كتب المفكر الإسلامى المعاصر كتابا يحمل عنوان «عشرة أيام فى حياة الرسول»، يقول فى مقدمته، «إن رسول الله من يوم مولده حتى وفاته وحياته الطاهرة تتشكل فى أحسن تقويم وتتألق بخصال فطرها على الكمال خلاقها الأعلى لتكون للأحياء قدوة وللحياة نورا، فكان قوة إلهية جاءت لترد الروح الإنسانية إلى مداره الأول حول الله الحق الذى خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور».وذكر خالد خلال هذا الكتاب أنه لم يقصد فى كلمة أيام الوحدة الزمنية فى أربع وعشرين ساعة، وإن طابق ذلك الأيام التى اختارها، بل يعنى الظرف التاريخى للواقعة سواء تمثل هذا الظرف فى يوم واحد أو بضعة أيام. ومن هذه الأيام التى ذكرها خالد محمد خالد فى كتابه يوم «التحكيم» فهذا اليوم كان قبل مجيء الإسلام بخمس سنوات، ولم يأت للرسول الوحي، فكانت قريش قد أجمعت أمرها لبناء الكعبة واختلفت القبائل على من سينال شرف رفع الحجر ووضعه فى متكئه ومكانه، وحكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يبحث عن الحل، فقد كان إلهامه وبداهته مهيأين دائما للعمل القويم الناجز حين تعمى السبل على الآخرين، وأمر الرسول بوضع الحجر وسط ثوب وتأخذ كل قبيلة بطرف هذا الثوب لينال الجميع شرف وضع الحجر بالكعبة. فسّر خالد محمد خالد هذه الواقعة قائلا: إن الرجل الذى أخرج قريشا من حيرتها يوم التحكيم، سيقدر له فى غد أن يُخرج العالم كله من حيرته وضلاله مُرسلا إليه من رب العالمين. ويوضح أن أسلوب الرسول يوم التحكيم كان توفيقيا، يمثل الأمر الوسط ويتوخى الاعتدال والقصد، وكأنما القرآن الكريم يعبر عن هذا المنهج التوفيقى حين يقول {وكذلك جعلناكم أمة وسطا}.
مشاركة :