ساهمت التقنيات الحديثة في إحداث تغييرات جذرية ونوعية في مختلف جوانب الحياة تقريبا، خاصة في الدول التي آمنت بأهمية وأولوية الاستثمار في إجراء الأبحاث الهادفة إلى ابتكار تقنيات حديثة وتطوير تقنيات قائمة، وبعض هذه الدول أصبحت أنموذجا عالميا في إيجاد الحلول وتطبيق التقنيات للتعامل مع أبرز التحديات الآنية والمستقبلية التي تواجه الفرد والمجتمع على حد سواء. تساعد التطبيقات والتقنيات في تحسين جودة الحياة، من خلال تمكين نماذج جديدة من الحكومة الالكترونية، وأساليب حديثة من الحوكمة، لاتخاذ القرارات الصائبة المستندة إلى تحليلات سليمة، لتقديم أفضل الخدمات الحكومية بكل شفافية ومسؤولية، وإيجاد الاقتصاد الذكي بتعزيز ريادة الأعمال والإنتاجية والاستدامة، وبناء المجتمع الذكي المكون من أفراد أكثر ثقافة ووعيا. في المملكة العربية السعودية نعيش مرحلة حيوية مزدهرة في ظل قيادة رشيدة طموحها عنان السماء، ملتزمة بتحسين جودة الحياة والمعيشة، وتحقيق الرفاهية للمواطنين والمقيمين، للارتقاء بالمملكة للمكانة التي تليق بها، من خلال تعزيز التنمية المستدامة، وتمكين رؤية 2030. ولعل الفرصة مواتية لإيجاد تحسينات أكثر على مستوى الخدمات وأداء الوزارات، من خلال بيئة محفزة بالتنافسية، تسهم في تطوير تطبيقات وابتكار تقنيات وتنفيذ مبادرات ناجحة وقابلة للتطوير ومستدامة لتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، ومعالجة المشاكل العامة على نحو مبتكر، بحلول قابلة للتوسع والتكرار. فإن وصلنا إلى مرحلة يعز فيها الابتكار لتحسين الخدمات وأداء الوزارات، فلا حرج من التقليد والمحاكاة لتجارب حكومية مميزة على مستوى العالم، بدلا من التقدم البطيء، والسير في دائرة مغلقة. فعلى سبيل المثال استثمرت وزارة المالية الفنلندية تنامي التفاعل مع العالم الرقمي، وزيادة استخدام الانترنت، وتزايد البيانات الضخمة، لتطوير التوأم الرقمي لتمكين مواطنيها من استعادة السيطرة على حياتهم الرقمية، وتقديم النصح والتنبؤ بمستقبل وظائفهم الحالية، وتوفير خيارات لمواكبة التغيرات القادمة، وإدارة البيانات الخاصة لتطوير الحياة. وفي مثال آخر ارتفع مستوى وعي الأفراد بالمخاطر المرتبطة بضعف مستويات النشاط البدني، للحد من ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية، فتم ابتكار فكرة لتحفيز المجتمع من خلال الانضمام إلى مبادرة تطبيق ذكي يتم من خلاله منح المستخدمين نقاط ولاء عن كل خطوة يخطونها، بهدف تحفيزهم وتثقيفهم بأهمية اتباع نمط حياة صحي، ويمكنهم استبدال تلك النقاط في مجموعة من المرافق العامة والترفيهية، وغيرها. وتمكنت سنغافورة من خفض حوادث سائقي الحافلات باستخدام الذكاء الاصطناعي، من خلال مراقبة البيانات الخاصة بسلوكيات السائقين، وتوظيف المعلومات الخاصة بأدائهم على الطرق في تطوير خوارزمية للتنبؤ بالحوادث، تم بناء عليها إعادة تدريب وتأهيل السائق بحسب الحالة الخاصة به. وخاضت مدينة تيلبورغ الهولندية تجربة مختلفة لتعزيز أمن مستخدمي الطريق ومواكبة احتياجات المواطنين المختلفة، فتبنت الفكر المتمركز حول المواطن لتحسين أمن الطرق في المناطق المزدحمة باستخدام تقنيات الهواتف الذكية، فصممت تطبيقا يستفيد من النظام العالمي لتحديد المواقع، للتحكم بإشارات مرور ذكية تعتمد على أجهزة استشعار لمنح كبار السن وأصحاب الهمم وقتا إضافيا لعبور الطريق. والتجارب المميزة في هذا الإطار يمكن الاستفادة منها في توفير خدمات تنافس أفضل الخدمات العالمية، وتطوير أداء الوزارات لتوفير تجربة مرضية للمتعاملين معها تقترب من الرفاهية، فالوزارة الناجحة تبادر بالذهاب للمستفيدين من خدماتها، من خلال الاستثمار في إجراء تحسينات جادة على خدماتها لزيادة مستوى رضا المستفيدين.
مشاركة :