فيما فشلت كل المفاوضات والمحاولات والسياسات العربية والأجنبية لوقف العنف في المنطقة، وبينما بات اتحاد الدول العربية من المشاريع البعيدة المنال، يسعى المغني اللبناني عاصي الحلاني إلى التصدي للكراهية والتشرذم بدعوة إلى الاتحاد من خلال «أوبريت» بعنوان «رياح البغض». فهل ينجح؟ وهل سيسمعه مسلحو «داعش» وكل من يحمل السلاح باسم الدفاع عن الوطن وعن الإسلام من سورية إلى اليمن؟ هل سيسمعه القادة وأفراد الميليشيات المسلحة؟ على الأرجح لا، لأن الموسيقى غير موجودة أصلاً في قاموس مقاتلي اليوم الذين يذبحون ويغتصبون ويحرقون ويدمرون المنازل ويقصفون المدنيين بالبراميل. على الأرجح أن من سيُصغي لأغاني عاصي الحلاني وكل من ينشد السلام والمحبة، هم المدنيون العزل الذين يموتون رعباً كل يوم، آملين أن تصل نوتة واحدة من كل هذه النوتات إلى أصحاب القرار لوقف العنف والإرهاب. ولكن، يبقى الأمل هو الذي يحرّك كل فنان وكل إنسان يريد خيراً في هذا الشرق الملتهب. يستعين الحلاني في عمل غنائي جديد بعنوان «رياح البغض» بمغنين من عدد من الدول العربية، في باقة يسعى من خلالها إلى إيصال رسالة عربية لمواجهة العنف. ويلتقط الحلاني رياح الشرق العاصفة بالحروب ويطوّعها فنياً، بحثاً عن محبة ضاعت أمام كتلة شرّ عاتية. وقال الحلاني في مقابلة مع وكالة «رويترز»: «اسم العمل يترجم مضمونه، لأن عبارة «رياح البغض» توحي بوجود بغض وكراهية. وعندما يوجد البُغض نقول يا رب أعطنا المحبة، أعطنا السلام، أعطنا الطمأنينة. وهذا ما لم نعد نراه ونلمسه اليوم، فُقدت المحبة على الأرض، فُقد السلام على الأرض». يقول مطلع الأغنية التي تعرض الآن على شاشات التلفزيون في لبنان: «هبت رياح البغض وتفرقوا يللي كانوا... أولاد ذات الأرض والحرف ولسانه... صرنا حطب للنار والنار ما بترحم... ظلم كل يللي صار ويللي ابتدا أظلم... حلّك بقى يا ليل تمحي العتم والويل ما ضل عنا حيل... ايدينا عم تقتلنا». ويشرح الحلاني عبارة «ايدينا عم تقتلنا» في الأغنية قائلاً: «هي تعني أننا وصلنا إلى مرحلة من المفروض أن يكون فيها عدونا واحداً. من المفروض أن نكون كلنا متشابكي الأيدي كعرب لنحرّر أرضنا ونجرّب أن ننشئ اتحاداً عربياً». وتعبر لقطات الأغنية المصورة التي أخرجها عادل سرحان عن حالات عنف، من دون صور دماء. كما يجسد سرحان الإنسانية في صورة أطفال، والشر في هيئة رجل ملثّم مجهول الهوية يدخل مدرسة ويقتحم الصفوف فيضطر التلامذة للفرار. ولكن الأطفال ينتصرون في النهاية ويرفعون علماً أبيض كتبت عليه كلمة «عروبة». وقال الحلاني: «القتل منتشر في كل منطقة عربية. هناك ذبح وجرائم وتهجير من العراق إلى مصر إلى سورية إلى لبنان إلى ليبيا إلى تونس إلى فلسطين. لم نعد ننعم بالأمان، والقاتل للأسف يجاهر بعروبته ويقول أنا مسلم مع أنه لا يمتّ إلى الإسلام بصلة، لأن الإسلام هو دين رحمة ودين تسامح». كتب كلمات أوبريت «رياح البغض» الشاعر اللبناني نزار فرنسيس ولحنها عاصي الحلاني وقدمت باللغات العربية والفرنسية والإنكليزية. وشارك في الأوبريت مع الحلاني وابنته ماريتا، نجوم برنامج المواهب «ذي فويس» مراد بوريقي من المغرب، وهالة القصير من سورية، ومروة ناجي من مصر، وعدنان بريسم من العراق، ولميا جمال من تونس، وغازي الأمير وربيع جابر من لبنان. والأوبريت إنتاج مشترك بين عاصي الحلاني وشركة «يونيفرسال» وجمعية «أجيالنا». وفي آخر الأوبريت مع ظهور أسماء فريق العمل على الشاشة، يبدأ عزف على العود للحن نشيد «موطني» الذي كتب كلماته الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان ووضع موسيقاه السوريان اللبنانيان الأخوان فليفل.
مشاركة :