقبلة، في ظل مؤشرات، تضع العديد منهم في لائحة الوجوه المطلوبة للقضاء للتحقيق معها في عدة قضايا. ومثلت رئيسة حزب العمال لويزة حنون، نهار أمس، أمام قاضي التحقيق في المحكمة العسكرية بالبليدة ( الناحية العسكرية الأولى )، للاستماع إليها في قضايا متصلة بما بات يعرف بـ "مخطط التآمر على سلطة الجيش والدولة"، الموجهة لكل من سعيد بوتفليقة، عثمان طرطاق ومحمد مدين. وشغلت الشخصيات الثلاثة مناصب مهمة في هرم الدولة، إلى غاية الأشهر الأخيرة، فسعيد بوتفليقة، شقيق ومستشار الرئيس السابق، ظل إلى غاية تنحي شقيقه هو الحاكم الفعلي للبلاد، خاصة خلال السبع سنوات الأخيرة، لما كان رئيس البلاد عاجزا عن أداء مهامه الدستورية. وتمت استعادة عثمان طرطاق (بشير)، من التقاعد لشغل منصب المنسق العام لمصالح الاستعلامات منذ العام 2015، في حين بقي الجنرال محمد مدين (توفيق) في حالة التقاعد من منصبه كمدير سابق لجهاز الاستخبارات المنحل، وتحولت الخصومة بينه وبين سعيد بوتفليقة، إلى حلف بين الرجلين، لدرء المخاوف التي بات يشكلها قائد أركان الجيش الجنرال قايد صالح، على المجموعة برمتها. وأظهر التلفزيون الحكومي أمس الخميس، صورا لرئيسة حزب العمال، وهي بصدد الدخول إلى مبنى المحكمة العسكرية بالبليدة، وهي صور تشابهت كثيرا مع تلك التي التقطت للثلاثي الموقوف في بحر هذا الأسبوع، حيث أظهرت الصور أن الغاية منها تأكيد خبر المثول، أكثر من شيء آخر، لاسيما وأن المحكمة لم تتعود على بث صور للماثلين أمامها حتى في أكبر القضايا والملفات. وذكر بيان مقتضب لحزب العمال، بأن " أمينته العامة مثلت أمام المحكمة العسكرية بالبليدة كشاهد "، وأضاف " كانت لويزة حنون على اتصال بسعيد بوتفليقة، في إطار مشروع الانتقال السياسي الذي أراد شقيق الرئيس السابق تنفيذه". وسبق لمصادر إعلامية مقربة من قيادة أركان الجيش، قد أفادت بحضور قادة حزبيين وشخصيات مستقلة لما وصفته بـ"الاجتماع المشبوه" في ضاحية زرالدة بغرب العاصمة، وأشارت لكل من معاذ بوشارب عن جبهة التحرير الوطني، عمارة بن يونس عن الجبهة الشعبية الجزائرية، وعمار غول عن تجمع أمل الجزائر، فضلا عن ممثل لحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية. إلا أن اللافت في الاتهامات التي وجهها القضاء العسكري للشخصيات الثلاثة المذكورة، تتعلق بـ"التآمر على سيادة وسلامة الجيش والدولة"، ولم تتضمن أية إشارة للتخابر أو الخيانة، التي أوردتها في وقت سابق المنصات الإعلامية المقربة من المؤسسة العسكرية. وتعتبر لويزة حنون، من بين الشخصيات السياسية المحافظة على قنوات الاتصال السرية مع قيادة جهاز الاستخبارات السابق، وحتى مع قيادة هيئة الأركان، حيث سبق لها أن تحدثت عن لقاءات جمعتها بين 2015 و2017 مع الجنرال قايد صالح، وهناك من يذهب إلى وصف حزب العمال نفسه بـ"الصناعة الاستخباراتية"، وبأن المرأة هي إحدى أذرع الجنرال توفيق في الطبقة الحزبية. ومع ذلك تبقى اتصالاتها مع سعيد بوتفليقة، خلال المخاض السياسي الذي تمر به البلاد منذ ترشيح بوتفليقة للولاية الخامسة، مفاجئة للرأي العام، ومرشحة لكشف أسرار خفية حول لويزة حنون وحزب العمال بين الحقائق غير المعلنة وبين الخطاب الشعبوي الموجه للاستهلاك. وذكر مصدر مطلع لـ"العرب"، بأن لائحة تتشكل من نحو عشرين مسؤولا من رتبة وزير فما فوق هي بصدد الإعداد النهائي لفتح الإجراءات القضائية معها، لتضاف إلى لائحة رئيس الوزراء الأسبق أحمد أويحيى، ووزير المالية الحالي محمد لوكال. وفي هذا الشأن كان المحامي والناشط السياسي عبد الغاني بادي، قد باشر عملية تحريك بلاغ أمام النيابة العامة ضد رؤساء ما كان يعرف خلال نظام بوتفليقة بـ"أحزاب التحالف الرئاسي"، التي دعمت ترشح الرئيس المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة لعهدة خامسة. ووجه المشتكي لمنسق جبهة التحرير الوطني معاذ بوشارب، ورؤساء كل التجمع الوطني الديمقراطي أحمد أويحيى، والجبهة الشعبية الجزائرية عمارة بن يونس، وتجمع أمل الجزائر ( تاج ) عمار غول، تهم المساس باستقرار البلاد وتعطيل مؤسسات الدولة. وصرح عبد الغني بادي للصحافيين، بأنه بحوزته "ملف كامل حول تجاوزات تمت قبل وأثناء وبعد ترشح الرئيس المستقيل لعهدة خامسة، وهي التجاوزات التي كانت سببا في زعزعة استقرار الوطن والدافع المباشر إلى ما نحن عليه اليوم، بما فيها قضية ترشيح رئيس معاق من قبل رؤساء أحزاب التحالف الرئاسي، وملف أكثر من خمسة ملايين توقيع التي صرّح بها مدير حملة بوتفليقة عبد الغاني زعلان، والتي شهدت تواطأ وزير الداخلية السابق ورئيس الحكومة الحالي نور الدين بدوي، وعدد من رؤساء البلديات". كما كان الناشط في الحراك الشعبي الياس فيلالي، قد أودع شكوى ضد سعيد بوتفليقة، لدى قضاء العاصمة خلال الأسابيع الماضية، وجه فيها تهم اختطاف السلطة وانتحال شخصية رئيس البلاد وممارسة الفساد، وفيما تم قبول الدعوى في الشكل فانه يجهل مصيرها لحد الآن.
مشاركة :