هل مصر مضطرة إلى تقديم تنازلات لتمرير «صفقة القرن»؟

  • 5/13/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة – أحمد سيد حسن  – في الوقت الذي تستعد فيه لافتتاح مدينة رفح الجديدة بعد أيام قليلة، ربما في ذكرى حرب 6 أكتوبر 1973، يتم الترويج على نطاق واسع إعلاميا لتنازلات كبيرة ستقدمها مصر من أجل إنجاح الخطة الأميركية للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، التي أصبحت معروفة بـ«صفقة القرن». وعلى الرغم من أن مصر ليست مضطرة إلى تقديم تلك التنازلات، التي ترتكز على تقديم مساحة كبيرة من أراضيها في شمال سيناء، لتمدد الدولة الفلسطينية المزمع إعلانها، فإن هناك إصراراً على الاستمرار في الترويج لتلك التنازلات، التي ستتعثر الصفقة من دونها، حيث يتم الترويج بأن الدولة الجديدة تحتاج إلى تمدد في حدود قطاع غزة، الذي يختنق بنحو مليوني فلسطيني، إضافة إلى آلاف آخرين من لاجئي الخارج، يتوقع عودتهم إلى القطاع في شكل خاص. كما يشمل الترويج أن الأمر يحتاج إلى بناء مطار كبير في غزة، غير الذي جرى تدميره بمعرفة القوات الإسرائيلية -قبل افتتاحه- وفقا لاتفاق أوسلو 1993، وكذلك للميناء الكبير، الذي تقلّص إلى مرفأ صغير لمراكب الصيد التي لا تستطيع الإبحار أكثر من عشرة كيلومترات في البحر المتوسط. اقتطاع الأراضي الواقع أن الحديث عن اقتطاع أراضي مصرية لمصلحة فلسطين ليس وليد اليوم، فقد سبق أن طالب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الرئيس المصري السابق حسني مبارك بتقديم قطعة أرض للفلسطينيين في سيناء، يعيشون عليها، وأغلق مبارك هذا الحديث غاضبا، طالبا عدم التطرق إليه مرة أخرى، وفقا لحديث له أيام كان في الحكم. وروى الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن الرئيس السابق محمد مرسي حاول إغراءه بقطعة أرض كبيرة يتم تأجيرها أو نقلها للسيادة الفلسطينية، في إطار محاولة مرسي مساعدة حركة حماس لإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة في غزة، ترتبط مع الدولة الفلسطينية في الضفة، كوسيلة لإنهاء الانقسام الفلسطيني، وهي رواية لم يتم توثيقها والتأكد من صحتها. إن أي نظام حكم في مصر لم يقدم أبدا على التنازل عن أي قطعة ارض مصرية لأي طرف خارجي، وتتضاعف المسؤولية الوطنية إذا كانت القضية تتعلق بأي شبر من أرض سيناء، التي شهدت غالبية الحروب الأهم في العصر الحديث مع إسرائيل ، ولم يقبل الرئيس السابق أنور السادات -على الرغم من زيارته لإسرائيل وإبرام معاهدة السلام معها- التنازل عن شبر واحد من أرض سيناء، واستمر نظام مبارك في حرب قانونية طولية، انتهت باستعادة شريط طابا الساحلي على الحدود المصرية – الإسرائيلية. وبالتالي لا يتوقع أبدا أن يقدم النظام الحالي على اتخاذ خطوة مخالفة تماما للمبادئ الوطنية المصرية، ولا يوجد أي شيء يضطره إلى ذلك، خصوصا أن هناك حرباً حقيقة لا تزال مستمرة في شمال سيناء، لتطهيرها من المنظمات الإرهابية. كما تستمر حرب أخرى لتعميرها وإقامة أكبر بنية تحتية، بهدف جذب الاستثمار الصناعي وتغيير البيئة الديموغرافية عبر نقل أكثر من مليون مصري إلى المدن والمزارع والمصانع الجديدة. غرينبلات ينفي الموقف المصري الحاسم جعل المندوب الأميركي للسلام في الشرق الأوسط جيسون غرينبلات ينفي إدراج سيناء في صفقة القرن، لكن القضية لها بعد سياسي داخلي، فالخلايا الإلكترونية الإخوانية والأذرع الإعلامية المعادية للنظام لم تتوقف عن توظيف غموض صفقة القرن في اتهام النظام بالتنازل عن أجزاء من سيناء، التي تواجه مخاطر التنظيمات المسلحة المرتبطة بجماعات في غزة ومثّلت تهديدا لمصر في 2008 أيام الحصار الإسرائيلي للقطاع، باندفاع آلاف الفلسطينيين عبر الحدود إلى سيناء، وإبان ثورة 25 يناير 2011 عندما دخلت مجموعات مسلحة من القطاع إلى مصر. تفاعل القاهرة مع صفقة القرن قائم على تلك التجارب وعلى تاريخ الحروب في سيناء، التي تريد مصر تطويرها وتنميتها لكي تحمي بقية الوطن ولا تكون سببا لتهديده، حتى لو كان تحت دعوى المساعدة على إقامة دولة فلسطينية، بحيث لا تدفع مصر الثمن بدلا من إسرائيل كقوة احتلال توظف صفقة ترامب الغامضة في إرباك المشهد الداخلي لمصر، وهو ما تتجاهله مصر، في حين تواصل الحرب ضد الإرهاب في سيناء وافتتاح المزيد من المشروعات التنموية.

مشاركة :