أدم دوبيه* نحن لا نعرف حتى الآن ما يكفي عن نظام عمل تلك الروبوتات بأكمله حيث يجمع المحتالون أرقام الهواتف. لكن من هم المحتالون؟، ومن أين تأتي المكالمات؟، وكيف يكسب المحتالون المال؟، ومن الذي يقع ضحية هذه الحيل؟.على الرغم من كل التطورات الحديثة التي حققتها شركات الاتصالات للكشف عن المكالمات الروبوتية المزعجة وحظرها و تحديد هوية المتصلين، لا يزال العالم بعيداً عدة سنوات عن مستقبل خالٍ من تلك المكالمات.فبدون التقنية التي يمكنها التحقق من هوية المتصل، يمكن لمن يجرون تلك الاتصالات العشوائية تغيير معرف المتصل الخاص بهم إلى أي رقم دون أن يتم ضبطهم. وغالباً ما يستخدم المخادعون شيئاً ما يسمى «خداع الأقارب»، حيث يجعلون الأمر يبدو كما لو كانوا يتصلون من رقم هاتف له نفس الأرقام الخمسة أو الستة الأولى من رقم هاتفك. وبفضل خاصية الاتصال التلقائي السهلة الاستخدام جداً، يمكن للمخادعين الاتصال تلقائياً بقائمة تضم مئات الأرقام، وتقديم أي محتوى صوتي بضغطة زر واحدة. وقد يتطور ذلك مستقبلاً إلى تسخير تقنيات الذكاء الاصطناعي الحديثة؛ لجعل المكالمة تبدو صوتاً بشرياً حقيقياً، مع القدرة على التكيف مع المحادثة والرد عليها. أو يمكن أن تكون رسالة مسجلة مسبقاً تحول المكالمة مباشرة في النهاية إلى المخادع الذي هو عنصر بشري بمجرد إبداء الضحية اهتماماً بما يحاول المتصل عرضه عليها.إلا أن هناك بارقة أمل وراء التطور التقني والتشريعي في الجهود التي تهدف لضبط هذه المكالمات. فتقنية بروتوكول «شيكن /ستر» تعد بتحديد هوية المتصلين، بما يضمن سد الفجوة التي يدخل منها المخادعون.وتتيح هذه التقنية لمزود خدمات الاتصالات الذي تصدر عنه المكالمات الروبوتية إرفاق شهادة رقمية برسالة المكالمة؛ حتى يتمكن الطرف المتلقي من التحقق من أن المتصل هو فعلاً نفس الشخص الذي يدعيه.وبمجرد أن تصبح تقنيات تحديد هوية المتصل المعتمدة حقيقة واقعة، فإن تطبيقات مكافحة المكالمات الروبوتية المزعجة التي تستخدم معرف المتصل ستكون أكثر فعالية. علاوة على ذلك، قد يقوم معرف المتصل المعتمد أخيراً بإعادة الثقة في نظام الهاتف، بحيث عندما تتلقى مكالمة هاتفية من رقم هاتف البنك الذي تتعامل معه، يمكنك التأكد من أن المصرف الذي تتعامل معه يتصل بك بالفعل.لماذا تتزايد خطورة المكالمات الروبوتية بهذه السرعة؟ترغب هيئة الاتصالات الفيدرالية الأمريكية في أن تبدأ جميع شركات الاتصالات استخدام تقنية «شيكن/ستر» بحلول نهاية العام. وعلى الرغم من أن هذا يمثل خطوة أولى مهمة، فإننا لن ندرك الإمكانات الكاملة لهذه التكنولوجيا حتى تتبناها جميع شركات الاتصالات. ومرد ذلك إلى أنه إذا استخدمت كل شركات الاتصالات نفس التقنية الخاصة بتحديد هوية المتصل، فلن يكون ممكناً تعدد هوية المتصلين، سواء كانوا من البشر أو روبوتات.ولا شك أن الجهود التي تبذلها هيئة الاتصالات الفيدرالية فيما يتعلق بتحديد هوية المتصل سيكون لها أثرها الإيجابي. وفي هذا الإطار نذكر قانون «تريسد» الذي يمنح الهيئة صلاحية تحري مكالمات الروبوت بعد مرور 18 شهراً على بدء الشركات في استخدام تقنية «شيكن/ستر».وعلى الرغم من أن هذه الجهود ربما تقلل عدد مكالمات الروبوت التي تمطر هواتفنا كل يوم، فإنه من غير المحتمل أن تكون علاجاً لجميع المشاكل. فنحن لا نعرف حتى الآن ما يكفي عن نظام عمل تلك الروبوتات بأكمله؛ حيث يجمع المحتالون أرقام الهواتف. لكن من هم المحتالون؟، ومن أين تأتي المكالمات؟، وكيف يكسب المحتالون المال؟، ومن الذي يقع ضحية هذه الحيل؟ وقد لا يكون ممكناً تقييم فعالية جهودنا المضادة للروبوتات بدون خريطة طريق واضحة. على سبيل المثال، قد لا تكون العقوبات التشريعية المتزايدة فعالة بنفس القدر إذا كان معظم المحتالين يعملون خارج السلطة القضائية للولايات المتحدة.للمساعدة في معالجة هذه القضايا، يجب أن يكون هناك جهد متضافر من قبل الهيئات العامة مثل المؤسسة الوطنية للعلوم لتمويل الأبحاث الخاصة بضبط ومكافحة مكالمات الروبوتات؛ لأنه من خلال الدراسة العلمية، يمكننا أن نفهم بشكل أفضل ما الذي يجعل عملية الاحتيال عبر الهاتف فعالة، وما الذي يجعل الضحايا يتساقطون.يجب أن نستمر في البحث عن حلول لإيقاف سيل هذه المكالمات، ويجب أن نواصل هذا الزخم من خلال تمويل البحوث في هذا المجال؛ حتى نتمكن من معالجة الأسباب الجذرية، ووقف تلك الممارسات مرة واحدة وإلى الأبد. * أستاذ مساعد في جامعة أريزونا
مشاركة :