اشتهر الفنان عبدالمنعم إبراهيم بشخصية «ياسين» الابن الأكبر للسيد أحمد عبدالجواد، فى فيلم «بين القصرين» إنتاج عام 1964، ضمن أحداث ثلاثية الأديب العالمى نجيب محفوظ، بخفة ظله وبراعة أدواره التى تميزه بالكوميديان الراقي.كان والده «عبدالجواد» العطار الذى يتعامل مع أفراد أسرته بصرامة شديدة والقسوة مع أبنائه محذرًا إياهم بعدم النظر إلى بنات الجيران، وكذلك بناته بعدم النظر من شبابيك المنزل والخروج للشارع، لكنه يعيش ليلا فى اللهو والانحلال، وهذا ما ينتهجه «ياسين» عن والده فى ملاحقة النساء، ذلك الولد البكر من زوجة والده الأولى، الذى يعمل ككاتب فى المدرسة ولم تكن له أى ميول سياسية، يتمتع بشخصيته المرحة، وكان يبحث عن راحته فى أى مكان آخر فى الشارع أو فى القهوة، وكان مركز اهتمامه النساء والمرح معهن. رغم جديته فى حياته الأسرية، إلا أن حياته الفنية تختلف تمامًا عن المنزل، فى مقتبل عمره تقدم للالتحاق بمعهد الفنون المسرحية وهو فى سن ١٧ عاما، من بين ١٥٠٠ طالب وطالبة، قدم أمام لجنة المعهد التى تتكون من الفنان زكى طليمات، جورج أبيض، يوسف وهبي، نجيب الريحاني، محمد حسن، شخصية «عبدالستار أفندي»، وطلب منه الفنان زكى طليمات دورًا آخر جادًا بعيدًا عن الكوميديا، وقدم شخصية رجل مسن وأخذ يلقى أبيات من الشعر من قصة «قيس وليلي» واندهش طليمات من براعة أدائه، وكان من بين العشرين طالبًا الذين وقع عليهم الاختيار بعد اجتياز الامتحان. كانت مسرحية «الجامعة العربية» أول ظهور له فى المسرح عام ١٩٤٧، وهو طالب بالفرقة الثانية من معهد الفنون المسرحية، تم عرضها فى طنطا، وقدم خلالها شخصية دولة لبنان مرتديا الزى اللبنانى قائلا: «إيه لبنان يا عروس الجبال وجمال الهضاب ذات المجاري»، إلا وفجأة تحول جمهور المسرح إلى حالة من الضحك الهيستيري، إلى جانب ١٢ بيت شعر، ومن هنا انطلقت شرارة الكوميديا له. كرس حياته كلها للفن، حيث قدم فى بداية مشواره الفنى مسرحية بعنوان «مسمار جحا» للمؤلف على أحمد باكثير، إخراج زكى طليمات، قدم خلالها شخصية ابن جحا، ذلك الولد المتوهج ولكن يتميز بالنقد اللاذع على المجتمع، إلى جانب مسرحية «البخيل»، «متلوف» لموليير، «حلاق بغداد»، «على جناح التبريزي»، «عسكر وحرامية» لألفريد فرج، وتظل مسرحية «البخيل» ذات طابع خاص عنده، يحظى بتقديمها من حين لآخر. ليس هناك أساتذة لتعليم الكوميديا، لكنها عملية اجتهادية تعتمد على الموهبة الخاصة لكل فنان منذ الصغر، ومن بين فنانى الكوميديا عبدالمنعم مدبولي، فؤاد المهندس، محمد عوض، وغيرهم، فكل منهم له لونه الكوميدى الخاص به، ضعف الأجر الحكومى لفنان المسرح، سبب اضطراره للأعمال الضعيفة فى السينما والتليفزيون، ولكن هناك أدوار أخرى متميزة ولكن لم تحظ بالتقدير. من أدهش المواقف الكوميدية التى لاحقته، وهو فى مقتبل العمر، قابله أحد الأشخاص لبيع دبلة ذهب له بمبلغ ثلاث جنيهات مصرية، وهى فى الأصل يقدر ثمنها بعشرة جنيهات مصرية، فذهب إلى منزله وطلب من والدته مبلغ ثلاث جنيهات لشراء دبلة ذهب، ولطيبة قلبها أعطته هذا المبلغ، وعلى الفور تم اقتناء الدبلة، إلا وبعد فترة اكتشف أنها دبلة «نحاس». ذكره المؤلف محمود السعدنى فى كتابة «المضحكون» ١٩٧١، بشخصية «الخواجة»، إلى جانب مجموعة متميزة من فنانى الكوميديا الذى يصفها بشخصيتها الخاصة، قدم مجموعة من الأعمال المسرحية من بينها «الفرافير» للدكتور يوسف إدريس، وإخراج كرم مطاوع، حققت نجاحا جماهيريا كبيرا، وهذا تأكيد على أن الضحك الهادف فن من أرقى الفنون.
مشاركة :