وصلت معظم الأسواق العالمية إلى ذروة تداولاتها منذ أسابيع أمام الدولار في الساعة 23:00 بتوقيت المملكة بعد ثلاث ساعات من التداول عقب الغموض الذي اكتنز تصريحات المجلس الفيدرالي الأمريكي بشأن إمكانية رفع سعر الفائدة على الدولار، ولم يمنع غياب كلمة (التريث) في بيانات خبر الفائدة الأميركي المستثمرين من دفع الأسعار إلى مستويات أفقدت الدولار مئات النقاط أمام العديد من العملات قبل أن يبتلع الدولار معظم خسائره يوم أمس، ويعود السوق نسبيا إلى ما كان عليه قبل يومين. ذلك الوضع هبط بالدولار إلى أقل مستوى في 6 سنوات بعد تصريحات مجلس الاحتياطي مما عزز موقف أسعار النفط والمعادن المقومة بالعملة الأمريكية. وكسب زوج العملة (اليورو دولار) أكثر من 400 نقطة ليصل إلى مستويات 1.1 دولار، وهو المستوى المتوقع الذي أوردته صحيفة (عكاظ) في عددها الصادر يوم الاثنين الماضي الموافق 25 جمادى الأولى في حال لم يتم الإفصاح عن توقيت محدد لرفع سعر الفائدة على الدولار، وهو ما حدث في الساعات الأخيرة ليوم الثلاثاء. ويترقب المستثمرون ردود فعل الأسواق إلى شهر أبريل المقبل، حيث سيعقد المجلس اجتماعه المقبل الذي ستتضح من خلاله نوعية اللغة التي سيتعامل بها البيان، واستشراف مستقبل الدولار خلال الربعين الثالث والرابع من العام الميلادي الجاري، والربع الأول من العام المقبل. وحول ما حدث أوضح الخبير الاقتصادي المستشار محمد الشميمري أن البيان الخاص بالمجلس الفيدرالي الأميركي اتسم بالغموض المتعمد، مشيرا إلى استبعاده كلمة (التريث) التي ظلت مرابطة لبياناته خلال الفترة الماضية بشأن رفع معدل الفائدة، مشيرا إلى أنه جرى إحلال عبارة جديدة تشير إلى أن التغيير يعتمد على البيانات الاقتصادية التدريجية وأن القرار خاضع لرؤية المجلس الفيدرالي. وأضاف قائلا: معنى ذلك أن التغيير في معدل الفائدة لن يكون مربوطا في وقت معين بقدر ما سيكون مرتبطا ببيانات وقرارات من المجلس الفيدرالي، ونستطيع أن نقرأ ذلك في تصريحات رئيسة الاحتياطي الفيدرالي (جانيت يلين). وبين أن لغة الخطاب تجعل من الصعب تحديد موعد معين لرفع سعر الفائدة، الأمر الذي أدى إلى تباين آراء المحللين وبيوت الخبرة في الإجماع على توقيت واحد. وزاد بقوله: البعض رأى أن التصريحات تحمل دلالة على تأخير رفع سعر الفائدة لأنها صاحبت التقرير الاقتصادي الذي حصر وجود تحسنات كبيرة في بعض القطاعات كالعمل والتوظيف؛ في المقابل يرى البعض الآخر أن الفيدرالي بما أنه استغنى عن كلمة (التريث) في عباراته فإنه قد يحدث تغييرا في سعر الفائدة خلال شهر سبتمبر المقبل. ومضى يقول: يتضح لنا أن هناك تعمدا في إخفاء التفاصيل بهدف منع التوقعات، وإبقاء تداولات المستثمرين في إطار التضارب بينهم إلى أن يتم الإعلان عن الرفع بشكل رسمي، وقد بات غموض المجلس الفيدرالي أكثر وضوحا بعد أن تولت (جانيت يلين) منصبها فيه. صعود وهبوط وتطرق المحلل المالي الشميمري في حديثه إلى وصول زوج العملة (اليورو دولار) إلى مستويات 1.10 دولار قبل أن يهبط أمس باتجاه مستويات 1.06 دولار فاقدا معظم المكاسب التي حققها مساء أمس الأول بعد خبر الفيدرالي الأميركي، مشيرا إلى أن ذلك الوضع مر به زوج العملة (الباوند دولار) وغيره من العملات، مضيفا: بالنسبة للذهب فقد سجل 1177 دولارا للأونصة لكنه تراجع إلى مستويات 1164 دولارا، أما النفط فوصل إلى مستويات سعرية تساعده على التماسك عندها، ما لم تؤثر عليه عوامل أخرى متصلة بقطاعه. وأشار إلى أن (الدولار اندكس) تراجع أمس الأول قبل أن يرتد مرتفعا عن مستوى 99.13 ليحقق ارتفاعا قدره 1.8 في المئة، مضيفا: ما حدث في الأسواق عبارة عن رد فعل على الخبر الذي تم إعلانه فقط. وشدد على عدم الجزم بأن التغيرات السعرية التي طرأت على الدولار في إطار التصحيح المؤدي إلى اتجاه معاكس ما لم يكن ذلك مصحوبا لتقييم العديد من الإغلاقات اليومية التي تكشف عن سيكولوجية المستثمرين، وأداء السوق العالمية بشكل عام في حين استفادت الأسهم الأوروبية نوعا ما من هذه الأحداث مسجلة ارتفاعا واضحا. مفاجأة الأسواق بالقرار وعن بعض التفاصيل في حديث (جانيت يلين) قال كبير المحللين الماليين في إحدى شركات البورصة المعروفة رائد الخضر: لقد تم إلغاء عبارة (الصبر) واستبدالها بعبارة «ما زال الوقت غير مناسب حاليا لرفع أسعار الفائدة، مفضلين انتظار ظهور المزيد من المؤشرات التي تؤكد على تحسن نتائج التضخم». وأضاف: «هذه اللغة عكست صورة غير واضحة، خاصة أنها ركزت على التضخم ووتيرة ارتفاع الأجور، لذلك سيسهم هذا التصريح في إحداث نوع من دمج الأسواق ببعضها حتى موعد اجتماع المجلس الفيدرالي المقبل، لذلك أعتقد أن هناك نية مبطنة تهدف إلى مفاجأة الأسواق خلال الاجتماع المقبل، ولو حدث ذلك فسيكون التأثير على الأسواق كبيرا جدا، خاصة إذا كان التغيير لسعر الفائدة في فترة منتصف العام الميلادي الجاري. وأكد على أن اتجاه زوج العملة (اليورو دولار) سيبقى في إطار الاتجاه الهابط، وأن موجة التذبذبات والارتفاعات التي ستشهدها العملة قد ينتهي زخمها مع نهاية الأسبوع المقبل، مضيفا: مؤشرات الأسعار ستشهد فترة تصحيح في الأسواق لتعود إلى التراجع من جديد مع ظهور المزيد من النتائج الإيجابية للبيانات الأميركية، الأمر الذي يؤكد لنا بأن (اليورو) سيبقى تحت الضغط، خاصة إذا وصلت العديد من العملات المرتبطة بالدولار إلى حد التشبع الشرائي قبل أن يبدأ في الهبوط تباعا. واستبعد الخضر أن ينخفض الذهب إلى ما دون مستويات 1145 دولارا للأونصة بناء على المعطيات الاقتصادية الحالية والتحليلات الأساسية والفنية؛ مضيفا: الأسواق من خلال واقعها الذي تعيشه الآن ستعود إلى ما كانت عليه قبل اجتماع مساء أمس الأول مع حلول الاجتماع المقبل، وبالتالي فإن هذه التصورات المقصود بها قبل حدوث التغيير في سعر الفائدة على الدولار الأميركي. وفي ما يتعلق بالنفط (برنت) أشار إلى أنه في طريقه إلى الاستقرار عند مستويات 60 دولارا باعتبارها مناطق دعم بعد ان صعد السعر في إثر ردة فعل أولية على تأثيرات اجتماع المجلس الفيدرالي الأخير، وقال: البيانات الاقتصادية الإيجابية التي ستظهر في الصين ستدعم سعر برنت في الصعود إلى هذه المستويات إلا أن السعر قد يصاب بنوع من التذبذبات خلال الأسبوع المقبل. وأضاف: زاد برنت نحو دولارين مساء أمس الأول إلا أن السعر تراجع بعد تصريحات أكدت بقاء إنتاج أوبك في مستوياته.
مشاركة :